مايك تامبواي لوبومبا، في حوار حصري مع “اندبندنت عربية”: الأسواق الرئيسة للصادرات الكونغولية، تضم الصين وسنغافورة، والإمارات ،هونج كونج وتنزانيا

تمثل التجارة الدولية 95 في المئة من الناتج المحلي لجمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يشير إلى انفتاحها على الأسواق العالمية، وبثرائها بنحو 1100 نوع من المعادن العادية والثمينة ومنها الذهب والأحجار الكريمة، فلدى الكونغو القدرة على أن تصبح إحدى الدول المصدرة الرئيسة في القارة ومحركاً للنمو الأفريقي، لكن يظل الرهان الذي ترفعه السلطة الجديدة الانتقال إلى مرحلة الدولة المنتجة والمصدرة للمواد المحولة سعياً إلى الحصول على القيمة المضافة، والرفع من قيمة الصادرات ثم تطوير الزراعة بحكم توفر 80 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، بحسب ما قاله المدير العام لمركز النهوض بالصادرات بالكونغو الديمقراطية، مايك تامبواي لوبومبا، في حوار حصري مع “اندبندنت عربية” وذكر فيه إن الميزان التجاري يحقق فائضاً في الأعوام الأخيرة وبلغ إجمالي صادرات السلع 28.2 مليار دولار عام 2022، في مقابل 11 مليار دولار من الواردات، وسجل الميزان التجاري فائضاً إلى حدود أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مقداره 3.8 مليار دولار بزيادة 4.43 في المئة مقارنة بأكتوبر 2022.

 

وتصدر الكونغو الديمقراطية بصورة رئيسة النحاس المكرر بقيمة 16.3 مليار دولار سنوياً ومعدن الكوبالت بقيمة 5.99 مليار دولار، وخام النحاس بعائدات تقدر 1.55 مليار دولار والنحاس الخام 1.37 مليار دولار والنفط الخام 916 مليون دولار، في حين تهيمن المواد المكررة على الواردات وهي النفط بقيمة 1.12 مليار دولار، والكبريت 979 مليون دولار وشاحنات وآلات النقل 367 مليون دولار، وآلات معالجة الحجر 363 مليون دولار والهياكل الحديدية 285 مليون دولار، كما يقول لوبومبا، وقفزت صادرات النحاس 50 في المئة بين عامي 2020 و2022 من 1.601 مليون طن في 2020 إلى 2.394 مليون طن في 2022، ويعود ذلك إلى الطفرة التي سجلت في أسعار النحاس والتي ارتفعت بنسبة 51.3 في المئة إلى متوسط 9299 دولاراً للطن عام 2021، علاوة على ذلك ارتفعت صادرات الكوبالت من 86.590 طن عام 2020 إلى 115.371 طن عام 2022.

 

 

 

أما عن الأسواق الرئيسة للصادرات الكونغولية فيقول لوبومبا، إنها تضم الصين بقيمة 15.6 مليار دولار تليها سنغافورة بنحو 1.36 مليار دولار، والإمارات بقيمة 1.3 مليار دولار ثم هونج كونج 1.24 مليار دولار وتنزانيا 1.17 مليار دولار، في حين تأتي الواردات بصورة رئيسة من الصين وتناهز 5.06 مليار دولار ثم زامبيا 1.51 مليار دولار تليها جنوب أفريقيا بقيمة 1.47 مليار دولار ثم الإمارات بما يقدر 734 مليون دولار.

 

تسعى الكونغو حالياً إلى تغيير المنوال التنموي والاتجاه نحو استثمار الثروة الزراعية، إذ تمثل المواد المعدنية والبترول والأحجار الكريمة 85 في المئة من صادرات الكونغو الديمقراطية وتحقق كثيراً في هذا المجال وتتجه الحكومة الحالية إلى تغيير النموذج واستغلال الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة لخلق الثورة الزراعية من خلالها، عبر استرجاع الطفرة الفلاحية التي تحققت قبل 30 عاماً قبل تدهورها بعد ذلك بفعل عوامل أمنية وسياسية

 

 

ويضيف لوبومبا أن الكونغو تسعى حالياً إلى تغيير المنوال التنموي والاتجاه نحو استثمار الثروة الزراعية، إذ تمثل المواد المعدنية والبترول والأحجار الكريمة 85 في المئة من صادرات الكونغو الديمقراطية وتحقق كثيراً في هذا المجال وتتجه الحكومة الحالية إلى تغيير النموذج واستغلال الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة لخلق الثورة الزراعية من خلالها، عبر استرجاع الطفرة الفلاحية التي تحققت قبل 30 عاماً قبل تدهورها بعد ذلك بفعل عوامل أمنية وسياسية، وتعمل السلطة الحالية على إصلاحات في هذا الصدد، مشيراً إلى أن الكونغو اعتبرت مطمورة أفريقيا منذ 50 عاماً، وهي بلد زراعي بالأساس بإنتاج كميات هائلة من القهوة والكاكاو والصوغا، والإشكال يتمثل اليوم في إهمال مزارع الكاكاو والقهوة بعد التخلي عن المزارعين أكثر من 30 عاماً، وتتجه الإرادة السياسية الآن إلى تشجيع النشاط الفلاحي واستعادة مكانة الكونغو باعتبارها مصدراً للمواد الزراعية إضافة إلى المعادن والطاقة، ويكتسب البلد الإمكانات اللازمة بفضل جودة الإنتاج الزراعي والمساحات الضخمة، وفق لوبومبا.

 

 

في المقابل أشار إلى النقائص التي تحول دون تنمية الصادرات وأهمها فقدان القيمة المضافة والاستجابة لمقاييس الجودة العالمية التي تستوجب التمكن من مرحلة التحويل، إذ تفتقر المنتوجات الزراعية الانتقال إلى مراحل التصنيع الغذائي مثل التغليف والتعليب ما يمكنها من اقتحام أسواق أوسع في العالم والاستجابة لمقاييس الجودة العالمية، ويجرى في الوقت الحالي التشجيع على تحويل المنتوجات الزراعية المعدة للتصدير من أجل تثمينها والتمكن من أسواق ذات قيمة مالية أعلى.

 

وبالنظر إلى الإمكانات الضخمة المتوفرة والقابلة للتحويل ينتظر تحقيق إقبال كبير من قبل الموردين، إضافة إلى ذلك يحتاج الكونغو إلى دفع الإنتاج كما يقول مايك لوبومبا في هذا الإطار “تنقصنا الكميات اللازمة للحصول على أسواق كبرى… نحن لا ننتج كميات كبيرة معدة للتصدير على رغم الإمكانات الضخمة التي نمتلكها ويتحتم أولاً الرفع من مستوى الإنتاج وتنمية مرحلة التحويل للتمكن من خلق الثروة”.

 

وعن دور مركز النهوض بالصادرات (أناباكس) الذي يترأسه قال لوبومبا، إنه يعمل على تنمية التصدير بتسهيل الإجراءات لدى المؤسسات المصدرة وتسويق الصادرات وتأهيلها ثم المساعدة على التسويق الدولي والتعريف بالمنتوجات وفي مرحلة تالية تسهيل المبادلات مع وجهات بخاصة الأسواق الجديدة.

 

حذف 19 أداء

أضاف “وفي إطار تشجيع التصدير حذفنا 19 أداء ضريبياً عند التصدير من قبل وزارة التجارة، والتجارة في الكونغو الديمقراطية كانت تعاني ارتفاع مستوى قيمة الأداءات وكثرتها، في المقابل وجب مواصلة السير في هذا النسق لدفع الصادرات الزراعية والمواد الغذائية المصنعة ومنتوجات الصناعات التقليدية من طريق مرافقة المصدرين وتوجيه المصنعين نحو التحويل للتوصل إلى المواصفات العالمية وتصدير سلع تنافسية ثم بعد ذلك تنمية المبادلات وإيجاد أسواق جديدة”.

 

وفي حديثه عن تراتيب مواجهة إجراءات البصمة الكربونية من قبل الموردين ببلدان الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب قال رئيس المركز، إن بلاده بصدد النقاش مع بلدان مجاورة حول هذه القضية بينما لم تسن تراتيب معينة بحكم أن سلسلة الإنتاج في الكونغو لا تتسبب في انبعاثات للغازات الدفيئة ولا تحمل الصادرات إلى أوروبا هذه البصمة الكربونية باقتصارها على المواد الزراعية مثل الصوغا والكاكاو والقهوة، وهذا لا يمنع الاهتمام بالانتقال الطاقي والاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية.

 

من جهة أخرى ذكر أن السياسة الترويجية والتسويقية تركز على الرقمنة، إذ جرى إنشاء مكتب موحد للرقمنة مكن المنتجين من تمويلات لخلق منصات رقمية للتعريف بسلعهم، ويعمل المركز على إيجاد التمويلات لمصلحة هذه المنصات إضافة إلى الوجود في المعارض الدولية، أما الهدف من كل ذلك فهو خلق “لوبي” تجاري دولي وبعد ثلاثة أعوام من تأسيس مركز النهوض بالصادرات توجد صادرات الكونغو الديمقراطية في الولايات المتحدة والصين وأوروبا وهناك وجود قوي حتى ببعض البلدان الأفريقية وفي هذا الصدد يقع العمل على دفع التبادل والتعاون جنوب جنوب، كما يحرص المركز على الاتصال بالهيئات المماثلة لتبادل الخبرات.

 

لكن تواجه البلاد معضلة التجارة الموازية بانفلات عدد من المبادلات التجارية مع بلدان الجوار في أيدي السوق السوداء، ومن مترتبات المساحة المترامية للكونغو الديمقراطية حدودها الممتدة مع تسعة بلدان مجاورة مما غذى آفة التهريب، وتتسبب السوق السوداء في خسائر فادحة للاقتصاد الكونغولي، ومن أهداف مركز النهوض بالصادرات جذب الناشطين في تهريب السلع إلى البلدان المجاورة، وتتم حالياً دراسة هذه الظاهرة، كما يقول لوبومبا.

 

وتشجع الكونغو الديمقراطية التبادل الأفريقي الأفريقي، وبالإشارة إلى أن الشريك التجاري الأول للبلاد هو الصين، يقع النظر في تنويع الأسواق على أساس البعد الإقليمي، لكن العوائق في هذا الصدد تتلخص في نقص الخبرة ومحدودية نسق تبادل المعرفة والاطلاع على التجارب في القارة نفسها.

 

حققت كونغو الديمقراطية نسبة نمو بلغت 8.9 في المئة عام 2022 و 7.8 في المئة عام 2023، ومن عوامل نمو الإنتاج المحلي الإجمالي القطاع التجاري، لكن تسعى الحكومة الحالية إلى تطوير قطاع الاستثمار بعد التحسن الذي شهده مناخ الاستثمار، إذ توفر قوانين الاستثمار التسهيلات اللازمة ومراكز مخصصة للاستثمار ومناطق صناعية وقوانين موائمة للاستثمار الأجنبي لاستقطاب المستثمرين من أفريقيا وآسيا وأوروبا وأبرزها خفض الأداءات وتسهيل التعاملات الإدارية والضغط على البيروقراطية وتسهيل تأسيس المؤسسات بخصوص الاستثمار المحلي.

 

 

 

 

أما المطلوب وفق تقديره فهو التركيز على التسويق بحكم اتسامه بالتردد والخجل بين بلدان القارة الأفريقية، ثم تبادل الخبرات والتواصل مع المنتجين والمصدرين من الجهات المتبادلة مع المحافظة على الانفتاح على السوق الأوروبية.

 

وبخصوص النقائص اللوجيستية وبالتحديد النقل، ذكر أن خلق الأسواق من شأنه أن يحد من هذا الإشكال، فإنشاء الأسواق الجديدة يغير خريطة الطرقات التجارية في أفريقيا، وفي انتظار ذلك وجب توسيع السوق وتنمية التبادل التجاري من طريق وضع منصات رقمية تمكن من عرض المنتوجات من قبل المؤسسات المؤهلة للتصدير.

 

وعن تمويل هذه الإستراتيجية قال، إن بنوكاً أهمها البنك الأفريقي للتنمية والبنك الدولي و”أفريكسيم بنك” تقدم تمويلات لمعاضدة برامج تأهيل المؤسسات المصدرة، لكن يظل العمل متواصلاً لإيجاد تمويلات ضخمة وهناك وعود في هذا الصدد. بالنظر إلى أن أفريقيا قارة ثرية وقادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وجب تفعيل التعاون والتبادل التجاري بين بلدانها وتنمية الموارد البشرية والذكاء ثم جذب المستثمرين لتحقيق التنمية.

 

الاستثمار

 

وكشف رئيس مركز النهوض بالصادرات أن بلاده حققت نسبة نمو بلغت 8.9 في المئة عام 2022 و 7.8 في المئة عام 2023، ومن عوامل نمو الإنتاج المحلي الإجمالي القطاع التجاري، لكن تسعى الحكومة الحالية إلى تطوير قطاع الاستثمار بعد التحسن الذي شهده مناخ الاستثمار الذي وصفه لوبومبا بالجيد للغاية، إذ توفر قوانين الاستثمار التسهيلات اللازمة ومراكز مخصصة للاستثمار ومناطق صناعية وقوانين موائمة للاستثمار الأجنبي لاستقطاب المستثمرين من أفريقيا وآسيا وأوروبا وأبرزها خفض الأداءات وتسهيل التعاملات الإدارية والضغط على البيروقراطية وتسهيل تأسيس المؤسسات بخصوص الاستثمار المحلي.

 

وعن رؤيته لدور منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية “زليكاف” في معاضدة الصادرات لدى البلدان الأفريقية الأعضاء والكونغو بالتحديد، قال إن تعميم فوائد المنطقة رهن تحول المنتجين المحليين إلى فاعلين اقتصاديين في أفريقيا وفرض منتوجاتهم، علاوة على تركيز الرقمنة بصفة شاملة لأنها وسيلة التواصل والتسويق.

 

ويمثل تطور التجارة الإلكترونية في الكونغو والبلدان الأفريقية مؤشراً جيداً يتحتم البناء عليه بواسطة تشجيع الموارد البشرية المحلية تغطية الخدمات بالرقمنة.

الإنديبندنت عربية

قد يعجبك ايضا