تحايل وابتزاز في قلب الحكومة.. تحقيقات رسمية بشأن شبكة ‹محمد جوحي› ودعوات لعقوبات رادعة

 

 

متابعة التآخي

ضمن سياق الفوضى والاحتيال والتزوير المنتشر في العراق، تفجرت فضيحة شبكة الابتزاز داخل مكتب رئيس مجلس الوزراء، في واقعة أثارت ضجة واسعة، واستدعت فتح تحقيق حكومي لتعقب المتورطين بهذه الشبكة، وهو يثير تساؤلات عن سبب انتشار ظاهرة انتحال الصفات بشكل غير مسبوق.

 

وأعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إحالة أحد الموظفين فيه إلى التحقيق بتهمة «تبني» منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يستهدف نواباً في البرلمان، وكذلك مسؤولين في الدولة.

 

 

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان تلقته (باسنيوز)، أن «رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه بتشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتبه، لتبنيه منشوراً مسيئاً لبعض المسؤولين وعدد من أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق».

 

وأضاف البيان، أن «مكتب رئيس مجلس الوزراء يؤكد عدم التهاون مع أي مخالفة للقانون، وهو يدعم كلّ الإجراءات القانونية بهذا الصدد».

 

كواليس وخفايا

وفي تفاصيل الحادثة، قال مصدر مطلع لـ (باسنيوز)، إن «الموظف محمد جوحي، وهو يشغل منصب نائب المدير العام في الدائرة الإدارية لمكتب رئيس الوزراء، انتحل صفة صحفي وإعلامي بارز، حيث أرسل جوحي رسائل مصممة إلى نواب في البرلمان متحدثاً عن ملاحقات قضائية بحق نواب آخرين، بتهم التلاعب بجداول الموازنة».

 

وأضاف المصدر رفض الكشف عن اسمه، أن «التلاعب تم عبر تطبيق وتساب، حيث سمّى هذا الشخص نفسه باسم الإعلامي (سعد البزاز)، ليرسل رسائل بالجملة إلى النواب ومسؤولين في البرلمان، أحياناً يطلب منهم معلومات، ومرات يريد معرفة مسار الأمور السياسية، فضلاً عن التواصل بهدف التحدث عن مسألة انتخاب رئيس البرلمان».

 

وبحسب المصدر، فإن «جوحي حصل على مساعدة من ضابط في جهاز أمني رفيع، حيث يعمل هذا الضابط هاكر، وهو ما يساعده في هذا الأمر».

 

ونددت قناة ‹الشرقية› بهذا الانتحال عبر نشراتها الإخبارية، حيث طالبت الجهات المعنية بضرورة التدخل في الأمر وكشف الشبكة الكبيرة التي تقف وراء الموظف جوحي، فيما تعهدت باللجوء إلى القضاء، باعتبارها المتضرر الأول من هذه الاحتيال الذي مسّ رئيسها الإعلامي (سعد البزاز).

 

وقالت القناة، إن ما نُشر لا يعود إليها بأي حال من الأحوال، وأن منصاتها الرسمية الموثقة بالعلامة الزرقاء لم تنشر تلك الأكاذيب.

 

ظاهرة انتحال الصفات

وتنتشر ظاهرة انتحال الصفة بشكل كبير، ومن بين الفئات التي تستهدفها عمليات انتحال الصفات ضباط الجيش والشرطة في المقدمة، إذ أن هذا الاختيار ليس عشوائيًا، حيث تتيح لهم هذه الصفة الانتقال بحرية والقيام بإجراءات قد تكون قمعية أو تجاوزية دون أن يتعرضوا للتدقيق أو الشك.

 

كما أن الأطباء أيضًا من بين الفئات التي يتم انتحال صفاتها، حيث يستغل المحتالون هذه الصفة لتحقيق مكاسب مالية من خلال تقديم خدمات طبية مزيفة أو بيع أدوية مغشوشة.

 

وفي مجتمع يعاني من ضعف النظام الصحي، يسهل على المحتالين انتحال صفة الطبيب واستغلال حاجة الناس للعلاج والرعاية الطبية، أما المسؤولون الحكوميون والمدراء العامون، فيتم انتحال صفاتهم لتحقيق غايات سياسية أو اقتصادية، حيث يمكن للمحتالين استخدام هذه الصفات للدخول إلى دوائر الدولة أو التفاوض باسم الدولة أو المؤسسة.

 

ما الأسباب؟

ويرى قانونيون أن اللجوء إلى انتحال الصفات يأتي لعدة أسباب، أبرزها ضعف البيئة القانونية وتراخي الإجراءات الرقابية، إذ أن المجتمعات التي تعاني من ضعف النظام القانوني وعدم تطبيق القانون بشكل صارم، يجد المحتالون بيئة مثالية لتنفيذ مخططاتهم دون أن يواجهوا عقوبات رادعة.

 

كما أن الفساد المستشري يلعب دورًا كبيرًا في انتشار هذه الظاهرة، حيث يتواطأ بعض المسؤولين أو يتغاضون عن هذه الممارسات مقابل مكاسب مادية، ما يزيد من تفشي الظاهرة ويجعل مكافحتها أمراً صعباً.

 

وانتحال الصفة سلوك إجرامي يحاول من خلاله المجرم الوصول إلى منافع خاصة، وهو ما ينفي أية علاقة له بالأمراض النفسية أو العقلية، بل كمبدأ قانوني لا يجوز لأي شخص منهم أن يدفع أمام المحكمة بالجنون أو بمرض نفسي، وفق خبراء.

 

بدوره، يرى الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، أن «القوانين العراقية عاقبت بالسجن (10) سنوات على هذه الجريمة واعتبرت الانتفاع المادي جراء ذلك ظرفاً مشدداً يجيز لمحكمة الجنايات تشديد العقوبة وفق المادة (136) من قانون العقوبات»، مشيراً إلى أن «هذه الجريمة من الجرائم المركبة التي يطغى عليها الاحتيال والانتحال، فهي تكون مشددة في حالة انتحال صفات الأجهزة الأمنية وتكون نصب واحتيال في حالة انتحال صفة طبيب أو محامي».

 

وأضاف التميمي لـ (باسنيوز) أن «هذه الجرائم وازدادت مع الابتزاز الالكتروني، وابتزاز الأموال وهو يحتاج إلى جهود استخبارية وتعاون الناس مع الأجهزة الأمنية للوصول لهؤلاء المجرمين».

قد يعجبك ايضا