الاحوال الشخصية والطريق الى الدولة الدينية !

 

 

عامر القيسي

دون أي ألاعيب كلامية والتباسات فكرية ، نستنتج من الجو العام للمشهد السياسي في البلاد ، إن القيادات السياسية الشيعية ، بدعم واسناد من معظم رجال الدين الشيعة ، ماضية باتجاه الحفر في الحجر لتأسيس دولة دينية بقوى ناعمة غطاؤها ديمقراطي ومحتواها محشور بواقع اختلال التوازن المجتمعي والسياسي لتمرير مستلزمات التطرف الديني الاحادي على مجتمع التنوع ، أو كما يكذبون دائما بحبهم لهذا التنوع ويسمونه الفسيفساء العراقي أو شدّة الورد العراقية

!

القيادات الشيعية السياسية ، ربما للمرّة الاولى تنتفع من التأريخ غير الاسلامي ، تعتمد نظرية ” الخطوة خطوة ” الكيسنجرية ، نسبة الى وزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر الذي صاغ هذه النظرية القائمة على فلسفة “تفكيك القضايا والأزمات إلى عناصر وتفاصيل أصغر لفهمها ثم إعادة تركيبها بما يتناسب مع الحقائق الجديدة”، متبوعة بملحق “الرحلات المكوكية” التي طبقها في أزمات فيتنام والصين والشرق الأوسط !

 

لن ندخل في تفاصيل التعديلات المقترحة على قانون الاحوال الشخصية ، فالشيطان يكمن في التفاصيل ، المدخل هو جوهر الذهاب الى تأسيس متدرج وتضليلي لمتبنيات الدولة الدينية الشيعية على مستوى فرض انماطاً سلوكية على المجتمع بالتخويف أو الاستثمار الامثل للتفوق البرلماني الذي انتجته انتخابات لاتمثل سوى 20% من اتجاهات الرأي في المجتمع العراقي.

 

المؤكد ان الاطار التنسيقي ماضٍ في تشريع تعديلات على قانون الاحوال الشخصية متغافلاً الأصوات والاتجاهات التي عارضت وتعارض هذه التعديلات التي تتنافى مع حقوق المرأة والطفولة وحقوق الانسان . اعتماد التنسيقي على اختلال التوازنات في المشهد السياسي في البلاد ، دون ادراك الأبعاد السلبية الاجتماعية والسياسية لهذه التعديلات القائمة على مبدا الاقوى والاكثرية وحقوق المذهب تطيح بمبدأ الدولة الحضارية القائمة على مبدأ المواطنة والتي لاتخل لابثوابت الاسلام ولا النظام الديمقراطي المفترض!

 

الطريق الى الدولة الدينية عبر مصادرة حقوق المرأة والطفولة وخلق ارضية اجتماعية لانقسامات مجتمعية حادة ، طريق محفوف بالمخاطر لكّن الاخ الكبير مازال لايعي خطورة السير في هذا الطريق وهو يختاره باسلوب القوى الناعمة التي تجّير الاكثرية والديمقراطية لغير مقاصدهما الايجابية.

 

بصريح العبارة ان المضي بسياسة ” الخطوة خطوة ” نحو الدولة الدينية بغطائها الحالي او بكل اشكالها وتنوعاتها هو سير باتجاه تفتيت البلاد والعباد فاتحة شهية كل الافكار التي تعتقد ان تقسيم العراق هو الطريق الامثل لتفكيك ازماته وحلولها . الناجزة”…

قد يعجبك ايضا