صادق الازرقي
عادت كارثة موت ونفوق الأسماك في العراق من جديد من دون ان تلوح في الافق أي بادرة لمعالجة الموقف، سوى اللجوء الى قرار باستيراد اسماك “الكارب” من دول اخرى، وكأن العراق ليس فيه مياه ولا ثروة سمكية.
ونفوق الاسماك يعد مشكلة بيئية خطيرة تكررت في السنوات الأخيرة، لاسيما في أشهر الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
اما اسبابها فمتنوعة منها تلوث المياه، اذ يعد التلوث أحد الأسباب الرئيسة لنفوق الأسماك، اذ قد تتواجد صناعات ومزارع ومستشفيات تصرف مخلفاتها في الأنهار، مما يزيد من مستوى المواد الكيميائية الضارة في الماء، وبعض هذه المواد مثل النترات والفوسفات تؤدي إلى نمو الطحالب بشكل مفرط، ما يؤدي إلى نقص الأوكسجين في الماء.
ان درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى تسخين المياه وتقليل قدرتها على الاحتفاظ بالأوكسجين، مما يؤثر على حياة الأسماك؛ وفي فصول الصيف الحارة، يزداد خطر نفوق الأسماك بسبب نقص الأوكسجين.
كما ان تفشي الأمراض والطفيليات بين الأسماك يؤدي أحيانًا إلى نفوق جماعي، وان ضعف جودة المياه وارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يزيد من تعرض الأسماك للأمراض.
كما ان شح المياه وانخفاض مستويات الأنهار نتيجة السدود أو الجفاف يؤدي إلى تقليل المناطق المناسبة لعيش الأسماك وتزيد كثافتها في أماكن ضيقة، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض ويقلل من توفر الأوكسجين.
والتغيرات المناخية قد تؤدي إلى زيادة مدد الجفاف، وتقلبات في درجة الحرارة، وتغيرات في معدلات هطول الأمطار، مما يسهم في تدهور النظام البيئي للمياه.
وسجلت محافظة ميسان نفوقا جديدا للأسماك في هور الحويزة شرقي المحافظة وهي المرة الثانية التي تنفق فيها أسماك وبأعداد كبيرة في الهور.
ويوضح ناشطون بيئيون ان النفوق يحدث للمرة الثانية في المنطقة الاهوارية نفسها التي حدث فيها النفوق السابق وهي منطقة “الدوب” ضمن اهوار الحويزة الشرقية التابعة لمحافظة ميسان وقد اثبت الفحوصات المختبرية التي اجرتها المؤسسات الحكومية المعنية تواجد نقص حاد في الأوكسجين تسبب بنفوق الأسماك وانحسار الاطلاقات المائية مستبعدين ان تكون هناك سموم تطلق في داخل المياه تقف وراء النفوق، بحسب تعبيرهم.
هذا وأرجعت دائرة بيطرة ميسان نفوق الاسماك في هور الحويزة لتواجد نقص كبير في الأوكسجين المذاب في الماء.
وكان شهر تموز من العام الماضي قد شهد نفوقا كبيرا للأسماك في جنوب العراق، وعلى إثر ذلك أعلنت دائرة البيطرة في وزارة الزراعة العراقية، عن تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب نفوق الأسماك بقضاء المجر.
وقال مدير عام الدائرة، إن “الأسباب الأولية لنفوق الأسماك بقضاء المجر في ميسان، هو قلة المياه وارتفاع نسبة الملوحة”، كاشفا عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق من المستشفى البيطري في العمارة، ووعد بإعلان النتائج مبينا أنه “لا تتواجد أيّ حالة مرضية أدت لنفوق الأسماك”.
وفي الحقيقة فانه كثيرا ما يجري التكتم على الاسباب الحقيقية للنفوق الهائل للأسماك في المياه العراقية، ولا تعرض للرأي العام نتائج التحقيقات والاسباب الفعلية لموت الاسماك.
ان حل مشكلة نفوق الأسماك يتطلب تحسين إدارة الموارد المائية، وتقليل التلوث الصناعي والزراعي، وزيادة التوعية بشأن الحفاظ على البيئات الطبيعية للأحياء المائية.