رباب طلال
في مسار الحياة، نمر بتجارب كثيرة تغيّر منّا، تجعلنا ننضج، نتعلم، ونرى الأمور من منظور آخر اما أنا فلم أعد أتمسك بالأشياء أو بالأشخاص كما كنت في السابق؛ فقدت تلك الحاجة المُلّحة للإبقاء على كل شيء حيًّا في حياتي، الأشياء تفقد بريقها، والأشخاص يبهتون مع مرور الوقت، ومع هذا التغير، تعلمت أن أكون مرنة في الوداع،لم يعد يثقلني رحيل الأشياء أو انتهاء العلاقات، فأنا أوقن أن كل شيء مؤقت، حتى المشاعر،أصبحت أقول الوداع بلا تردد، كأنني اعتدت الرحيل أو اعتادني الرحيل،أخرج الأشخاص من حياتي عند أول زلة، لم أعد أتحمل خيبات الأمل المتكررة التي كنت أسمح لها بالتسلل إلى حياتي،
ما الذي تغير؟ ربما هو إدراكي بأنني لا أحتاج إلى الآخرين لإكمال حياتي، أو ربما هو النضوج الذي يجعلنا نعيد النظر في ما يستحق فعلاً البقاء وما لا يستحق،لم أعد أمنح الفرص الثانية، لم أعد أسامح أو أتنازل عن حدودي أو مشاعري، كأن مشاعري أصبحت محصنة من الألم، أو ربما تبلدت من كثرة الخيبات،حتى الحب، الذي كان يومًا ما مصدرًا للطاقة والقوة، لم يعد يجرفني كما كان،الآن، أنا من أقرر متى أنهي الحب، متى أخرج من دائرته، متى أتركه خلفي بلا عودة،هذا التغيير لم يأتِ فجأة، بل هو حصيلة سنوات من التجارب والمواقف التي جعلتني أرى الوحدة كرفيقٍ أنسب لي، تتصالح مع وحدتك حينما
تدرك أنها ليست عدوًا، بل صديقٌ جديدٌ يحمل لك السَكينة،لم أعد أبحث عن الإشباع العاطفي من الآخرين، فأنا مكتفية بذاتي،لم أعد أتنازل كما كنت في الماضي، أو أبحث عن ذريعة لتجاوز أخطاء الآخرين، لم أعد أقبل بالحد الأدنى من المشاعر، فأنا أستحق أكثر من ذلك،ربما هذا نضج، أو ربما هو مجرد تعب من الركض خلف حبٍ غير مكتمل، خلف علاقات تستنزفني دون أن تضيف شيئًا لحياتي، الآن، أقف هنا، لا أطلب شيئًا من أحد، مكتفية بذاتي، وهادئة في وحدتي. لقد تغيرت، وأصبحت أعرف قيمتي، ولم أعد أسمح لأحد بأن يأخذ من روحي أكثر مما يستحق.
في النهاية، ربما تكون الوحدة أحيانًا ملاذًا، ووسيلة لإعادة اكتشاف الذات،الأهم هو أن نكون صادقين مع أنفسنا، وأن نعرف متى نودع الأشخاص والأشياء التي لم تعد تضيف شيئًا لحياتنا، في هذا التوازن بين العطاء والحفاظ على الذات، نجد السلام.