قبل السادس عشر من آب

 

(2 – 4)

فاضل ميراني

قِرانُ الحدث بالتأريخ لن يستحق التذكر الاحتفاء بهم الم يكن الحدث محل اعتزاز او/ و اهتمام، فالحدث اهم من الاحتفاء به، فأن استوفى الحدث شروط النجاح الاخلاقي فأن احياء الذكرى هي بالاغلب مرتبط بمطلب تثبيته في ذاكرة الاجيال لزراعة اهتمام وجداني باعث لادامة المشروع.

السادس عشر من آب من ناحية احياء الذكرى ترتبط في ذاكرتنا السياسية، في ذاكرتنا نحن، ترتبط بتأريخ تقويم سياسي للعهد الجديد من الحاجة القومية و الشعبية و الوطنية للكورد في كوردستان على اتساعها و الكورد على امتداد وجودهم لتقديم وجودهم على الساحة السياسية و اوجه الحياة في العراق الذي هو المركز القانوني الذي نحتاج افهام هو التفاهم معه بعد ان شخصنا الخلل في البنيةالفكرية للسلطة و خللها في تشكيل المواطنة.

السادس عشر من آب من حيث الحدث يعني اكثر  من مضمون، و كلها مضامين متصلة، انعقاد مؤتمر للحزب ببغداد سنة 1946، وانتخاب مصطفى البارزاني رئيسا للحزب، في وقت كان فيه البارزاني و خمس مائة رجل مقاتل معه في لجوئهم الى احدى جمهوريات الاتحاد السوڤياتي ايام الاتحاد والذي استمر حتى عودتهم بعد انهيار الملكية و قيام النظام العسكري الجمهوري.

مضمون آخر هو حال العراق ايام الملكية و حالنا معه، و هو الحال الذي غطت عليه افعال القسوة المركزة اللاحقة التي اعقبت الملكية في العراق.

لم يكن العراق مستقرا وقتها، حتى رأس النظام الملكي لم يكن بمأمن من حالتي النمو في الوعيين الجماهيري غير المنظم، و المنظم السياسي الطامح للسلطة، و التنافس بين القوى غير المحظورة في المجلس التشريعي و الحكومة، مع وجود محاولات عسكرية للانقلاب.

معيار انسانية

لم تكن الهوية الوطنية مستمسكا من خلاله تحدد واجبات الفرد و حقوقه و ما يعنيه اصول مكتسبها قبل صدورها ورقة نعيبها على الملكية القادم افرادها من خارج العراق مجتمعا، نحن و ان كنا نحترم عادل التشريعات و القوانين، الا اننا لسنا ممن يبحث عن حجج مثل هذه لتكون معيار انسانية او خير او منجز مفيد.

كان الحراك السياسي الكوردي لايقل اهمية موضوعية عن اهمية المطالب مطالب اي شعب آخر لنيل حريته و ابتداء تجربته في تشريع و سن قوانين يحتكم اليها في مجتمع واع فيه كل من الحاكم والمحكوم، سيما ان اختلافنا عن الاخرين او اختلافهم عنا واحد الا في هوية الحكم التي تستبعدنا لكوننا قومية اخرى، لنا لغتنا و لهم لغتهم، لنا تاريخنا و لهم تاريخهم، ولنا معهم و لهم معنا مناطق مشتركة واخرى مرتبطة، لكن الحقيقة هي اننا شعبان، والواقع انهم في سلطتهم رأوا فينا اقلية مشكوكا فيها ما لم نثبت لها ما ترتضيه هي من معايير سلوكية، وقد ظلت هذه الظاهرة في النظام ثابتة تظهر وتختبيء و تقوى و تستفحل او تتراجع بحسب قوة النظام.

لقد شخص الوعي السياسي الكوردي مشكلة النظام و خلل خارطة اهتمامه، و قد لا اعدو الى مبالغة انقلت اننا كنا نحاول ايصال رسائل للنظام لتصحيح سلوكه كلما وجدنا طرفا مصغيا ضمن النظام، و كم فقدنا شخصيات كان يمكن ان تصحح مسار الاحداث، و كانت داخل النظام، لكن كيمياء السلطة المستحكمة داخل السلطة كانت تطيح بمثل اولئك.

لا ندعي ابدا ان فترة الحكم الملكي لم تكن فترة سباق داخلي لاثبات نجاح الحكم، و لا ننكر انمشروع الحكم كان قياسا بما تلاه هو نظام مقيد بمجموعة لوائح بعيدة عن المغامرات الفردية والتوجهات الفكرية العنيفة، لكن وعي مرحلة ما قبل 1958 و ان تفوقت على ما بعدها ذلك لان ما تلا 1958 كان شعاراتيا اكثر منه تنفيذا، و كان التفافا اكثر منه تقدما، كانت انظمة ما بعد 1958 حائرة بتسويق شرعيتها العسكرية منشغلة بحروب فكرية وطائفية مأخوذة بهاجس امني، انظمة فصّلت مفهوم الدولة داخل ذهن تخرج من كليات عسكرية.

السادس عشر من آب سنة 1946 عندنا هو يوم تأسس معه مشروع طويل الاجل بعيد المدى لمجابهة و عمل خارقين، لقد استوفينا قراءة التاريخ المحيط بنا و بمن سيكون علينا التفاهم او المواجهة معهم، واخذنا بالاعتبار طبيعة البشر في ميزان العطاء والاخذ، كنا واقعيين في طرح اسئلة تخص مستقبلنا، المستقبل الذي لا نريده ان يشبه الماضي السيء الذي خلقه لنا غيرنا بسبب سوء استخدامه للسلطة.

مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني

قد يعجبك ايضا