تفاصيل مثيرة للاهتمام: كيف كان يعيش الناس قبل أكثر من 11 ألف عام؟

 

متابعة ـ التآخي

تخيلوا كيف كانت الحياة قبل الوف السنين، عندما كان الصيادون وجامعو الثمار يجوبون الأرض.

إننا نحتفظ في أذهاننا بصورة عن كيف كانت أيام البشر الأوائل تتمحور بشأن مهام البقاء ــ الصيد، والجمع، والتنقل، والبقاء على قيد الحياة، ولكن هل توقفت يومًا لتتساءل كيف كان شكل منازلهم أو كيف نظموها؟

لقد أعطتنا الاكتشافات الأثرية الحديثة عن العصر الحجري الوسيط في شمال يوركشاير في انجلترا منظورًا جديدًا تمامًا، حيث ألقت الضوء على الحياة المنزلية للبشر في عصور ما قبل التاريخ.

تشير أنماط السلوك المميزة في داخل مساكنهم إلى أنهم أنشأوا بعناية “مناطق” محددة للأعمال المنزلية.

لكشف هذه الأسرار، قام باحثون من مؤسستين مرموقتين، جامعة يورك وجامعة نيوكاسل، باستكشاف مثير.

تكشف الدراسة المجهرية للأدوات الحجرية، التي تم العثور عليها داخل ما يعتقد أنها هياكل مخروطية أو قبة الشكل، عن تفاصيل مثيرة للاهتمام حول كيفية عيش الناس قبل أكثر من 11 ألف عام.

يكشف التحقيق أن مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل نجارة الخشب، وصناعة العظام والقرون، ومعالجة النباتات، ودباغة الجلود، وإعداد اللحوم والأسماك، من المحتمل أن تكون قد جرت داخل هذه المساكن ما قبل التاريخ.

وقد تم بعد ذلك رسم الأنماط المكانية لهذه الأنشطة بدقة لفهم المكان الذي من المحتمل أن تحدث فيه هذه الأنشطة داخل المساكن.

وكشف الدكتور بيتس: “لقد وجدنا أن هناك مناطق مميزة لأنواع مختلفة من النشاط، لذلك فإن النشاط الفوضوي الذي يتضمن الجزارة، كان يتم فيما يظهر أنه مساحة مخصصة، منفصلة عن المهام “الأكثر نظافة” مثل صناعة العظام والأشياء الخشبية أو الأدوات أو المجوهرات”.

هذا المستوى من التنظيم غير متوقع. فمن المعروف أن الصيادين وجامعي الثمار كانوا يعيشون حياة تنقلات كثيرة، وهو ما فرضته الحاجة المستمرة إلى البحث عن الطعام والتكيف مع البيئات المتغيرة.

ومع ذلك، وبرغم تواجدهم المؤقت، يظهر أنهم اتبعوا نهجًا منظمًا ومدروسًا إلى حد ما في منازلهم، حيث أنشأوا مناطق مخصصة للأنشطة المختلفة، تذكرنا بكيفية ترتيب مساحات معيشتنا بدقة اليوم.

منازلنا لا تخدم غرضًا وظيفيًا فحسب، بل إنها مطبوعة بالمعايير الاجتماعية، والارتباطات العاطفية، وتوفر شعورًا بالهوية والانتماء، ويظهر أن هذا كان صحيحًا بالنسبة لأسلافنا البعيدين كما هو الحال بالنسبة لنا، مما يعكس رغبة إنسانية عالمية في النظام والراحة.

وعلاوة على ذلك، هناك أدلة دامغة تشير إلى أن هذه المنازل القديمة كانت نظيفة ومرتبة، حيث كانت الأجزاء الداخلية تُنظف وتُصان بانتظام، مما يشير إلى مستوى مدهش من الرعاية والاهتمام ببيئات المعيشة فيها. لم تكن هذه المساكن البشرية المبكرة وظيفية فحسب، بل أظهرت أيضًا علامات الفكر المعماري.

جرى بناء هذه المساكن باستغلال الخشب من الأشجار المقطوعة، وربما كانت الأغطية مصنوعة من نباتات مثل القصب، أو جلود الحيوانات.

تظل الأسباب وراء قيام هؤلاء الصيادين وجامعي الثمار ببناء مثل هذه الهياكل واستمرارهم في ذلك طوال العصر الحجري الأوسط لغزًا.

“في المجتمع الحديث، نحن مرتبطون جدًا بمنازلنا جسديًا وعاطفيًا، ولكن في الماضي البعيد كانت المجتمعات شديدة التنقل، لذا من المثير للاهتمام أن نرى أنه على الرغم من ذلك لا يزال هناك هذا المفهوم المتمثل في الحفاظ على مساحة منزلية منظمة”، وفقًا للدكتور بيتس.

تظهر هذه الدراسة جانبًا جديدًا تمامًا من حياة الصيادين وجامعي الثمار، وهو جانب يقدّر الإحساس بالوطن بصفته أكثر من مجرد مساحة مادية، بل هو عالم من التنظيم والنظافة والنظام الاجتماعي.

لقد شكلت الديناميكيات الاجتماعية في داخل مجتمعات الصيادين والجامعين حياتهم المنزلية بشكل كبير، كانت هذه المجموعات عبارة عن مجتمعات مترابطة تعتمد على التعاون والمسؤوليات المشتركة.

تشير الأدلة الأثرية إلى أن الأنشطة المجتمعية مثل إعداد الطعام وصنع الأدوات كانت تعزز الشعور بالانتماء والدعم المتبادل.

ومن المرجح أن يكون للتفاعلات الاجتماعية تأثير على تنظيم مناطق المعيشة، مع وجود مساحات مشتركة للأنشطة الجماعية مثل رواية القصص أو الوجبات المشتركة، مما أدى إلى تعزيز الروابط الاجتماعية.

تشير القطع الأثرية مثل الفخار المزخرف والأدوات المشتركة إلى ثقافة غنية بالتعاون والهوية الجماعية. كانت الروابط العاطفية حيوية، تماماً كما هي الحال في المجتمعات الحديثة.

وتشير ممارسات الدفن في مواقع مثل ستار كار، حيث كان يتم دفن الأفراد معاً، إلى الاعتقاد بالترابط بين البشر بعد الحياة.

إن فهم هذه الديناميكيات الاجتماعية يوفر تقديراً أعمق للهياكل الاجتماعية المتطورة التي كان يتمتع بها أسلافنا، التي كانت تعمل على تحقيق التوازن بين الاحتياجات الفردية والمسؤوليات المجتمعية، مما يجعل حياتهم ذات معنى يتجاوز مجرد البقاء على قيد الحياة.

يذكر ان الانسان القديم او ما يعرف بالإنسان البدائي هو الإنسان الأول منذ ظهوره وإلى حين اختراع الكتابة سنة 3200 ق.م (قبل الميلاد). واكتشف الإنسان البدائي النار والصلصال (لصناعة الفخار) وعاش على جمع الثمار واكلها (من دون طهى) ولبس أوراق الشجر، وانتعال الخشب وقد ذكر المؤرخون ان الإنسان البدائي قد عاش في الكهوف البعيدة التي كانت تدخلها الشمس بشكل كبير وعند انتهاء العصر المطير انتقل إلى الوادي ومن هنا يبدأ العصر الحجري القديم.

قد يعجبك ايضا