التآخي – ناهي العامري
استضاف منتدى بيتنا الثقافي الكاتب قاسم مشكور، لتقديم محاضرة بعنوان (العلم والايمان.. توافق أم تفارق).
بدأ مشكور محاضرته بمقارنة بديهية، حيث قال: كما يعلم الجميع ان العلم له آلياته المادية الصرفة، فحينما يقول ان الماء مكون من غازي الاوكسجين والهيدروجين، فانه يثبت ذلك بالتجربة، اما الدين فهو يخاطب الارواح، ويؤمن بالغيب، بشهادة القرآن الكريم، كما جاء في سورة البقرة ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب)، بما يعني ان الايمان يدعو الى التسليم بالوقائع دون دليل.
بعد ذلك عكف مشكور الى تقسيم محاضرته الى اربعة محاور:
المحور الأول هو الحاجة الى الدين، حيث ان لمجتمعنا حاجاته الروحية، التي يطمئن لها في حياته اليومية، فهناك البعد الروحي بين الانسان وخالقه، واستطاع الدين ان يغمر الانسان باعرافه ومفاهيمه الغيبية، وشكل خلاصة حياته، ذلك لأن الدين تصدى لأهم قضايا الناس المصيرية، واولها الموت، واضحى الميل الى الدين حالة فطرية، لا تحتاج الى دعوات او دروس، ما يعني وجود الدين نشأ من حاجات الانسان منذ الازل، حينما جعل من الحيوانات ومن ثم الظواهر الطبيعية آلهةً للعبادة، لذا فان عباداتنا ورثناها عن اسلافنا.
المحور الثاني هو الخطاب الديني، وله شقان، الاول معتدل، ويرى مشكور ان هذا الشق لا وجود له في الحياة الواقعية، ولو دققنا النظر لوجدناه مجرد كلمات على الالسن، ذلك لان الشق الثاني وهو الخطاب المتشدد، أكثر حضورا في الحياة الاجتماعية، وهو يعتمد على آلية التحشيد، ومحكوم بعلتين هما الخرافة الاولى، التي تقول ان الدين وجد ليعلمنا الحلال والحرام، وهذا مجرد كذبة يفضحها الواقع والتاريخ، وينسحب ذلك على الخرافة الثانية التي تقول ان الدين بريء من العمليات الارهابية، واضاف هذا هو المأزق الذي يواجهه الخطاب الديني، الذي يعاني من الاغتصاب الفكري، ولا يمكن له الخروج من مأزقه الا بتحرير الدين من اديولوجيته المتشددة.
المحور الثالث هو التدين الشكلي، الكثيرين يعانون من مغادرة الفضاء الديني الى الفضاء العلمي، لذا نرى عزوف غالبية الشباب عن الدين، لان بعض الصور او لنقل الاعراف الدينية تفتقر الى المنطق والحقيقة، والدين الشكلي منطق الرياء والنفاق، والدليل على ذلك ان الحرب الطائفية ساهم بها المنحرف والوصولي والعقائدي والانتهازي، كتف على كتف لمواجهة الخصوم.
وعرج مشكور الى محوره الرابع الذي سماه مواجهة الذات، وهو ان الدين بمفهومه الشامل والانساني لا يتعارض مع العلم، فالعلم يستخدم التجريب لإيصال المعلومة والايمان يخاطب النفوس، فالدين سلوك انساني، وجدّ لتخفيف خشية الانسان من الطبيعة واهوالها، ويوجه الانسان نحو السلام الداخلي.