نوينَر فاتح
الجزء الأول
أعلن عضو البرلماني الاتحادي الألماني، ماكس لوكس، لشبكة رووداو الإعلامية أنه يهمه جداً أن يتواجد في إقليم كوردستان، مشيراً إلى أن من يريد أن يفهم حرب داعش ويدرك الشجاعة التي أبداها البيشمركة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فعليه أن يزور مناطق وسط العراق التي شهدت أغلب معارك تلك الحرب.
وأكد ماكس لوكس أنهم وحلفاءهم لن يتخلوا عن إقليم كوردستان، وسيواصلون العمل مع إقليم كوردستان وحكومته وشعبه، ويتطلعون إلى تعزيز دور الإعلام وتعزيز حرية الصحافة وتحسين حالة حقوق الإنسان في إقليم كوردستان.
جاء ذلك في حوار أجرته شبكة رووداو الإعلامية يوم (13 تموز 2024) مع البرلماني الألماني، ماكس لوكس، الذي عبر عن تأييده لقيام البرلمان الألماني بتمديد تفويض القوات الألمانية في إطار مهمة التحالف الدولي للقضاء على داعش في إقليم كوردستان والعراق.
رووداو: أنت عضو في الوفد، أود أن أعرف ما هو هدف الوفد؟
ماكس لوكس: هدف الوفد هو أن نبين أننا لن نسمح بأن يكون حلفاؤنا في هذا الإقليم وحيدين، وسنواصل العمل المشترك مع هذا الإقليم وحكومته ومجتمعه،، ونولي اهتماماً كبيراً بالملفات الخاصة التي هي قريبة إلى قلوبنا، مثلما أننا ندافع عن الإيزديين بعد مرور عشر سنوات على الإبادة العرقية التي ارتكبت ضدهم.
رووداو: مذ كم يوماً وأنت هنا؟ أظن أنهما يومان.
ماكس لوكس: وصلنا أمس.
رووداو: إذن وصلتم أمس. أي أن هذا يومكم الثاني وكانت لكم لقاءات عديدة. لهذا أود أن أعرف كيف كانت النتائج حتى الآن؟
ماكس لوكس: النتيجة هي أن الجميع يريد للعلاقات الألمانية أن تدوم. كما نريد نحن أن تستمر علاقاتنا في عدد من الجالات. أنا أرى أن نواصل علاقاتنا مع وجود عسكري هنا في إقليم كوردستان. من المهم أن ندعم حلفاءنا ونعلم البيشمركة ونشجع على إصلاح قوات البيشمركة. لكننا أيضاً نريد أن نرى بعض الخطوات من جانب الحكومة هنا، كتعزيز الإعلام وحرية الصحافة لتحسين حالة حقوق الإنسان في هذا الإقليم، وأن تبذل الجهود كافة من أجل العثور على حل لسنجار كي يتمكن الإيزديون من العودة.
رووداو: أشرتم إلى حقوق الإنسان، وأعلم أن هذا واحد من المواضيع التي يركز عليها هذا الوفد. ما هو تقييمكم للأخذ باللقاءات التي أجراها الوفد اليوم في أربيل مع مختلف الأحزاب، وربما ستكون لكم يوم غد لقاءات مع وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية؟ كيف تجدون حالة حقوق الإنسان؟
ماكس لوكس: بداية، أود أن أقول أننا نلمس أوضاع حقوق أفضل هنا في هذا الإقليم مقارنة بجميع أنحاء العراق. هذه علامة جيدة. لكننا نريد أن نرى الصحفيين يعملون بحرية ونريد أن نشهد انتخابات حرة. ثم أن حقوق الإنسان تضم أيضاً الوصول إلى البنى التحتية الاقتصادية، كالصحة والعمل. نريد أن نرى الفرص، خاصة لشباب هذا الإقليم لينعموا بحياة جيدة وكريمة.
رووداو: هل ستقتصر زيارتكم على إقليم كوردستان أم تخططون لزيارة مناطق أخرى أيضاً؟
ماكس لوكس: سنزور أيضاً بعض المناطق في وسط العراق.
رووداو: في وسط العراق! أي أن التركيز ليس منصباً على إقليم كوردستان وحده؟
ماكس لوكس: رؤيتي الشخصية هي أن إقليم كوردستان مهم جداً عندي، وأن أكون هنا وأبين للإقليم أننا لن نترككم لوحدكم، لكن إن كنت تريد أن تفهم حرب داعش والشجاعة التي أبداها البيشمركة في حرب داعس، فعليك الذهاب إلى مناطق وسط العراق، لأن الكثير من المعارك وقعت هناك.
رووداو: هذا صحيح. هل لا تزال علاقات إقليم كوردستان وألمانيا مستقرة أم أن هناك تطورات في هذه العلاقة؟
ماكس لوكس: العلاقة بين ألمانيا وإقليم كوردستان هي علاقة من القلب في الحقيقة. نحن في ألمانيا عندنا أكبر جالية إيزدية في العالم. كذلك عندنا واحدة من كبريات الجاليات الكوردية في العالم. لدينا الكثير من العلاقات الشخصية. يوجد كثير من السياسيين هنا في أربيل، درسوا في ألمانيا ويعملون على ممارسة السياسة هنا وأن يصبحوا مشرعين. لذا، يوجد الكثير من هذه العلاقات التي تعزز علاقاتنا. في سياق المصالح الإنسانية أيضاً، نرى أن كثيرين في هذا الإقليم يتبنون نفس قيمنا.
رووداو: وزير الخارجية الألماني الحالي ينتمي إلى حزب الخضر، حزبكم، أود أن أعرف ماذا قدمتم في حزب الخضر لتنمية العلاقات بين أربيل وبرلين؟
ماكس لوكس: لدينا الكثير من العلاقات الصلدة في هذا الإقليم. نعمل معاً في المجالات كافة، كالتعليم في جامعة دهوك، لدينا هناك تعليم جيد للنفسانيين. لدينا العديد من المشاريع ونعمل معاً للتغلب على أزمة المناخ وخلق أعمال جديدة. ليدنا الكثير من المشاريع التي تضم المجتمع المدني. كذلك، لدينا مشاريع لضحايا داعش لخلق رؤية عندهم مثل مشروع (العودة إلى الحياة)، لدينا الكثير من مخيمات النازحين داخلياً في دهوك.
رووداو: ذكرتم الإيزديين، وقد وصف البرلمان الألماني هجمات 2014 على الإيزديين بالإبادة العرقية، وكان لكم شخصياً دور مهم للغاية في إصدار هذا القانون. ماذا تقدم ألمانيا للإيزديين في ألمانيا وفي إقليم كوردستان؟
ماكس لوكس: في ألمانيا، نحاول مساعدتهم للعيش وفق تقاليدهم وديانتهم بكرامة وبحرية. كما نعمل في ألمانيا على مساعدة الشباب الإيزدي على إدخال إصلاحات بصورة من الصور على ديانتهم بحيث تنال المرأة الحرية وتكون لها حرية الاختيار في مسألة الزواج. هنا في إقليم كوردستان، نريد الدفاع عن الإيزديين لأننا نرى أن كثيراً من الأطراف والسياسيين في هذا الإقليم، يستخدمون السياسيين لأغراضهم السياسية، كأدوات في اللعبة.. لدينا أكبر جالية إيزدية وهم مواطنون ألمانيون، لذا فإن كونهم محميين وأن يكون لهم مستقبل في هذا الإقليم، قضية وطنية عندنا. كما نريد ضمان مستقبلهم في ألمانيا. لهذا أعارض بشدة إعادتهم التي تدعو لها وزيرة داخليتنا، نانسي فيزري، التي هي من الاشتراكيين الديمقراطيين، فنحن نريد المستقبل الحقيقي للإيزديين هنا في سنجار وأينما كانوا. لهذا ندافع عنهم في مواجهة كل شخص، ونشدد على التزاماتهم تجاه تنفيذ اتفاقية سنجار، ويجب أن يبذلوا ما في وسعهم، ويقدموا كل سلطاتهم لتحقيق السلم.
رووداو: كيف تجد سنجار؟
ماكس لوكس: كيف أجده؟
رووداو: كيف تجده؟ أنا واثق أنك مطلع على أوضاع سنجار، وتتابعها عن كثب.
ماكس لوكس: على المستوى الشخصي، أنا متضايق إذ أرى سنجار غير آمنة، وسنجار لم تجر إعادة إعمارها، والكثير من الإيزديين عاجزين عن العودة إلى سنجار بسبب الافتقار إلى الينى التحتية والأمن والسلم، بل ليس هناك أي ضوء في الأفق يبشر بفرص عمل ومعيشة. من المحزن أن أرى الإيزديين وهم ضحايا الإبادة العرقية الكارثية التي ارتكبها بحقهم داعش، لا يزالون يقيمون في مخيمات النازحين التي ترعاها الحكومة العراقية. هذا يعود بي إلى نظرتي السياسية، والتساؤل كيف تعلن الحكومة العراقية أنها تريد إغلاق مخيمات النازحين، من جهة، ومن الجهة الأخرى لا تنفذ التزاماتها بموجب اتفاقية سنجار. أتطلع إلى رؤية خطوات حقيقية لنتمكن من إغلاق مخيمات النازحين يوماً ما، مع مراعاة الناجين الإيزديين.
رووداو: من الذي تلقي عليه باللائمة في الفشل في تنفيذ اتفاقية سنجار؟
ماكس لوكس: لا ألوم أحداً، لأني لا أعتقد أن اللوم يجدي نفعاً، لكني أعلم من الذي تقع عليه المسؤولية الأكبر ومن الذي لا تقع عليه المسؤولية الأكبر. الجزء الأكبر من المسؤولية في هذه الاتفاقية يقع على الحكومة المركزية العراقية وعلى بغداد، فيما يقع جزء أصغر منها على حكومة إقليم كوردستان. لا شك أن السلم في سنجار لن يتحقق مع استمرار العمليات العسكرية التركية المزعزعة للاستقرار.
رووداو: ذكرت أن الإيزديين يتم استغلالهم من جانب أحزاب العراق. هذا القلق شائع في العراق وحتى في إقليم كوردستان. بصفتك برلمانياً ألمانيا يركز على أحوال الإيزديين، هب تعانون في ألمانيا من هكذا قلق؟
ماكس لوكس: أنا لا أشعر بهذا القلق، فأنا برلماني منذ 2021 ولم أر في برلماننا قانوناً يصدر بدون تعريف أو في الخفاء، الإقرار بالإبادة العرقية للإيزديين صدر عن البرلمان الألماني علناً.
رووداو: أنا أقصد العراق.
ماكس لوكس: لا أعتقد أن هذا لعبة أحزاب في بلدنا.
رووداو: لا، لا، أنا لا أتحدث عن بلدكم. أتحدث عن العراق حيث استغل الإيزديون بصورة من الصور من جانب الأحزاب. هذا القلق شائع في العراق وكثيرون بتحدثون عن استغلال المجتمع الإيزدي بطريق ما لأغراض سياسية للأحزاب أو تم استغلال الإبادة العرقية التي تعرضوا لها. هل تشعرون بنفس القلق؟
ماكس لوكس: أنا أيضاً أشعر بهذا القلق.
رووداو: في سياق متصل بالإيزديين، يوجد العديد من العراقيين، قرابة 30 ألفا، طلبوا اللجوء ورفضت طلباتهم من جانب محاكم ألمانية مختلفة، وقسم من هؤلاء إيزديون. ما رأيك في هذا؟
ماكس لوكس: عندما أصدرنا قرار الإقرار بالإبادة العرقية للإيزديين، أوضحنا أن الإيزديين يجب أن تتاح لهم فرصة الحصول على حق اللجوء في ألمانيا. الآن عندما نجد أن بعضهم قد أعيد فعلاً، فإن ذلك ليس تجاذباً سياسياً. نحن نتحدث عن أطفال إيزديين نشأوا في ألمانيا واللغة الوحيدة التي يعرفونها هي الألمانية، بينما تمت إعادتهم إلى قرية وإلى وضع لا يعرفونه ومكان يستذكر فيه آباؤهم الإبادة العرقبة. لهذا السبب أن أعارض تماماً إعادة الإيزديين. هذه مسؤولية وزيرة داخليتنا، مسؤولية نانسي فيزر التي هي عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. عليها حقاً اتخاذ خطوة في هذا السياق. هي تريد زيادة عدد الذين تجري إعادتهم أكثر فأكثر، لكنها بينما تسعى لزيادة العدد، فإن العملية تطال أشخاصاً هم بأمس الحاجة إلى حمايتنا. هذا مرفوض عندي.
رووداو: تحدثنا إلى العديد من الإيزديين في ألمانيا، وكانوا يطالبون الحكومة الألمانية بالحوار بشأن تلك الحالات. ماذا يمكن أن تقدموا لهؤلاء؟
ماكس لوكس: نحن نعمل على إقناع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بإيقاف عمليات الإعادة تلك. هذا أمر يجب أن نفعله، لكن هناك أموراً أخرى يمكن أن نفعلها كأعضاء في البرلمان. ما تعلمته في العمل كسياسي هو أن السياسة ليست أن تشير بأصبعك للآخرين وحسب، بل هناك أمور أخرى بمكننا فعلها كبرلمان. يمكننا إصدار قانون خاص بطالبي اللجوء الإيزديين هؤلاء، ونعمل على ذلك ونأمل من شركائنا في تحالفنا كالاشتراكي الديمقراطي والحزب الليبرال في البرلمان أن يقبلوا بهذا.
رووداو: في وقت قريب، في تشرين الأول القادم، سينتهي تفويض البرلمان الألماني لبقاء القوات الألمانية في إقليم كوردستان. هل ستؤيدون أنتم وكتلة حزبكم البرلمانية، الخضر، تمديد التفويض هذا للقوات الألمانية؟
ماكس لوكس: دعني أكون صريحاً. نحن نحب أن نستمر نحن وجنودنا في المهام التي نؤديها هنا، وفي الواقع نريد استمرار هذا العمل، لأن عملنا هنا يعني الكثير. نحن نؤمن الاستقرار لهذا الإقليم. نستطيع العمل معاً وتعليم البيشمركة. إلى جانب هذا، فإننا أسوة بكل العالم يجب أن نكون ممتنين للبيشمركة الذين هزموا داعش من أجلنا جميعاً. لكن السؤال هو: هل نستطيع الاستمرار في مهامنا؟ هذا ليس منوطاً بنا وحدنا، نحن بحاجة إلى طريقة لمواصلة أعمالنا. أرجو أن نتمكن من الاستمرار في مهامنا هنا مع تواجد عسكري، كما هو الآن، لكننا لا نعرف بعد هل هذا ممكن أم لا، بسبب المفاوضات بين بغداد وأمريكا.