د. توفيق رفيق التونچي
الجزء الاول
سويسرا دولة شعوب وفيها عدد من القوميات وقاسمها المشترك هو الوطن وكل تلك القوميات يعيشون في وئام اجتماعي ولم يذكر التأريخ اي حرب ونعرات بينهم على الأقل على ارض الوطن السويسري. هذا النموذج الفريد لتعايش القوميات والطوائف ادى الى انتشار أفكار تدعوا الى سياسة الحياد تجاه ما يجري من صراع وحروب بين الدول الأوربية. الفكر القومي انتشر في الفترة الأخيرة بين شعوبها وخاصة الشعور بالكراهية تجاه اللاجئين وتلك مشكلة في معظم دول اوربا.
السويد كذلك دولة أقاليم وتعتبر دولة تعددية عقائديا وقوميا حيث شعب الشمال من النورلانديين الشماليين يسموهم كذلك (السام) ولهم ثقافتهم ولغتهم وعاداتهم المختلفة تماما من الشعوب الإسكندنافية كما ان هناك عدد كبير من أصول فلندية وبلجيكية ومن مملكة الأراضي المنخفضة ودول أخرى كثيرة ،وكانت ولا تزال ثقافة الشعب مختلطة تأثرت كثير وفي فترات تأريخية بالفرنسية، التي تنحدر منها العائلة الملكية الحاكمة والألمانية واليوم الأنجلو سكسونية.
سأحاول ان اعرض للقارئ الكريم حقائق حول نظام الحكم والإدارة في مملكة السويد لمعرفتي عن قرب بهذا النظام المستقر في اوربا، ولم يدخل البلاد في اي حروب في اوربا باستثناء فترة زمنية قصيرة تسمى ب Stormaktstiden، فترة الحكم العظيم حيث كانت تحكم المنطقة حول بحر بلطيق ولا تزال أثارها الثقافية في كلمات نشيدها الوطني وعلى شعار عملتها ذو التيجان الثلاث.
“السويد هي أحدى دول شمال اروبا ذو نظام حكم ملكي برلماني ديمقراطي يتكون البرلمان من 349 نائبا يتم انتخابهم عبر انتخابات عامة كل أربع سنوات و يعتبر الملك ” كارل گوستاف السادس عشر ” الذي اعتلى العرش منذ 1973 ويعتلي أبناء وبنات عائلة برنادوته الفرنسية العرش الملكي السويدي منذ 1810 ويعتبر الملك رمزا للدولة ومهامه رمزية ولا يتدخل في الأمور السياسية ولا يبدي رأيه فيها ويعتبر رئيسا للدولة حيث يفتتح أول دورة يعقدها البرلمان بعد كل انتخاب عام ويرأس كذلك لجنة المعلومات التي يجتمع فيها مع نواب الحكومة”
كنت دوما أتساءل هل حين ينتهون من ترتيب البيت الأوربي وإعادة خارطته الجغرافية والسياسية الى ما كانت عليها عشية الحرب العالمية الأولى سياتي دور الشرق وتعاد تقسيم خارطتها كذلك.
لكن عن اي ترتيب نتحدث لان معظم شعوب الشرق جاءوا الى المنطقة في فترات تأريخية مختلفة وكل يدعي اليوم بانهم من السكان الأصليين للبلد. هنا في تحليلنا نعود فقط الى فترة انتشار الدين الإسلامي قبل ما يقارب الف وخمسمائة عام اما شعوب وتأريخ الحضارات العراقية القديمة فبحث اخر ومن الطبيعي ان يؤلف الشعب العراقي الحالي شعوب تلك الحضارات من سومرية، حثية، بابلية، ميتانية، عيلامية، اشورية، ساسانية، عربية، مغولية، عثمانية والحضارات الأخرى تكون أسس البوتقة البشرية المكونة لسكان المنطقة. الشعوب التركية التي قدمت الى المنطقة من الشمال من أواسط أسيا ومن الجنوب العربية من الجزيرة العربية غيرت جذريا التكوين الثقافي والديني لشعوب المنطقة. لم تكن تلك الهجرات سلمية دائما، بل ان تلك الشعوب جاءت محاربة وهادمة غازية ولا توجد مدينة لم تدك أسوارها وهدم بنيانها في الحضارات القديمة بيد المحتلين. لم تكن هدف هجماتها مسالمة، بل جاءت عن طريق الحروب والاحتلال.
واذا نظرنا الى تأريخ الشعوب الكبيرة المهيمنة اليوم على مقدرات المنطقة نرى ان العرب اكبر تلك الشعوب وهي جاءت نتيجة الغزوات والحروب في فترة نشر الديانة الإسلامية بين الشعوب التي كانت تحكم تحت ثلاث إمبراطوريات المصرية البيزنطيين والساسانية. والأتراك جاؤوا للمنطقة من أواسط أسيا.
لنرى اليوم ماذا حصل بهؤلاء القوى الثلاث. البيزنطية اختفت وبقى جزء صغير منها في دولة اليونان في حين احتل الأتراك جميع أراضي بيزنطة وخسرها لاحقا في الحرب العالمية الأولى مع انهيار الدولة العثمانية وتمكنت نتيجة حرب التحرير من المحافظة على حدود تركيا الحالية. المصرية اختفت من الوجود كثقافة تاركا أثارا خالدة في مصر نتيجة لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية. وهذا ما حصل كذلك في معظم الدول الإسلامية في أفريقيا كالسودان أثيوبيا موريتانيا أريتيريا الصومال المغرب والدول الأخرى فيما تعرب بالكامل شعوبها وتركت حضارتها وثقافتها ولغتها القديمة. اما الساسانية التي كانت عاصمتها طيسفون جنوب بغداد ٤٠ كم والمنطقة المسماة بالمدائن في سلمان باك فد بقت منها فقط طاق قصر الملك كسرى ليومنا هذا وتعرب الشعب جزئيا فيما بقى الكورد محتفظين بلغتهم وثقافاهم وعاداتهم وتقاليدهم رغم دخولهم الدين الإسلامي الحنيف. دون معرفة هذه الحقائق لا يمكن الحديث عن شرق أوسط جديد لأننا وببساطة نحن قد ورثنا كل هذا التاريخ ونعيشها في حياتنا اليومية. هيمنة شعب واحد على السلطة فشلت كنظام في العالم وفي الشرق الذي يعتبر دولها من صنع سايكس و بيكو كنتيجة لإنهيار الدولة العثمانية.
النموذج السويدي المطبق في مملكة السويد للادارة والحكم لجدير بالدراسة هذه المملكة التي تقع على الطرف الشمالي من القارة الأوربية جديرة بالدراسة والتمعن. سأحاول ان اعرض للقارئ الكريم هيكل التنظيم في المملكة والتي لم تر الحرب منذ ما يقارب القرنين.
“المملكة السويدية تمتد على مساحة تصل إلى حوالي450 آلف كيلو متر مربع أي اكبر بقليل من مساحة العراق وتصل المسافة من شمالها إلى جنوبها إلى 1574 كيلو متر في حين تصل المسافة من شرقها إلى غربها إلى 499 كم أما أعلى جبل فيها فيصل ارتفاعه إلى 2117 متر فوق مستوى سطح البحر ويسمى جبل “كبناكيسي” تنتشر آلاف البحيرات في السويد وتعتبر بحيرة” فنرن” أكبرها إذ تصل مساحتها إلى 5585 كم مربع تليها في المساحة بحيرة “فتترن”1912 كم مربع”
مملكة السويد تعتبر خامس أكبر دولة في أوروبا وأكبر دول الشمال. على الرغم من حجم اراضيها لكنها تفتقر للطاقة البشرية اذ لا يتعدى عدد سكانها العشر ملايين نسمة وبذلك تعتبر ثاني أقل دولة من ناحية الكثافة السكانية في أوروبا.
تغطي مساحة مملكة السويد معظم شبه الجزيرة الاسكندنافية، وتتقاسمها غربا مع مملكة النرويج. كما أنها تقع على حدود فنلندا وتتصل بالدنمارك عبر جسر ونفق أوريسند الشهير. المملكة تغطيها الغابات حيث تصل الكثافة النباتية فيها الى ثلثي مساحة الجزء اليابس. الطاقة المائية متوفرة في البلاد وتوجد حوالي 96.000 بحيرة و268.000 جزيرة صغيرة مع خلجانها. تتميز العاصمة ستوكهولم بكونها مدبنة تتالف من 14 جزيرة حيث تلتقي بحيرة مالارين ببحر البلطيق.
معظم سكان المملكة من الحضر حيث ان نسبة 85% من سكانها من سكنة المدن. تحتل السويد المرتبة 23 في قائمة أغنى دول العالم. من المعروف بان المملكة فيها احد اعلى معادلات الضرائب التصاعدية.
المجتمع السويدي مجتمع مفتوح سلمي يعتبر الرفاه الاجتماعي احد اكبر مميزاتها كمجتمع حديث صناعي متحضر. نظام الحكم فيه ملكي ويعتمد إداريا على نظام الأقاليم والبلديات التي بدورها لها استقلالية كاملة من المركز وتفرض الضريبة على المواطنين القاطنين في بلدياتها، ولها مجالسها المنتخبة ومستشاريها، ولكنها مرتبط بسياسة المركز من الناحية الدفاعية والخارجية والمالية وأمور أخرى. هذا النموذج يعتبر نموذجا بديلا في السياسة العالمية فقد اختارت المملكة سياسة الحياد في السياسة الخارجية. المملكة عضوة في الاتحاد الأوربي وفي حلف الناتو، ولكنها تحتفظ ببعض المميزات الاستثنائية ولا تستخدم عملة اليورو الأوربية في الوقت الحاضر.
يروى ان أحد رجال الدين الأفاضل قال في ختام زيارته للسويد قبل ان يقفل راجعا إلى جنوب أفريقيا بأنه وجد فيها الإسلام ولم يجد المسلمون وربما لما لمسه في السويد من نظام دولة العدل والمساواة والحق والقانون والنظام الاجتماعي العادل فريد من نوعه حيث التوزيع العادل للدخل وتوزيع الحقوق والواجبات ونظام اجتماعي عادل يضمن حقوق الإنسان منذ الساعات الأولى وهو جنين في رحم أمه مرورا بطفولته وشبابه ونضوجه وشيخوخته إلى يوم تأتيه المنية ليواجه وجه الحق تعالى .
والسويد قارئي الكريم أحدى دول شمال اروبا ذو نظام حكم ملكي برلماني ديمقراطي يتكون البرلمان من 349 نائبا يتم انتخابهم عبر انتخابات عامة كل أربع سنوات و يعتبر الملك ” كارل گوستاف السادس عشر ” الذي اعتلى العرش منذ 1973 ويعتلي أبناء وبنات عائلة برنادوته الفرنسية العرش الملكي السويدي منذ 1810 ويعتبر الملك رمزا للدولة ومهامه رمزية ولا يتدخل في الأمور السياسية ولا يبدي رأيه فيها ويعتبر رئيسا للدولة حيث يفتتح أول دورة يعقدها البرلمان بعد كل انتخاب عام ويرأس كذلك لجنة المعلومات التي يجتمع فيها مع نواب الحكومة ويرأس كذلك هيئة الخارجية ويمثل الدفاع والقوات المسلحة بينما يكون عضوا فخريا في العديد من وحدات الجيش يوقع على وثائق وأوراق اعتماد السفراء السويديين في الخارج ويستقبل الوفود الرسمية لا يتدخل قط بأمور السياسة وقرارات الحكومة والدولة حيث يقوم الدستور بتنظيم مهامه ولا يحق لغير أعضاء البرلمان بالبت وبمناقشة تغير تلك المهام والصلاحيات ويكون قرار مجلس البرلمان قرار مكررا في دورتين لمجلسين برلمانيين إي بعد إجراء انتخابات برلمانية بعد أربع سنوات. للملك وعائلته حق التصويت في الانتخابات وعليهم حقوق دفع الضرائب والإقرار الضريبي السنوي أسوة بالمواطنين العاديين.
كان لموقع السويد أهمية كبيرة في تحولها من كافة النواحي إلى نموذج بديل تختلط فيه كافة الاتجاهات والأفكار في إدارة الحكم والدولة ليس فقط نتيجة مجاورتها في حدودها البحرية الطويلة مع جمهوريات الاتحاد السوفيتي المنهارة، بل كذلك لعدم دخولها الحربين العالميين الأخيرين ووقوفها على الحياد بعد ان كانت قد خاضت 31 حربا إلى عام 1521 حيث ان السويد لم يرى الحرب منذ عام 1814 إي خلال اكثىر 200 عاما الأخيرة بعد ان كانت في يوم من الأيام إمبراطورية تشمل شمال المانيا و بولندا ودول البلطيق وروسيا والعديد من دول الشمال. هذا التاريخ والجغرافية السياسية أعطت للدبلوماسية السويدية الهادئة في الهيئات والمحافل الدولية دوما دورا أساسيا في حل النزاعات بالطرق السلمية. في بحثي هذا أحاول ان أسلط الضوء على التطور التاريخي لمفهوم الدولة السويدية وهيكلة نظامها.
التسمية الرسمية لدولة السويد هي : المملكة السويدية تمتد على مساحة تصل إلى حوالي450 آلف كيلو متر مربع أي اكبر بقليل من مساحة العراق وتصل المسافة من شمالها إلى جنوبها إلى 1574 كيلو متر في حين تصل المسافة من شرقها إلى غربها إلى 499 كم أما أعلى جبل فيها فيصل ارتفاعه إلى 2117 متر فوق مستوى سطح البحر ويسمى جبل “كبناكيسي” تنتشر آلاف البحيرات في السويد وتعتبر بحيرة” فنرن” أكبرها إذ تصل مساحتها إلى 5585 كم مربع تليها في المساحة بحيرة “فتترن”1912 كم مربع وبما ان السويد مع جارتها النروج يكونان شبه جزيرة يحيطها البحر من ثلاثة أطراف فقد انتشرت الخلجان والجزر بأعداد هائلة وتعتبر جزيرة” گوتلاند “أكبرها إذ تصل مساحتها الإجمالية إلى 3140 كم مربع. أما أطول أنهارها فيسمى نهر مونيو _ تورنه بطول 570 كم يليها نهر دال بطول 520 كم وانهار كثيرة أخرى تتعدى الثلاثون ومساقط مائية وشلالات. يصل عدد سكان السويد الى حوالي 8،9 مليون نسمة ومعدل طول العمر للرجال 75،6 وللنساء 81 عاما.
” ستوكهولم” العاصمة واكبر مدن المملكة تليها مدينة” گوتابورگ ” ومن ثم مدينة” مالمو” في عدد السكان والاتساع. اللغة الرسمية السويدية وهي من اللغات المعروفة تحت تسمية الهندو أوربية وشبيهة باللغة المحكية في النروج والدنمارك فيها العديد من المفردات الفرنسية والألمانية وقد تأثرت في الفترة اللاحقة بالثقافة الأمريكية فنرى العديد من الكلمات من الإنگليزية الأمريكية كما ومن المتوقع للزائر ان يجد كلمات شرقية ك “الكباب” بعد ان وصل عدد المهاجرين في السويد الى اكثر من 8% من عدد سكانها الإجمالي وهناك العديد من لغات المهاجرين وأقلية من شعب السام كما أسلفت يتكلمون اللغة الأدبية ويتمتعون بحكم ذاتي وبرلمان محلي قومي. تكون الغابات ثروة وطنية في السويد ويبلغ متوسط معدل الدخل السنوي الوطني للفرد السويدي 23750 دولار سنويا. أنظمت السويد الى الأمم المتحدة عام 1946.