“من يحمل قلبًا نقيًا يُرهق سريعًا”

رباب طلال

لطالما كنت فتاة باكية، أبكي على كل شيء، كنت مرهفة الإحساس وسريعة التعاطف، أعيش بقلب من زجاج حساس لأبسط شيء، كانت دموعي تنساب بلا تردد على وجهي في لحظات الفرح والحزن، وكما كانوا يقولون عني “أم دميعة”، إذا رأيت قطة صغيرة بلا أم، أبكي بحرقة، أبكي على الأشياء، والأشخاص، والمواقف، وكأن دموعي كانت جزءًا مني، طريقتي الوحيدة للتعبير عن مشاعري العميقة،لكن الآن، شيء غريب يحدث لي، وكأن الدموع جفت بداخلي ولم أعد قادرة على إخراجها، كأن شيئًا ما في داخلي قد انطفأ، نعم، روحي التي كانت تشتعل بالحياة قد خمدت، ولم أعد قادرة على إحيائها من جديد، أصبحت لا أتفاعل مع الأشياء كما في السابق، لا أستطيع الشعور بما حولي، وكأن المشاعر والأحاسيس التي كانت جزءًا من ذاتي قد دفنت عميقًا، ونبت مكانها تبلد حاد يرافقه شعور غريب باللامبالاة، الروح تجهد احيانا وتصبح
هادئة، وكأنها خمدت بعد صراع طويل مع الألم، لقد توقفت دموعي عن الانسياب، وكأنها لم تعد تجد سببًا لذلك، ربما لأنني لم أعد أتحمل الألم الذي كانت هذه الدموع تعبر عنه، أو ربما لأنني ببساطة قد وصلت إلى حدود ما يمكن أن يتحمله القلب، وكما قال جبران خليل
جبران “إن الدموع هي مطر يطهر القلوب”.
لكنني الآن أفتقد هذا المطر، وأشعر بأن قلبي مثقل بألم لا يُحتمل، وما من سبيل لإخراج هذا الثقل، سيظل بداخلي يتراكم، كغيمة داكنة لا تمطر، فتجف الأرض عطشى ولا تجد ما يرويها، كأنني أصبحت ارض جافة تفتقد للمطر، وقلبي يئن تحت وطأة هذا الثقل، ينتظر الفرج لكنه لا يأتي، وكأن هذا الألم قد بات جزءًا مني، لا ينفصل عني.

قد يعجبك ايضا