عمر كوجري
استلم حزب الاتحاد الديمقراطي السلطة من النظام في دمشق بموجب اتفاق شفهي، غير موثّق بإدارة المنطقة الكردية، وحماية البترول، والضرب بيد من حديد لكل من “تسوّل” له نفسه بمعاداة النظام، منذ اندلاع الأحداث في سوريا ربيع 2011 وحتى الآن، وبالفعل كان الحارس الأمين للنظام، وقمع -بعد أن امتلك المال والسلاح- كل المظاهرات التي شاركت بها الجماهير الكردية، والمجلس الوطني، ونجح في تحييد قطاعات واسعة بلغة الترهيب من المشاركة في التغيير في سوريا الجديدة..
في كوردستان سوريا، حاول ب ي د طمس كل معلم كردي بذريعة كلام لا طائل منه عن الأمة الديمقراطية ووحدة الشعوب، وثورة شعوب الشرق الأوسط وغيرها من الشعارات التي لم تكن إلا بالضد من الكرد بطريقة ممنهجة، ومدروسة وباتفاق وتناغم مع جهات استخبارية وازنة.
مارس الاتحاد الديمقراطي عبر أذرعه العسكرية، وخصوصاً تنظيم جوانين شورشكر الكثير من الانتهاكات بحق الكرد في سوريا، من خطف الأطفال والصبية، والاعتقالات العشوائية للناشطين من منتسبي أحزاب المجلس الوطني الكردي، وحتى التصفية الجسدية للعديد من الناشطين الكرد، وتمادى مسلحو الـ ب ي د في ارتكاب قتل جماعي بحقّ الكُرد، ومن ينسى مجزرة عامودا!؟
نتذكّر بألم مجزرة عامودا التي ارتكبتها “قوات تابعة للاتحاد الديمقراطي عام 2013 فأطلقوا النار على متظاهرين سلميين مطالبين بإطلاق سراح بعض المعتقلين لديهم مما أدى الى استشهاد ستة مواطنين كورد من مسنين وشباب وأطفال”.
عامودا الموجوعة من حرائقَ طالت أهلها وناسها منذ خمسينيات القرن الماضي، لم تكن متعافية تماماً من آلامها، حتى يتعالى النحيب من جديد في أزقاتها الموحلة (حتى الآن)..
هذه الـ عامودا الجريحة، جرحت قلبي، وهزّت كيانَ كلّ من شاهد مقابلة السيدة الكردية الشجاعة على شاشة فضائية كردية والتي تحدّثت بقلب باك على ابنتها التي اختطفها مسلحو ب ي د منذ عام 2014 وقالت دموعها إن عشرات المسلحين بسياراتهم وأسلحتهم حاصروا منزلهم، وطالبوا باستعادة ابنتها التي عادت إلى منزل أهلها بقلب مكسور، ولم تعد ترغب بالعودة للقتال في صفوف مسلحي الحزب الذي نعنيه..
مسلحو الـ ب ي د ومعهم جوانين شورشكر لم يوفّروا احتراماً وتقديراً للأم الحزينة، وحينما حاولت منع المختطفين من سوق ابنتها إلى معسكراتهم، غامت الدنيا في أعينهم، وانهالوا عليها ضرباً فظيعاً، ولم يشفقوا على قلب أم يتقطع على خطف ابنتها أمام عينيها..ولم يقتصر الاعتداء الغاشم على الأم وحدها بل شمل باقي أفراد العائلة المذهولين من هول جريمة المعتدين..
الشابة الكردية التي تنتمي إلى هواء وتراب عامودا التي نحبّها، ونجلّ أحزانها التي لا تنتهي، كانت طفلة حينما اختطفت، ورغم كل سنوات “غسل الدماغ” عادة تتحداهم، وأعلنت مفارقتهم، لكنهم لم يمارسوا ” ديمقراطيتهم” النائمة بحق فتاة كردية، ولم يدعوها وشأنها..بل علّموا على جسد أمها، وكسروا أسنانها دون أن يرفّ لهم جفنٌ!!
دموعُ فاطمة الوجيعة المرأة الكردية العامودية لن تكون الأخيرة، طالما ثمة انصياع لا حدّ له، ثمة خوفٌ يهدم أيةَ ثقة بتحدّي الظلم.