الحياة في العشرينات

رباب طلال مدلول

الحياة في العشرينات تشبه دخولك إلى معركة لم تخترها، معركة تبدأ بلا سابق إنذار، حيث تجد نفسك فجأة خارج دفء المراهقة وتُلقى في قسوة العالم الحقيقي، كأنك انتقلت من مرحلة البراءة إلى مرحلة التحدي دون أن تكون مستعدًا تمامًا،تبدأ الأحلام الوردية التي كانت تملأ خيالك في التلاشي تدريجيًا، تواجه الواقع الذي لا مفر منه، وترى أحلامك الكبيرة تتقلص ببطء، وسقف طموحاتك ينخفض حتى تجد نفسك غير قادر على الحلم من جديد، يصبح كل ما يشغلك هو الحصول على أفضل الفرص، سواء في العمل أو في التعلم، تبحث بشغف عن طرق لتطوير نفسك، تقضي ساعات طويلة في تصفح المواقع، تلتهم المعرفة، وتبحث عن مهارات جديدة تساعدك على البقاء على قيد الحياة في هذا العالم الذي يطالبك بالكثير.
التصفح في مواقع التواصل الاجتماعي يتحول تدريجيًا إلى أمر ثانوي، لم يعد يثير فيك أي شغف، تشعر وكأن الوقت الذي تقضيه هناك هو إهدار لطاقتك، تصبح قاسيًا على نفسك، لا ترضى بما حققته حتى الآن، تهلك نفسك بين العمل والدراسة، وكأنك تحاول بكل قوتك أن تبرهن للعالم أنك قادر على النجاح، حتى وإن كان في مجال لم تختره أنت، تخصص جامعي فرضه عليك القدر، ومع مرور الأيام، تبدأ في الشعور بأن كل شيء في العشرينات ضبابي، كأنك تسير في طريق طويل ومجهول،كل يوم هو تحدٍ جديد، صراع بين الرغبة في الاستسلام وترك كل شيء للقدر، وبين الرغبة في إثبات ذاتك والتمسك بأحلامك،
تشعر أن الحياة غير عادلة، خاصة عندما ترى أقرانك يستمتعون بالعطلات، يسافرون، يصنعون الذكريات، بينما تقضي أنت عطلتك في العمل،او في البحث عن عمل ،كأنك محاصر بين التزاماتك ومسؤولياتك، تجد نفسك تكره العشرينات بكل تفاصيلها،تكره ضغوطها ومسؤولياتها التي تثقل كاهلك، القلق الذي يرافقك في كل خطوة، والتعب الذي لا يفارقك، ومع ذلك، تستمر في هذا الصراع الذي يبدو بلا نهاية،صراع بين الرغبة في الطيش وترك كل شيء للقدر، وبين الرغبة في تحقيق شيء يثبت أنك هنا، أنك موجود، وأنك قادر على مواجهة الحياة رغم قسوتها.

قد يعجبك ايضا