نقابة الصحافيين تنأى بنفسها عن الجدل المثار .. غياب الضوابط المهنية ينعش صحافة الإثارة في مصر

 

التأخي / وكالات

عكس قرار النيابة العامة في مصر بفتح تحقيقات موسعة حول نشر مقاطع فيديو على بعض المواقع الإلكترونية تخص قضية شهيرة، حجم الغضب من غياب الضوابط المهنية في عدد من وسائل الإعلام، ما تسبب في عودة صحافة الإثارة إلى الواجهة مجددا، وصارت المحاسبة القضائية وسيلة للتعامل مع الأزمة .

وأمر النائب العام المصري بالتحقيق العاجل في نشر مقاطع فيديو خاصة بالقضية المعروفة إعلاميا بـ”سفاح التجمع”، وهي واحدة من أبشع الجرائم التي وقعت في مصر مؤخرا، وشغلت الرأي العام منذ الإعلان عنها، بعد الكشف عن سفاح تعمد قتل ضحاياه من الفتيات .

وصُدم الرأي العام في مصر من انتشار مقاطع فيديو على بعض المواقع وتسريبها لاحقا على شبكات التواصل الاجتماعي، وقت أن كان السفاح يمارس الجنس مع ضحاياه، ثم يقوم بخنقهن وقتلهن، وتظهر في تلك الفيديوهات مشاهد مخلة، وأخرى دموية، لا تتفق مع الحد الأدنى من المعايير المهنية والأخلاقية للصحافة .

وعلى إثر حالة الغضب الجماهيري، قرر النائب العام فتح تحقيقات موسعة لسؤال القائمين على تلك المواقع ومعرفة كيفية حصولهم على الفيديوهات، ما يشكل جريمة ترتبط بإفشاء أسرار التحقيق والتأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في الدعاوى، وتعهدت النيابة بمحاكمة مرتكبي تلك الجريمة على نحو عاجل .

والتزمت الهيئات الإعلامية المسؤولة عن إدارة المشهد الإعلامي في مصر الصمت التام، ولم تعلّق على القضية بحجة أنها مرتبطة بجريمة مخالفة للأعراف والمعايير المهنية ولا ترتبط بحرية الرأي والتعبير، ولم تتدخل نقابة الصحافيين لحماية المواقع التي نشرت تلك الفيديوهات أو يكشف المجلس الأعلى للإعلام موقفه من القضية .

ويفترض أن هناك مدونة سلوك، أعلنها مجلس تنظيم الإعلام تضمنت عشرات التوجيهات للصحف ترتبط بتغطية الجرائم، وشملت الابتعاد كليا عن الإثارة والألفاظ ، مع عدم انتهاك الخصوصيات أو استباق الأحكام القضائية، أو نشر أي مادة صحافية قد تؤثر على إجراءات العدالة .

وما يعرقل فرض ضوابط مهنية لصحافة الإثارة أن أخبار الجرائم لها أولوية عند الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية، لإدراك القائمين على إدارة بعض الإصدارات الصحافية أن الإثارة تجذب الجمهور، أما الموضوعات الجادة لا تلقى رواجا كافيا.

وأثار صمت الهيئات الإعلامية حول قضية الفيديوهات المسربة، حيرة البعض، وبدا أن ما حدث لا يرقى للتعليق أو التدخل، أو أن المخالفة المرتكبة بسيطة، مع أن هناك غضبا واسعا يستدعي تحرك تلك الهيئات للمحاسبة قبل أن تنتفض النيابة العامة .

ورغم أن التركيز الإعلامي على بعض القضايا والحوادث الشاذة تزايد منذ فترة، لكن مجالس تنظيم الإعلام لم تصدر عنها قرارات أو تعليقات واضحة على التجاوزات، واختفى مسؤولوها بعد أن داوموا على الحديث عما اعتبروه أخطاء تستحق المحاسبة .

ويرى مراقبون أن الغياب المريب للهيئات المنوطة بها إدارة المشهد الإعلامي وفرض الضوابط المهنية على مختلف المؤسسات بالأمر الواقع، ربما يقود إلى عودة الفوضى بشكل تصعب السيطرة عليه، لأن التدخلات السابقة بتوقيع عقوبات على المخالفين أحدثت نوعا من الردع وألزمت كثيرين بتطبيق المعايير المهنية المطلوبة .

وثمة من يفسر الصمت الاضطراري للهيئات الإعلامية بأنهم مدفوعون إلى ذلك بعدما وجدوا أن مراكز القوى داخل المنظومة أقوى تأثيرا ونفوذا منهم، ولم تعد عقوباتهم قابلة للتطبيق، وهنا كفريق يرى منطقا في هذا التفسير عندما تكون العقوبات موجهة ضد صحف وقنوات تابعة لجهات حكومية .

قد يعجبك ايضا