التآخي : وكالات
لم يكن مجرد فلم، كما غيره من الاعمال في تاريخ الفن الذي لطالما صنع تأثيرًا سياسيا واجتماعيا، تسبب فلم “حياة الماعز” بأزمة في السعودية، وتمكن بغضون شهر من عرضه على منصة نتفلكس، من حشد آراء وعواطف سلبية ضد السعودية التي تكافح بمليارات الدولارات لصناعة تصور وشكل جديد للمملكة امام انظار العالم.
وعلى عكس التصور الشائع عربيا عن الأفلام الهندية التي تتسم بالمبالغة وبتطابق السيناريوهات والقصص، الا ان هذا الفلم الهندي “حياة الماعز” تمكن من حشد رأي عالمي وعربي خصوصًا حول ما يحصل في السعودية تجاه العاملين المغتربين ولاسيما الاسيويين، وفق نظام “الكفيل”، هذا النظام الذي استمر لمدة اكثر من 70 عاما قبل ان تقوم السعودية بالتعديل عليه في 2021، ونظام الكفيل هو ان يجلب صاحب عمل ما، عاملا ويكون هو كفيله، لكن النظام كان عبارة عن “حالة عبودية” حيث يكون العامل عبارة عن عبد لكفيله، ولايستطيع فعل أي شيء الا بموافقة كفيله”.
فلم حياة الماعز، من انتاج هندي، يحكي قصة حقيقية لشاب هندي اسمه نجيب، استطاع الحصول على كفيل فباع منزله في الهند ليستطيع تحمل تكاليف تأشيرة السفر للسعودية لغرض العمل هناك، وعندما وصل الى المطار ولايعرف اللغة وبقي تائهًا بحثا عن كفيله، حتى جاء كفيله الذي اصطحبه الى مكان قاسٍ، وسط صحراء السعودية، وبقي محتجزًا هناك لمدة 3 سنوات تحت معاملة قاسية وطعام قليل وباذن الكفيل، فطال شعره ولحيته واسوَد لونه، كان يعيش ويأكل مع الماعز، حتى انه نسي كيف يتكلم، واصبح يصدر أصواتا مثل أصوات الماعز.
هذه الحياة والعبودية التي لقاها على يد الكفيل، وما حمله الفلم من تصوير وزوايا وجوانب ولحظات عاطفية، تمكنت من سحب الجماهير بشكل كبير وتشكل مشاعر سلبية تجاه السعودية وهذا النظام الذي يسمى بالكفيل، حتى اصبح الفلم الذي عرض لأول مرة في اذار الماضي في السينما، ثم تم عرضه على منصة نتفلكس في تموز الماضي، اصبح الأكثر مشاهدة على المنصة مؤخرًا.
التفاعل الكبير مع الفلم، توزع بين اندماج مع القصة تلبية للرسالة التي كان يريد الفلم ايصالها، وبين غضب سعودي كبير، سواء على المستوى الشعبي او الحكومي، وسط اتهامات للفلم بانه يحاول الإساءة الى السعودية، في الوقت الذي يعمل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه تركي ال الشيخ، بعمل كبير لتغيير وتصدير صورة جديدة للسعودية الى العالم، ليأتي فلم حياة الماعز ليهدد كل هذا.