د. نعمان الخزرجي
بعد رحيله المفاجئ إثر حادث مروري وبعد أن أدى رسالته العلمية ترك (صباح الحلة) شرخا في قلوب طلبته وزملائه وكل من عرفه، إنه (المرزوق) حب الناس والعلم والمعرفة. وجامعة بابل إذ تستذكر شيئا من سيرة الدكتور المرزوك (شيخ المؤرخين) لا يسعها إلا أن تقدم عرفانها لما قدمه خلقا وعلما وسعيا إلى رفعة بلده وجامعته بابل.
ولد الدكتور صباح ليلة الخميس 28 حزيران 1951م، في منطقة جبران في مركز مدينة الحلة. التحق وهو في سن السادسة (أي قبل دخوله المدرسة) بالشيخ حاجم البصير الذي اتخذ من مسجد آل عجام الواقع في بداية (عـگد المفتي) مقراً له لتعليم الأطفال، ثم دخل مدرسة الفيحاء الابتدائية للبنين (1957ــ1962م) ومن بعدها متوسطة بابل للبنين (1963ــ1966م)، وإعدادية الحلة للبنين (1966ــ1968م.
ومن ثم كلية الآداب ــ الجامعة المستنصرية /بغداد (1968ــ1972م) ليلتحق بعدها بكلية الآداب ــ جامعة عين شمس /القاهرة (1973م) ومعهد تعليم اللغة التركية للأجانب ــ اسطنبول (1983م) وكلية اللغة والتاريخ والجغرافية ــ جامعة أنقرة (1983ــ1989م). وتقلد العديد من الوظائف والمناصب منها عمل بمكتبة قسم الدراسات الشرقية بكلية الآداب في الجامعة المستنصرية، وبعد تخرجه من كلية الآداب عمل محاضرًا في ثانوية نقابة المعلمين المسائية في الحلة، ومتوسطة بلال الحبشي ومتوسطة التربية للبنين في بغداد، كما عمل موظفًا على الملاك المؤقت في مقر مصلحة توزيع المنتجات النفطية، وترك العمل بعد أربعة أشهر بسبب سفره إلى القاهرة طلبًا للعلم في إكمال دراسته العليا.
بعد عودته من القاهرة، عين من قبل وزارة التربية في العام 1975م مدرسًا على ملاك مديرية تربية التأميم، إذ عمل مدرسًا في متوسطة ليلان للبنين، ومحاضرًا في مدارس أخرى، وفي عام 1978م صدر أمر من مديرية تربية التأميم، أن يكون معاونًا في متوسطة الفدائي الفلسطيني للبنين، واستمر محاضراً في مدارس أخرى.
عام 1979م أصبح مديرًا لثانوية السريان للبنين في كركوك، ولم ينقطع في إلقاء محاضرات في مدارس عدة. نسب رئيسًا لوحدة الإعداد والتدريب في مديرية تربية التأميم، مع استمراره في إلقاء محاضرات على طلاب مدارس متعددة، حتى سافر إلى الجمهورية التركية لتمتعه بزمالة دراسية للحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه بعد عودته إلى العراق حاصلاً على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، عين رئيساً لقسم اللغة العربية والاجتماعيات في معهد إعداد المعلمين في كركوك، للمدة من عام 1989ــ1993م. نقل من ملاك وزارة التربية إلى ملاك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ونسب عام 1993م للعمل رئيسًا لقسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة بابل بالوكالة، ثم بالأصالة بعد أكثر من شهر. أعيرت خدماته للعمل تدريسيًا في المعهد العالي التربوي في الجماهيرية العربية الليبية للعام الدراسي 1999/2000م.
وبعد عودته إلى العراق مارس اختصاصه التدريسي في كلية التربية الأساسية بجامعة بابل حتى كلف مديرًا لـ(مركز وثائق ودراسات الحلة) واستمر بالعمل حتى عام 2003م للعودة إلى كلية التربية الاساسية بجامعة بابل.
حصل على مرتبة الأستاذية في العام 2006م. في العام الدراسي 2009/2010م حصل على تفرغ علمي (أستاذ زائر) للالتحاق بقسم الدراسات الشرقية بكلية الآداب في جامعة أنقرة/تركيا. بعد أن أنهى مدة التفرغ عاد إلى موطنه الذي يحب (الحلة الفيحاء)، وإلى طلابه في قسم اللغة العربية بكلية التربية الأساسية ليمارس عمله التربوي والتعليمي حتى وفاته. لم تكن اللغة العربية المحطة الوحيدة في تدريسه الجامعي الذي امتد على مدى ثلاثة عقود، بل اضطلع في تدريس مواد منهجية أخرى كلما استدعت الضرورة لذلك.
ولم يقتصر نشاطه التربوي في حدود الصف الدراسي ومناقشة طلبة الماجستير والدكتوراه، وإنما نشط في حضوره المؤتمرات العلمية والمشاركة الفاعلة فيها من خلال تقديم البحوث والدراسات، وإلقاء محاضرات في دورات تربوية، ونشاطات متنوعة. أجاد عدة لغات منها الانكليزية، والكردية والتركمانية إضافة إلى لغته الأم العربية التي ألفها وألفته بإصدارته التي تصدرت عناوين المكتبة العربية. كما ألم باللغة التركية القديمة (العثمانية)، ومن خلال اللغة التركية وصل إلى معرفة اللغة الفارسية واللغة الاوردية لغة الباكستان.
له من المؤلفات ما يقارب الخمسين منجز ناهيك عن المخطوطات التي لم تطبع حتى هذه اللحظة.
وفي مساء يوم الأربعاء الموافق 15/1/2014م، كان على موعد مع القدر فتعرض إلى حادث مروري في طريق حلة / بغداد بعد عودته من مناقشة رسالة ماجستير في كلية اللغات بجامعة بغداد، وفي صباح يوم الجمعة الموافق 17/1/2014م غادرت روحه إلى عليين ليودع أسرته ومحبيه الذين تجمعوا في مستشفى الحلة الجراحي في الحلة لنقل جثمانه الطاهرة إلى النجف الأشرف حيث مثواه في مقبرة العائلة (رحمهم الله جميعًا).