لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لإصلاح الدولة

 

(الجزء الثاني )

الدكتور محمد الربيعي

باعتقادي ان إصلاح التعليم يمكن أن يأخذ الأولوية على الإصلاح السياسي في العراق. واستند في هذه الحجة إلى عدة نقاط رئيسية

1- التعليم هو أساس التغيير

يعد التعليم اداة قوية لتحقيق التغيير الاجتماعي والاقتصادي. من خلال تزويد العراقيين بمهارات ومعارف أفضل، يمكنهم المساهمة بشكل أكثر فاعلية في مجتمعهم واقتصادهم. كما يمكن للتعليم ان يساعد على تعزيز التسامح والتفاهم بين مختلف الفئات في العراق، ولفهم خطورة الفساد وإدراك أنه آفة متعددة الأوجه، تخلف وراءها ندوبا عميقة في مختلف جوانب المجتمع، وهو امر ضروري لبناء مجتمع ديمقراطي مستقر

2- جيل متعلم ضروري للإصلاح السياسي

لا يمكن تحقيق إصلاح سياسي حقيقي بدون جيل متعلم ومنور. ان العراقيين المتعلمين هم أكثر قدرة على التفكير النقدي واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبلهم. كما يمكنهم المساهمة بشكل أكثر فاعلية في العملية السياسية ومحاسبة الحكومة

3- التعليم يساعد على تقليل التوتر الطائفي

يمكن للتعليم أن يلعب دورا هاما في تقليل التوتر الطائفي في العراق. من خلال تعليم جميع العراقيين عن تاريخهم وثقافاتهم المختلفة، يمكن للتعليم أن يساعد على بناء جسور التفاهم والاحترام بين مختلف الفئات.

4- صلاح التعليم يحظى بدعم شعبي

ان إصلاح التعليم هو احد أهم القضايا بالنسبة للشعب العراقي. هناك دعم شعبي واسع النطاق لبرامج تهدف إلى تحسين جودة التعليم.

خلاصة القول ان إصلاح التعليم لا يمثل بديلا عن الإصلاح السياسي، بل هو ضروري لخلق الظروف المواتية للإصلاح السياسي الحقيقي.

هل الأولوية لإصلاح التعليم الاولي أم التعليم العالي؟

اصلاح التعليم الاولي والتعليم العالي يمكن ان يكونا متوازيين في الأهمية، ولكن بالرغم من ان العديد من الخبراء يرون ان إصلاح التعليم الأولي يجب أن يكون له الاولوية لاعتقادهم أن الأساس القوي الذي يبنى في المراحل الاولى من التعليم يمكن ان يؤدي الى نتائج أفضل في المراحل التعليمية اللاحقة. بالإضافة الى ذلك، التعليم الاولي يعد الطلاب للتعلم المستمر ويساعد في تطوير المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب. الا ان اصلاح التعليم العالي يمكن ان يتحقق بصورة منفردة لكونه لا يتطلب مثلما يتطلبه التعليم الاولي من وقت طويل ومرادف لإصلاح المجتمع والعائلة والنظام السياسي، بالرغم من ان هذه عناصر مهمة تؤثر في سرعة او فاعلية تحقيقه، وبالتأكيد فأن مجرد الشروع بإصلاحه سيحفز عمليات مشابهة لإصلاح قطاعات الدولة الاخرى والنظام السياسي ككل، ونظرا لان له تأثير مباشر على الابتكار والتنمية الاقتصادية، فلا يعد مجرد خطوة نحو تحسين النظام التعليمي فحسب، بل هو استثمار في مستقبل البحث العلمي والابتكار والتقدم الاقتصادي للبلاد. يمكن للجامعات المُحدثة ان تنتج خريجين مجهزين بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، مما يساهم في تعزيز القدرة الاقتصادية والتنافسية العالمية للبلاد، فالتعليم العالي يعد الطلاب ليس فقط للمهن المتخصصة، بل يعلمهم كيفية التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار. هذه المهارات ضرورية لتطوير منتجات جديدة وخدمات طبية وهندسية وتقنيات يمكن ان تحدث ثورة في الزراعة والصناعة والبيئة وتساهم في النمو الاقتصادي. علاوة على ذلك، البحث العلمي الذي يحدث في الجامعات يمكن ان يؤدي إلى اكتشافات وابتكارات جديدة تساهم في تحسين جودة الحياة ودفع عجلة التقدم العلمي. الجامعات التي تركز على البحث تعد مراكز للأبداع والتفكير الريادي، وتعزز الروابط بين الأكاديميا والصناعة، مما يساعد في تسريع وتيرة التحول الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، سيمكن اصلاح التعليم العالي من تحسين جودة القوى العاملة، مما يعزز الانتاجية ويساهم في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. الجامعات المتميزة تعد الطلاب ليكونوا مواطنين فاعلين ومسؤولين، قادرين على المشاركة بشكل إيجابي في المجتمع.

لذلك، يعتبر إصلاح التعليم العالي استثمارا حيويا يُمكن ان يحقق عوائد طويلة الأمد للمجتمع ككل، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة. في الحصيلة، يمكن للتحسينات في التعليم الأولي أن تعزز جودة التعليم العالي، والعكس صحيح. المهم هو اصلاحات تعالج التحديات في كل مستوى من مستويات التعليم.

قد يعجبك ايضا