نهاد الحديثي
قال الأكاديمي والسياسي البرفيسور نديم الجابري, أغلب القوى السياسية غير مؤمنة بالديمقراطية، بل كانت تعتبرها كفر وإلحاد ومن أدوات الشيطان حتى ثمانينات القرن الماضي حين قبلوا بالديمقراطية لكي يتم تقبلهم في المجتمع الدولي، لكنهم إلى حد اليوم لا يقبلونها كفلسفة, مضيفا ان القوى الحاكمة “تعمل على أسلمة الدولة العراقية بالتدريج، وقد خاضت معركتين في هذا الاتجاه، الأولى عبر زج فقهاء في المحكمة الاتحادية، والثانية عبر تغيير قانون الأحوال الشخصية, مستطردا ان التدخلات الأمريكية في الشأن الداخلي العراقي بعضها سلبي وبعضها إيجابي، ومن تدخلاتها الإيجابية أن واشنطن فرضت على الطبقة السياسية بعد 2003 الخيار الديمقراطي، وأن القوى السياسية لو كان الأمر بيدها لاختارت نظام ولاية الفقيه، لكن الأمريكان لم يعطوا فرصة لتطبيق النموذج الإسلامي في العراق لأن ذلك كان سيحرجهم كثيراً أمام الرأي العام الأمريكي، ولذلك لم يسمحوا بأن يأتي رئيس وزراء معمم.
سياسيونا واحزابهم يريدون عودتنا لقرون سابقة , ويطالبون بتشريع قضايا مذهبية للعصور الوسطى وماقبل الاسلام , منها تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي وصفها بالمهمة, وكأن عراق اليوم متفوق صحيا واجتماعيا وتعليميا , وكأن تشريع القوانين مستمدة من قلب الشريعة الاسلامية او تلك المستمدة من الجامعات الفرنسية , وبعضهم يوغل في حقده على الوطن والمواطن وينادون بتغيير قانون العقوبات ، والمحكمة الاتحادية وكل القوانين في العراق يجب أن تعود الأمور بيد الفقهاء ، في هذه البلاد ,منذ سنوات اكتشف الناس ولو متأخرين أن سياسيّي الطوائف لم يقدموا لهذا الوطن سوى أداء كاريكاتيرياً مضحكاً، وأن مرشحيهم كانوا يُخبّئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الوطنية العراقية.
ديمقراطيتنا مزيفة بل عرجاء ومغطاة بالاستبداد والانفراد بالقرارات, ومازالت قراراتهم لا تحضى باحترام الشعب , والاحزاب الاسلامية تَحتكر الثروة والمال على نُخب السلطة فقط، وأن تبادر أي جهة توالت على حكم هذا الشعب إلى توفير أبسط حقوقه التي يطالب بها وهي فرص عمل، وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب وبعض المقومات الحياتية التي لا تعدو كونها حقوقاً للمواطنين، بدل أن تخرج تلك الجموع تطالب بانتزاع حقوق مشروعة لها.
إننا اليوم في العراق نعاني من أزمة اجتماعية كبيرة وخطيرة، قام الإسلام السياسي بتغذيتها ، ونرى اليوم من يعمل على توسعتها لتحتل الصدارة, إننا اليوم بحاجة حقيقية لبناء حركة شعبية واسعة بشعارات وطنية مناهضة للطائفية السياسية والعشائرية والقبلية وهي الركائز التي يعتمد عليها الإسلام السياسي لتمرير مشروعه الفاشي، حركة شعبية تدعو وتعمل على الإسراع في تغيير شكل نظام الحكم المحاصصاتي القائم اليوم.
ما ذنب الجماهير المكتوية بنار الفقر والبطالة وفساد السلطة، باستخدامها لكل الوسائل والأساليب السلمية من خلال التظاهرات والاعتصامات والمنابر الإعلامية، وزجّ منظمات المجتمع المدني في هذا النضال الوطني, وقوات الشغب تمارس ضدها اطلاق قنابر الدخان والضرب والاعتقال تلك هي ديمقراطيتنا الكسيحة, على القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية الحقيقية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد حياة شعبنا، أن تعمل على تعريف الفاشية وخطرها على البلاد.
افهموا ايها السادة ـــ إن نيل شرف خدمة الوطن يتطلب الوفاء بالواجبات الوطنية العظيمة التي نصَّت عليها الأنظمة والقوانين الصَّادرة من الدولة، وإذا كانت الواجبات الوطنية العظيمة تتعدد وتتنوع بحيث تشمل جميع المجالات، فإنه يأتي على رأسها خدمة المصالح العليا والعامة للوطن والمواطن، والدفاع عن الوطن بما يُعزز أمنه واستقراره