الخرطوم – بشير الذهب
في كل مرة تنجح اسرائيل في استمالة الرأي العام الغربي والمجتمع الدولي نحو مظلوميتها من أجل تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب سواء بإستغلال حادثة مجدل شمس من أجل تحريف الانظار عن المجازر وجرائم الحرب في فلسطين في إطار حرب اقليمية واسعة النطاق. فهل تأتي الضربة النجلاء المتوقعة من محور طهران أم هي تصفية حسابات سياسية ورهان خاسر يهدف الى مزيد من التوسع والتوغل الجيوستراترتيجي في المنطقة ، حوار نفصله مع أورنيلا سكر الباحثة في شؤون الشرق الاوسط والدراسات الاستشراقية ، فيما يلي نص الحوار :
تصعيد متدرج،ما السيناريوهات المتوقعة بشأن التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟
– هنالك سيناريوهين محتملين الاول سيناريو التصعيد المتدرج والذي ارجحه والسبب الرئيسي في ترجيحه هو يعود الى ان التهديدات والمخاطر التي تنطلق من جنوب لبنان باتجاه الجليل الاعلى او غيرها يزداد منسوبها بالتزامن مع استثمار الساحات للحرب الايرانية مع الولايات المتحدة وحلفائها وبالتالي نحن امام مشهد للتصعيد المتدرج من كلا الجانبين والجانب الاسرائيلي اعلن بشكل واضح وصريح بانه لن يتخلى عن مشروعه بنزع اسلحة حزب الله والسبب الرئيسي في ذلك يعود الى ان الحزب لن يلتزم بادنى الاتفاقيات التي ابرمت سواء كان على صعيد مسالة مطالبة الانسحاب خلف الليطاني او حتى عدم توجيه ضربات صاروخية باتجاه المستوطنات في المناطق الشمالية لفلسطين المحتلة وسلاسل التوريد ما زالت مستمرة من الاراضي السورية باتجاه الاراضي اللبنانية اضافه الى استثمار برامج تطوير المسيرات المشترك روسياً ايرانياً اسدياً في مراكز البحوث العلمية السورية كذلك ايضا الجهد الاستخباري من خلال طائرات الاستطلاع الايرانية التي وصلت الى ميليشيا حزب الله واجرت عملية سطا جوي متكاملة لاحدى القواعد العسكرية الاسرائيلية وحددت مراكز القيادة والسيطرة والقدرات العسكرية لتلك القواعد وبناء عليه يعتقد الجانب الاسرائيلي بان المليشيات الايرانية لن تتخلى عن سلوك ونهج حزب الله العدائي تجاه المنطقة فبالتالي هي مضطرة للتعامل مع هذا المتغير بما لا يتعارض مع الرؤى الدولية واستثمار الموقف الدولي من حيث زيارة بنيامين نتنياهو الى واشنطن وطلب الدعم اضافة الى توسيع نطاق الاشتباك من خلال التهديدات الاخيرة التي صرح بها الكثير من المسؤولين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين لما يخص مسالة توسيع نطاق الاشتباك الاسرائيلي مع الميليشيات الايرانية لتشمل حزب الله وباقي المحور الايراني في سوريا بدلالة واضحة على ان المرحلة تشهد اعقد التقاطعات الدولية في لبنان خاصة وان على المحور الاخر الجانب الاسرائيلي ايضا يرجى عمليات سطع جوي ربما لا تفارق السماء اللبنانية وكذلك ايضا المنطقة الجنوبية والوسطى والساحلية من سوريا لكن المتغير الامريكي الطارئ بخصوص عمليات السطح الجوي هي ومشاركة طائرة الاستطلاع الامريكية ار كيو 4 بي جلوبال هوك التي كانت ترصد ايضا ذات المناطق التي تتموضع فيها الميليشيات والميليشيات بشكل عام ترجع عمليات تمويه مستمر من حيث تموضع نقاطها العسكرية او توزيع قطاعاتها العسكرية وصولا الى الاجتماعات على اعلى المستويات السياسية والامنية والعسكرية في كل من سوريا ولبنان وجاء هذا المتغير بالتزامن مع اعلان باكستاني باختفاء اكثر من 50,000 ممن يطلق عليهم زوار كربلاء وارى بان هؤلاء سيوزعون على الجبهات المشتعلة في كل من لبنان وسوريا اضافة الى الاجتماعات التي يجريها الحرس الثوري الايراني في محافظة دير الزور على وجه التحديد والتي تعتبر احد اهم المراكز التي يتموضع فيها برامج ايران للمسيرات سواء كان من ناحية الانتاج او حتى التجميع وصولا الى التدريب كذلك ايضا استقطاب المقاتلين القادمين لدعم الفوضى في سوريا ولبنان والتابعين للمحور الايراني كنقطة اولى ومن ثم توزيعهم على الجبهات.
“ارى بان السيناريو المحتمل بهذا الخصوص هو التصعيد المتدرج على الجبهات وتقدير الموقف ميدانيا من قبل صانع القرار العسكري الميداني وستكون عمليات عبر مراحل تبدا بعمليات جراحية نوعية لاهداف متعددة عبر تنفيذها من خلال اسراب الطائرات المسيرة وصولا الى المقاتلات من الجيل الخامس اف 35 لاستهداف البنية التحتية للمشروع العسكري لميليشيا حزب الله اللبنانية وبناء عليه. ارى بان المرحلة الثانية ستشمل توجيه رسائل مباشرة الى الحاضنة الاجتماعية لمليشيا حزب الله باننا لا نريد الاشتباك معكم ولكن عليكم ان تنفكوا عن الحزب والا تعرض لبنان الى الخطر”
السيناريو الثاني
اجراء عمليات تهدئة في الخطوط الخلفية وذلك باشراف ايراني مباشر وتعهد بانه هم القادرون على ايقاف هذا الاشتباك بشروط وهذه الشروط حتما تعزز مكانة ايران وتستثمر في ملفاتها التفاوضية على مسار البالستي والنووي والمسيرات فبالتالي عملية المشاغلة التي تجريها ايران تحفظ لها عدم الصدام المباشر في داخل اراضي الايرانية وهي بالفعل قادرة على وقف نشاط الميليشيات المرتبطة بها لذلك ستعمل على استثمار المناخ الدولي من خلال بروزها في المشهدين السوري واللبناني على انها هي الوحيدة القادرة على ضبط هذه الميليشيات وهي من تفاوض في مجال التهدئة والتصعيد وعلى المنظومة الدولية ان ترضخ لمطالبها هذا ما ترغب به طهران من خلال فتح هذا المسار لكن ما هو المقابل؟ اعتقد بان المقابل سيتمثل بمسالة تخفيف الضغط الممارس من قبل المنظومة الدولية على ايران بخصوص ملفاتها التفاوضية العالقة وهذا يعتبر اهم الاهداف الاستراتيجية بالنسبة للمشروع الايراني في تموضعه بمنطقه الشرق الاوسط عموما.
سيناريو محتمل
بعد تحذيرات إسرائيل وتهديداتها لحزب الله ما السيناريو المرتقب للتصعيد من جانب إسرائيل ضد لبنان؟
– ارى بان السيناريو المحتمل بهذا الخصوص هو التصعيد المتدرج على الجبهات وتقدير الموقف ميدانيا من قبل صانع القرار العسكري الميداني وستكون عمليات عبر مراحل تبدا بعمليات جراحية نوعية لاهداف متعددة عبر تنفيذها من خلال اسراب الطائرات المسيرة وصولا الى المقاتلات من الجيل الخامس اف 35 لاستهداف البنية التحتية للمشروع العسكري لميليشيا حزب الله اللبنانية وبناء عليه. ارى بان المرحلة الثانية ستشمل توجيه رسائل مباشرة الى الحاضنة الاجتماعية لمليشيا حزب الله باننا لا نريد الاشتباك معكم ولكن عليكم ان تنفكوا عن الحزب والا تعرض لبنان الى الخطر وللاسف فدور الدولة اللبنانية المعطل اليوم من قبل حزب الله لم يعد مقبولا محليا واقليميا ودوليا وسيجلب الويلات الى لبنان بسبب ممارسات وسلوكيات حزب الله في اشتباكه مع المنظومة الدولية تنفيذا لتعليمات منال طهران.
هجوم مجدل شمس كيف تستغله إسرائيل لتوسيع الصراع في المنطقة؟
– اعتقد بان اسرائيل ستستثمر الهجوم على مجدل شمس من حيث الضغط على المنظمات الاممية بانها تتعرض لهجمات صاروخية واسعه النطاق من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني وهي مضطره للرد المباشر ولذلك هذه الصورة التي وصلت من مجدل شمس ربما قد تتكرر في لبنان فيما لو نشبت الحرب لذلك هي تسحب الذرائع من يد حزب الله تدريجيا من خلال تلك المجازر التي نفذت ومن ثم تبدأ بالانقضاض المباشر على الجنوب اللبناني وربما قد تشمل تلك الحرب الوصول الى بيروت هذا ما يريد ايصاله الجامعة الاسرائيلي للمنظومة الدولية بانهم مجبرون للدفاع عن امنهم القومي سيقومون باجراء تلك الحرب وانهم لا يرغبون بالحرب اطلاقا لكن استدامة التهديدات والمخاطر التي تنطلق من حزب الله يتطلب اتخاذ هذا الاجراء الحاسم وفق رؤية صانع القرار في تل ابيب.
هل تصعد إسرائيل من هجماتها ضد جنوب لبنان لتزيد من تصعيدها العسكري في غزة؟
لا اعتقد بان هنالك ارتباط ما بين الساحات الشمالية والجنوبية في فلسطين محتلة وان مشروع وحدة الساحات قد تم تاكيد افشاله من خلال التصريحات الرسمية التي كان يبديها زعيم مليشيا حزب الله والذي قال منذ اللحظات الاولى لما قبل الاجتياح بانه فيما لو اقدمت اسرائيل على اجتياح غزة فانه مضطر لأمطار تل ابيب بالصواريخ لكن ما حصل هو اشتباك مع العمود لا اكثر ولم تاتي التعليمات من طهران بتوسيع نطاق الاشتباك على الحدود لذلك هو ملتزم باالأتفاقيات المبرمة ما بين طهران والمنظومة الدولية لما يخص موضوع التصعيد من عدمه في المنطقة العربية فبالتالي لا يمكن ربط معركة الجنوب مع الشمال بدلالة انه في السابع من اكتوبر كانت تجري هنالك اشتباكات في الشمال ولم يكن هناك اتخاذ لقرار فتح حرب في قطاع غزه لذلك الجبهات منفصلة بشكل شبه مطلق وان اتخاذ القرار فقط من اجل التنسيق لا اكثر وملف غزه حتى ان لم يتم تسويته فاسرائيل مضطرة للتعامل مع التهديدات وفق امنها القومي وهذا ما يصرح به الكثير من المسؤولين وبناء عليه ارى بان الحرب منفصلة بشكل شبه كامل في الجنوب عن الشمال.
كيف يتعامل حزب الله مع هذا التصعيد مع إسرائيل؟
– اعتقد بان ميليشيا حزب الله تتعامل مع المسالة بتكتيك امتصاص الغضب الاسرائيلي لما بعد سقوط الصاروخ في مجدل شمس وبناء عليه لا ارى ان لدى حزب الله الجرأة الكافية لتجاوز الخطوط الحمراء الايرانية في التعامل مع الجانب الاسرائيلي ما لم يحصل هنالك متغير يضر بمصالح ايران في المنطقة العربية وسيبقى الحزب يلجا الى التهدئة خشية توسيع النطاق في الحرب القادمة ويحاول سحب الذرائع من قبل اسرائيل لمنع الاجتياح الشامل وفق التهديدات الاسرائيلية لكن هل سينجح الحزب في استدامة حالة الاستنزاف ربما الايام القليلة القادمة تفصح لنا عن الكثير من التكتيكات التي سيستخدمها الحزب خفضا للتصعيد ورفعه وفق المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية.
“تحاول طهران من خلال التواصل المباشر مع واشنطن لاحتواء الازمة وذلك عبر الدبلوماسية المرنة التي تحاول من خلالها عدم توسيع نطاق واطار الاشتباك مع اسرائيل وتشير بصراحة بانها هي القادرة على حد حجم الصراع من قبل حزب الله فبالتالي تلجأ الى اطار التهدئة من خلال التواصل لكن في حال تعثر مسار التهدئة فحتما ستلجأ طهران الى فتح خطوط اشتباك جديدة وذلك من خلال تفعيل جبهة الحوثي في اليمن وزيادة الضغط على المنظومة الدولية من خلال الاشتباك البحري والمسيرات”
هل يتخطى التصعيد جنوب لبنان بعد التهديد الإسرائيلي الأخير؟
– اعتقد بان الضربات لن تقتصر على جنوب الليطاني وانما ستكون هنالك ضربات للقدرات الصاروخية للحزب وربما قد تشمل الضاحية الجنوبية من بيروت والسبب الرئيسي في ذلك ان لدى اسرائيل تصور بان القضاء على حزب الله يتطلب التخلص من قياداته بشكل عام لا سيما قيادات الصف الاول وان التكتيك المستخدم في اغتيالات قادته لن ينتهي سواء حصلت حرب او لم تحصل لكن في حال حصول الحرب فان المسار ربما قد يتجه صوب التصعيد الاكبر.
- ما الدور المتوقع من دبلوماسية واشنطن وباريس لاحتواء الأزمة؟
– تحاول طهران من خلال التواصل المباشر مع واشنطن لاحتواء الازمة وذلك عبر الدبلوماسية المرنة التي تحاول من خلالها عدم توسيع نطاق واطار الاشتباك مع اسرائيل وتشير بصراحة بانها هي القادرة على حد حجم الصراع من قبل حزب الله فبالتالي تلجأ الى اطار التهدئة من خلال التواصل لكن في حال تعثر مسار التهدئة فحتما ستلجأ طهران الى فتح خطوط اشتباك جديدة وذلك من خلال تفعيل جبهة الحوثي في اليمن وزيادة الضغط على المنظومة الدولية من خلال الاشتباك البحري والمسيرات والولايات المتحدة لا ترغب بتوسيع نطاق الاشتباك في هذه المرحلة بالتحديد نظرا لانها مقبلة على انتخابات رئاسية في الاشهر القليلة القادمة.
- كيف تنعكس هذه التطورات بين إسرائيل وحزب الله على أمن واستقرار المنطقة؟
– انا ارى وفق وجهة نظري بان الانعكاسات لن تقتصر على الساحة اللبنانية كمشهد اولي للتصعيد وانما ستتجه صوب الساحة السورية والاشتباك الاسرائيلي في الساحة السورية سيكون بمساحات اكبر وربما كافة الاطراف ليست جاهزة لهذا الحجم من الاشتباك لكن الضوء الاخضر الامريكي بالنسبة لاسرائيل بخصوص مواجهه حزب الله اعتقد هو الذي سيعطي الدفعة النوعية للجانب الاسرائيلي لتنفيذ هجمات بأطر اوسع ضد مشروع محور ايران في المنطقه العربية وبالتالي نحن مقدمون على سيناريو تصعيدي واسع النطاق وتبنى التكتيكات العسكرية بناء على حجم المخاطر والتهديدات التي ستنطلق من مناطق نفوذ المليشيات باتجاه المصالح الاسرائيلية والامريكية وربما قد تنهار الهدنة المبرمة ما بين واشنطن وعراق الميليشيات بشقيها الحشد الشعبي وغرفة فصائل المقاومة الاسلامية والهدنة اصبحت هشه جدا في ظل توجيه الضربات الاخيرة باتجاه قاعدتي عين الاسد في العراق وقاعدة حقل كونيكول الغاز في محافظه دير الزور وهذا مؤشر خطير على ان ايران ما زالت تمسك العصا من المنتصف لكن بنفس التوقيت هي لا تدرك المخاطر التي ستنجم عن هذا التناغم ما بين ادوات المحور في مواجهة الولايات المتحدة ومصالحها وان الولايات المتحدة في نتاج المطاف هي مضطرة للتعامل مع هذا المتغير بما لا يهدد امن المنطقة وايران اليوم تجاوزت كل تلك الاتفاقيات والتفاهمات وهي تهدد الامن الدولي من خلال الانشطة التي يجريها الحرس الثوري الايراني او حتى ميليشيا فيها الموجودة في المنطقة العربية عموما وفي اليمن خصوصا.
عن الزمان اللندنية