رسم الفنان الأمريكي جيسن سيلر لصورة الرئيس مسعود بارزاني

 

 

 

متابعة التآخي

 

بناء على طلب مجلة (تايم) الأمريكية المعروفة، رسم الفنان الأمريكي جيسن سيلر، سنة 2014 صورة الرئيس مسعود بارزاني لغلاف المجلة، كأهم شخصية للعام.

 

في حوار خاص مع شبكة رووداو الإعلامية، قال الرسام الأمريكي جيسن سيلر إنه عندما رسم صورة بابا الفاتيكان لغلاف مجلة تايم، أجريت معه مقابلات تلفزيونية عديدة، لكنه لم يتلق المئات من الرسائل، إلا أنه بعدما رسم صورة الرئيس مسعود بارزاني تلقى الكثير من التعليقات والرسائل وأن أكثر من 45 ألف شخص انضموا إلى متابعيه خلال دقيقتين، وأنه استغرب كثيراً وفرح كثيراً، وعرف كم هذه الشخصية محبوبة من خلال الرسائل التي تلقاها.

 

إلى جانب ذلك، يحب جيسن سيلر أن يعرف رأي الرئيس بارزاني في الصورة التي رسمها.

 

وعن هيئة الصورة التي طلبتها تايم، يقول إن المجلة طلبت منه أن يبدو الرئيس بارزاني في الصورة صارماً ينم عن الشعور بالقوة والفخر.

 

وأدناه نصر الحوار الذي أجراه معه ياسمن شريفمنش:

 

رووداو: أود أن أبدأ بهذه الأسئلة، جيسن، عندما طلبت منك مجلة تايم أن ترسم صورة مسعود بارزاني، هل كنت تعرف أي شيء عنه أو عن كوردستان؟

 

جيسن سيلر: كنت أعرف القليل. لم أكن أعرف الكثير في ذلك الوقت، لكنني بالتأكيد كنت أسمع عما يحدث في كوردستان والعراق وإيران، في أغلب الأوقات عندما يكون علي أن أرسم للعديد من المجلات، لا أعرف من هو الشخص المقصود. فقط يتصلون بي ويطلبون أن أرسم الصورة. أول ما أفعله هو البحث عن صور لمعرفة من هو الشخص لأتعرف عليه. ثم أبدأ بجمع المعلومات عنه. بدأت أعرفه أثناء العمل على صورته وشاهدت مقاطع فيديو له على يوتيوب ونظرت إلى صوره، لكن نعم، لم أكن أعرف عنه الكثير قبل أن أبدأ العمل.

 

رووداو: كيف اخترت هذه الصورة؟

 

جيسن سيلر: كيف اخترت الصورة! هل المقصود كيف رسمتها هكذا؟

 

رووداو: كم خياراً كان أمامك؟

 

جيسن سيلر: زودتني مجلة تايم بتعبير خاص، كانوا يريدون شخصية معينة، لم يريدوه ضعيفاً، أرادوه صارماً، وأرادوا أن يبدو وكأنه يشعر بالفخر والقوة. كان هذا كل شيء. فزودوني ببعض الصور أعجبتهم كمصادر للعمل، ثم حصلت بنفسي على بعض الصور التي رأيت أنها جيدة. فبدأت في رسم المخططات حتى شعرت أنه جيد. بعدها انتظرت موافقتهم. عندما أجابوا بالموافقة، بدأت الرسم على الفور، لكن كل شيء كان بناءً على طلبهم إظهار شخصية قوية. هذا كل ما في الأمر. لم يكن الأمر بهذا التعقيد، رسمت الصورة. أمر واحد يمكنني قوله عن هذا النوع من العمل هو أنه في البداية عندما أبدأ، لا أعرف بالضبط ماذا يريد المدير الفني إلى أن أقوم ببعض العمل وأحصل على آراء أولية. أحياناً يقول لك المدير الفني إنهم يريدون صورة الشخص الفلاني وأن يبدو هذا الشخص بطريقة معينة. ثم عندما ترسم الصورة، يقول لك، “أوه، هذا كثير جداً”، أو “هذا ليس كافياً”. لذلك كان هناك البعض من هذا في البداية. في تخطيطي الأول، كان يبدو غاضباً بعض الشيء، لأنني رسمت حاجبيه بشكل أكثر جدية. لأن الصورة كانت بأسلوب فن التخطيط. لا أعلم مدى معرفتك بفن الرسم، لكن فن التخطيط أشد بكثير من الرسم. كان ذلك بمثابة دليل لي، كنت أعلم أن الصورة لن تبدو كذلك عندما أرسمها. كان الشيء الوحيد الذي قالوه عن التخطيط: “إنه يبدو غاضباً بعض الشيء، اجعله أكثر هدوءاً بقليل”. تجاهلت الأمر لأنني قبل أن أبدأ بالرسم كنت أعرف كيف ستكون النتيجة. أحياناً أستمع إلى ما يقولون، وأحياناً أفعل ما يجب أن أفعله بالطريقة الصحيحة. هكذا كان، إن كان ذلك واضحاً.

 

رووداو: حسناً، عندما بدأت بالبحث لتعرف عنه، في فيديوهات يوتيوب وفي الصور، كيف بدا لك؟ أقصد ماذا كان انطباعك عنه؟

 

جيسن سيلر: في الحقيقة، لم يكن لدي الكثير من الوقت للتعرف عليه بالكامل. ركزت في بحثي على شخصيته، كيف كان يمشي ويتحرك، وتعابيره وما إلى ذلك. لم يكن لدي الوقت لقراءة الكثير عنه. الشيء الوحيد الذي تبينته أثناء العمل هو أنه مجرد شخص. في الحقيقة، كنت أتساءل في البداية: “من هو هذا الشخص؟ لماذا تم اختياره لشخصية العام؟ وكنت قد رسمت شخصية العام في السنة السابقة. أعتقد أن هذا كان السبب الوحيد لاختيارهم لي. كنت أتساءل “من هو هذا الشخص؟”، لذا قرأت عنه قليلاً وعرفت من هو، لكن تلك المطالعة لم تكن دراسة متعمقة، بل كانت في الغالب أموراً مرئية. هكذا بحثت في الغالب. إلى جانب ذلك، ما حصلت عليه بخصوص شخصيته، كان أنه زعيم يحترمه الناس بحق. هذا هو الأمر عموماً. لم يكن هناك شيء يذكر لحين صدور المجلة وعندها قرأت المقال وعرفت عنه الكثير، وحصلت على المجلة مطبوعة لأن مجلة تايم لم ترسل لي المقال مسبقاً. ثم عندما قرأته أول مرة، أذكر أني سألت مجلة تايم: “هل هذا موضوع مؤيد أم مضاد؟” لكي أفهم من جوابهم ما هو الموضوع. قالوا إنه موضوع مؤيد وجيد. فقلت: “حسناً”، لأن الرسم يعتمد في الواقع على ما يُرى عادة، وهو ما أفعله.

 

 

هناك شيء آخر في خلفية الصورة، إن كنت قد لاحظت ذلك، توجد في الخلفية سلسلة جبلية باهتة. طلبوا مني أن أصنع شيئاً يجمع كل شيء بصرياً ويكون جميلاً. كانت لدي مجموعة أفكار للخلفية، وبصور مختلفة، ولكن استقر رأيي في الأخير على سلسلة جبلية.

لقد فعلت ذلك عن قصد لأنني أردت أن تبدو كلاسيكية نوعاً ما أو مثل صورة كلاسيكية قديمة. قالوا إنهم يريدون أن يبدو قوياً، ففكرت في الجبل، الجبل القوي. كل شيء متناسق. جزء من هذه العملية كان يدفعني للتفكير في ما هي الرسالة المرئية الأفضل من معرفة كل شيء عن الشخص، لأني في الواقع لم أكن أعرف الكثير عنه. لكن ذلك كان عادياً في نوع العمل الذي أقوم به. ففي أغلب الأحيان أرسم شخصاً لا أعرفه، لكنه ممتع، لأنني عندما أعمل على المشروع أتعلم أشياء نتيجة لعملي.

 

رووداو: عندما بدأت بالرسم، ما هي الملامح والمشاعر التي كنت تريد أن تجسدها على وجهه؟

 

جيسن سيلر: الشيء الذي أحببته في رسمه هو أن عينيه كانتا قويتين للغاية. بعض صوره لم تكن تظهر ذلك، لكني رأيت صوراً أخرى تبرز هذا، عيوناً قوية وجادة ومثبتة. كان ذلك الركن الأساس لعملي. حقاً كنت أركز على ذلك. السبب الذي دفعني للقيام بذلك هو أنني أردت أن تقول الناس عندما تنظر إليه: “واو”، لأنه ينظر مباشرة إلى عينيك. هذا هو الشيء الرئيس. فعندما أرسم الأشخاص، تكون العيون والفم أهم الأشياء لأنها الوسائل التي نتواصل من خلالها مع بعضنا البعض. في بعض الأحيان لا يتعين علينا أن نقول الأشياء بأفواهنا، بل نقولها بأعيننا. فمه مهم في الصورة، لكنه متعلق أكثر بنظرته في الحقيقة، هذا ما كنت أركز عليه أثناء الرسم بشكل عام. أما الأجزاء الأخرى، كالأنف والأعضاء الأخرى، فتعتمد على دقتي في رسمها. الشخصية الرئيسية كانت هنا، في هذه المنطقة. لذا، إذا أنعمت النظر، أحب أن أكون تفصيلياً وحقيقياً جداً في رسم بعض المناطق، وبسيطاً في مناطق أخرى. فعلت نفس الشيء مع وجهه. إذا نظرت إليها، تبدو بسيطة من الحواف. عمامته وسترته بسيطان، السترة أقل تفصيلاً لأنها تلفت الانتباه إلى الوجه. إذا كان كل شيء مفصلاً ودقيقاً بنفس المستوى، لن تعرف أين تنظر من الصورة. هذا أمر مسلّم به. ليتني تمكنت من رؤيتها حتى أتمكن من شرحها بشكل أفضل، فأنا أعتمد الآن على ما أتذكر.

 

رووداو: يقول البعض إنه يبدو غاضباً في الصورة. هل هذا صحيح؟

 

جيسن سيلر: لا، لا أتفق مع هذا الرأي؛ لا أعتقد أنه يبدو غاضباً، أعتقد أنه يبدو جاداً. سألني أشخاص لماذا يبدو غاضباً جداً؟ لا أعرف. ربما لأني لم أكن أعرفه جيداً. الأشخاص الذين يعرفونه أكثر لم يتعودوا على رؤيته هكذا، لكن هذا شيء اعتقدت أنه سيكون قوياً من حيث التعبير. إلى جانب الصور الواقعية لدي الكثير من الأعمال الكاريكاتورية التي هي مضحكة ومبالغ فيها. عندما أرسم صورة واقعية، أستخدم فيها القليل من ذلك، وأحاول أن تكون فيها حركة من خلال العمل على عضلات الوجه المسؤولة عن التعبير والعاطفة. لذلك أعتقد أن مظهره أكثر جدية. لو أردت أن أرسمه غاضباً، لأنزلت حاجبيه أكثر على عينيه، وكان سيبدو هكذا. هذه ليست الصورة. هناك أمر آخر وهو أن فن الرسم موضوعي والناس يستمدون مشاعرهم منه ويفكرون فيه بالطريقة التي يريدون. يعتقد البعض أنها قطعة فنية جيدة جداً، ويعتقد البعض الآخر أنها سيئة. بعد أن أكمل العمل، يكون الأمر قد أنجز، ويصبح متروكاً للناس للتحدث عنه وقول ما يريدون. استغربت عندما أخبرني أول شخص أنه يبدو غاضباً، فقلت: “حقاً؟ لا أعرف”.

 

رووداو: راسلك الكثير من الكورد وتلقيت الكثير من التفاعل. ماذا حدث بعد ذلك؟

 

جيسن سيلر: لم تكن لدي أي فكرة. دعني أطرح الأمر بهذه الطريقة: من المفترض أن يكون البابا الشخصية العظيمة هذه في العالم، لكنني عندما رسمت صورة له لمجلة تايم لشخصية العام وشاهدها المليارات من الناس وكانت لي العديد من الحوارات والبرامج التلفزيونية، لم أتلق مئات الرسائل، بل أرسل عدد قليل من الأشخاص رسائل يقولون فيها إنهم أعجبوا بصورتي، وأراد كثيرون تهنئتي لأنه كان عملاً رائعاً، لكن عندما رسمت صورة مسعود بارزاني، بمجرد قيامي بنشرها، زاد عدد متابعي بما لا يقل عن 45 ألفاً في دقيقتين. كان عندي أكثر بقليل من 100  متابع. لكن عندما نظرت فجأة إلى عدد متابعي صفحتي، قلت: “ماذا يحدث في العالم؟”، وكانت التعليقات والأسئلة كثيرة تحت منشوري. في قسم الرسائل كانت الرسائل ترد الواحدة تلو الأخرى، قلت: “هذا عجيب جداً”. دخلت عليها وقرأتها واحدةً فواحدة، ولم أكن أصدق ما يجري. كان الناس يرسلون لي الصورة أعتقد أنها عُرضت على شاشة التلفزيون وفي أماكن مختلفة. كنت أقول: “هذا غريب جداً”. لم أستطع التفكير في شيء. كان ذلك ساراً للغاية لقد كانت تجربة جميلة حقاً. عندها أدركت كم كان هذا الرجل محبوباً، لأن الناس لم يكونوا يتحدثون عنه فحسب، بل كانوا يشكرونني أيضاً. كانوا يقولون: “شكراً جزيلاً لك على رسم هذه الصورة”.

 

 

وأنا كنت أردد القول: “على الرحب، هذا واجبي”. كنت سعيداً. هذا يجعلني أبذل قصارى جهدي قدر استطاعتي. ثم عندما أفعل شيئاً يجعل الآخرين سعداء، أو يفرحهم، يكون لطيفاً جداً بالنسبة لي. هذا يحدث باستمرار. أحصل دائماً على التعليقات، ولكن ليس بالآلاف. كان ذلك أكثر خارقاً للعادة.

 

رووداو: لو أن مجلة تايم أو أي مكان آخر طلب منك أن تعيد رسم صورته، هل سترسم نفس الصورة أم ترسم واحدة مختلفة لأن لديك الآن معلومات أكثر؟

 

جيسن سيلر: لا، قبل كل شيء، أرسم أحياناً وأرسم نفس الأشخاص والأشياء. ربما رسمت صورة لأوباما ما لا يقل عن 80 مرة، ولم يكن أي منها مشابهاً لغيره على الإطلاق. في بعض الأحيان تبدو الصور بطريقة معينة، بسبب الطريقة التي أشعر بها تجاه الشخص. لكن في أحيان أخرى يعتمد الأمر على القصة، فأنا أصور قصة. إذا لم أتفق مع القصة، لن أنجز العمل. لذا، إن رسمت صورة أخرى لمسعود بارزاني، فسيكون لأنني أتفق مع ما كانوا يفعلون. لكنها لن تكون نفس الصورة، حتى إذا أرادوا نفس النوع من الصور، فقد رسمت هذه الصورة لمجلة تايم، لذا يجب أن تكون هذه الصورة مختلفة.

 

رووداو: كيف ستكون؟

 

جيسن سيلر: يعتمد على، دعنا نقول إذا كان موضوعاً مثل.. لا أعرف كيف أقول ذلك؟ كل هذا يتوقف على موضوع القصة. أن لا أعرف أبداً استخدام طريقة عمل ما في عمل آخر. أي عندما أتلقى مكالمة أو بريداً إلكترونياً بشأن عمل، ويقولون: “يريدون مني أن أرسم صورة فلان وكم سيدفعون لي ومتى يريدون الصورة، مع ملخص عما يريدون مني أن أفعله لأجلهم، ويسألون هل أريد ذلك، ويزودونني بمعلومات. لذا، في الحقيقة، لا أعرف شيئاً حتى أقبل بالعمل. لكن العمل سيختلف تماماً عن أي عمل آخر. ارتحت لسؤالك هذا، لأنه حدث كثيراً أن رسمت صورة لمجلة وأعجبت بها مجلة أخرى. كان الأمر كذلك مع صورة البابا. رسمت صورة للبابا لمجلة دير شبيغل وأعجبت مجلة تايم فطلبت مني أن أرسم نفس الصورة لها. كان علي أن أحاول أن أقول لهم “لا، لن أرسم نفس الشيء، هذا غير منطقي، ولكن يمكننا أن نفعل شيئاً آخر، مثلاً، ما الذي أعجبكم في تلك الصورة حتى أتمكن من إضافة أمور مثل ذلك للصورة لإرضائكم؟”. أنا رسام أعمل لحسابي، لا أدري ما هو العمل الذي سأعمل عليه في الأسبوع المقبل. الأمر دائماً يكتنفه الغموض.

 

رووداو: هل تحب أن تعرف ماذا كان رأي مسعود بارزاني في صورته التي رسمتها؟

 

جيسن سيلر: نعم، أود معرفة رأيه في الصورة، بل أتوق لذلك. ربما يراها ويقول “أوه، سيئة للغاية”، أو قد يقول “كيف فعلت ذلك؟” لذا أنا مهتم جداً بسماع رأيه. لا ضير في ما يقول عنها، فلن أنزعج. إن أعجبتك فقد أعجبتك، وإن لم تعجبك فلن تعجبك. سمعت عدة مرات في حياتي آراء سياسيين أو أشخاص مختلفين بشأن أعمالي. أعجبتهم أحياناً، وفي أحيان أخرى لم تعجبهم، لكن أياً كان الأمر، ما زلت أود أن أعرف أنهم رأوها. الحقيقة هي أن الكثير من الناس أعجبتهم الصور وسعد الناس بها. أعتقد أنها ستعجبه هو أيضاً، لكني أود التحدث معه عن الصورة وأسأله، “كيف وجدتها؟” قد يقول: “هل رسمني هذا الأمريكي المجنون الذي تغطي الوشوم جسمه؟”.

 

رووداو: ما رأيك في كوردستان والكورد؟ فأنت تعلم أنهم يخوضون الآن حرباً. ما رأيك فيهم عموماً؟

 

جيسن سيلر: في الحقيقة أنا لا أعرف ثقافتهم، وطالما الوضع كذلك ويخوضون حرباً، يقاتلون لمنع داعش من احتلال أراضيهم، أكن لهم الكثير من المشاعر. على حد علمي وإدراكي، لا يبدو أن هناك شخصاً آخر غير مسعود بارزاني يمكن أن يقدم شيئاً. لقد أخبرتني سابقاً أن النساء يلتحقن بالجيش، هذا مثير للاهتمام ومفرح من ناحية، لأنني كنت أظن أن النساء لا يقاتلن في الجيش. أعتقد أن هذا عمل شجاع وعظيم للغاية، لكنه يحزنني أيضاً لأني لا أؤيد الحرب مطلقاً. إن حقيقة أن على الجميع أن يشاركوا في الحرب أمر مزعج ومأساوي. أعتقد أنهم شجعان يقفون ضد هؤلاء، لا أعلم إن كان قول هذا لائقاً، يقفون في وجه هذه الحثالات. إنه أمر لا يصدق، لا أفهم، إنه أمر صعب علي. لم يسبق أن انضممت إلى الجيش، ولم أختبر تلك الأشياء من قبل، ولم أختبر الحرب إلا عن بعد. يبدو أن كوردستان مكان منعزل ووحيد في هذه الحرب. هذا دائماً خطير ومحزن للغاية. كما ذكرنا سابقاً، لا يبدو أن أحداً يفعل أي شيء حقيقي بشأن داعش، وخاصة أمريكا. هذا أمر محبط جداً لي، لأنني أعتقد أن أمريكا مسؤولة بطريقة أو بأخرى عما يجري. وهذا أحد الأسباب التي تجعلني لا أمانع في رسم الرسوم الكاريكاتورية التي رسمتها، فأنا لا أستطيع تحمل عمل السياسيين، بغض النظر عن انتماءاتهم، لا أستطيع. لذلك، من خلال الرسوم الكاريكاتورية والأعمال التي أقوم بها، يمكنني أن أنقل قصة، يجب أحياناً أن تكون درساً للسياسيين أو استهزاء بهم. هذه هي الطريقة التي يمكنني المشاركة من خلالها، وفي الحقيقة هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني أن أستخدمها.

 

 

رووداو: ترى ما سبب توجيه الكثير من الكورد رسائل إليك وكتابتهم تعليقات إيجابية على رسمك لصورة مسعود بارزاني؟ برأيك ما هو السبب؟ هل كان السبب أنهم كانوا في حرب؟

 

جيسن سيلر: في الحقيقة، ولكي أكون صادقاً، لا أعرف. أشعر أنه من الواضح أنه شخص يهتمون به ويحبونه بصدق. الشيء الوحيد الذي يمكنني مقارنته به، هو أنه عندما أصبح الرئيس أوباما رئيساً، كان ذلك غريباً بعض الشيء في أمريكا، وكان الناس يتصرفون بغرابة، وكادوا أن يعبدوه. أما قدر تعلق الأمر بي، فقد خيب آمال الكثيرين ولم يف بالكثير من وعوده. إذا تحدثت الآن مع الأميركيين، ستجدهم يشعرون بخيبة أمل كبيرة. على سبيل المثال، رسمت العديد من الصور الجميلة لأوباما، لكن لم يقل الآلاف من الناس شيئاً عنها أو أنهم لم يفرحوا بها. لكن حقيقة أنني رسمت مسعود بارزاني وتلقيت كل ردود الفعل هذه، أستطيع أن أفسرها على أنه شخص يحبه الناس ويثقون به. أنا لا أعرف سياساته ولا أعرف ما الذي تعهد به لشعب كوردستان. كل ما أعرفه هو أن الناس تفاعلوا عاطفياً. هذا كل ما يمكنني التفكير فيه. عندما كتب الناس التعليقات، كان معظمهم يرفق صورته بتعليقه. أعتقد أن بعضهم كانوا جنوداً التقطوا الصور معه وأرسلوها لي ويطلقون عليه اسماً لا أتذكره الآن، ولا أتذكر بالضبط ما هي، لكني تلقيت عشرات الصور من الناس. كان الناس يطلبون مني أن أرسم صورته مرة أخرى، وأن أرسم له المزيد، وأن أرسم صوراً مختلفة، وكانوا يقدمون اقتراحات. أما أنا فكنت أقول إن هذا ليس شيئاً أفعله في وقت فراغي. نعم، من الواضح أنه محبوب جداً، هذا كل ما أعرفه عنه.

 

رووداو: السؤال الأخير هو أنه بينما يحبك الكثير من الكورد ويشكرونك ويشعرون بالامتنان لأنك رسمت صورة رئيسهم. هل لديك رسالة توجهها لهم؟ لأنهم وجهوا لك الكثير من الرسائل.

 

جيسن سيلر: نعم.. هناك شيء جميل وهو أن لي سياسة خاصة بي، عندما يكتب لي أحدهم رسالة، أحاول الرد عليه. كادت زوجتي تصاب بالجنون لأننا كنا في عيد الشكر مع عائلتها، وكنت أجيب عليها واحدة فواحدة، وأقول: “شكراً،” لأن ذلك كان يعني لي الكثير. عندما يقدر الناس ما أفعله، لأنني أعمل بجد. أجل، يسرني أن أشكر الشعب الكوردي على شكره لي للعمل الذي أنجزته، لقد أحببت عملي هذا حقاً. هذا يعني لي الكثير. إن تحريت الصدق، كانت الرسائل كثيرة للغاية، وكان الأمر غريباً جداً. لم أتوقع ذلك أبداً. كان ساراً للغاية. كان مثيراً.

قد يعجبك ايضا