البارزاني الخالد ” إننا لا نستسلم، بل نؤثر في الوقت الحاضر إيقاف العمليات مؤقتاً لإعادة رص الصفوف وبناء الثورة لتنسجم مع المُستَجدات، حتى نستطيع الإستمرار في المقاومة بعد إغلاق الحدود الإيرانية العراقية. الثورة لمْ تنتهِ لكنها توقفت في الحاضر”
اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 30- 7- 2024
هذه الجُمل أعلاه صرّح بها البارزاني الخالد في 5 أيلول 1975 للصحفي المصري محمد حسنين هيكل. التي وردت في كتاب بعنوان ( تاريخ بدايات ثورة گـولان / 26- 5- 1976) باللغة الكوردية للاستاذ أسعد عدو، وترجمها الى العربية بلند داوود، وراجعها وقدَّمَ لها الاستاذ الدكتور عبد الفتاح علي البوتاني. الكتاب صدر بطبعته الاولى في اربيل عاصمة اقليم كوردستان العراق عام 2024، وطُبِعَ في مطبعة جامعة صلاح الدين- ربيل. ورد فيه الكثير من المعلومات نقتطف منها:
– “تقديم
معد ومؤلف هذا الكتاب السيد أسعد عدو ليس مؤرخا بل هو معروف بأهتمامه بالتراث والفلكلور الكوردي وبتحليل الملاحم والأغنية الكوردية التأريخية، اذ حقق نجاحا في هذا المجال بشهادة كل من تابع برامجه التلفزيونية وكتاباته و ندواته ومحاضراته وتَعرّف عليه عن كثب. وبحكم عمله في الصحافة الكوردية منذ عقود قام بتحقيق الكثير من المقابلات الشخصية للذين شاركو في ثورتي ۱۱ أيلول- ١٩٦١ و گولان ٢٦- أيار ١٩٧٦. وحصل منهم على معلومات ثمينة ونادرة عن وقائع ثورة گولان خاصة وبعد ما حصل عليه من وثائق حيّة، ولولاه لضاعت تلك المعلومات والحقائق بسبب تقادم الزمن و رحیل معظم الذين قابلهم واستقى معلوماته منهم. ان تراكم مواد مقابلاته الصحفية مع نخبة من صانعي الأحداث وشهود العيان كان سببا دفعه لتأليف و اعداد هذا الكتاب الذي بين يدي القراء الكرام. وفي رأيي ان عمله هذا محاولة جادة لتوثيق بعض جوانب قيام ثورة گولان في ٢٦ أيار ١٩٧٦ ووقائعها ووضعها في خدمة المؤرخين والباحثين أو الجهة التي ستوثق وقائع و حیثیات هذه الثورة مستقبلا. في الكتاب وصف صادق لمعاناة پیشمرگه ثورة گولان الذين كسروا الجدار الحديدي الذي بنته الدولتان العراقية والايرانية بهدف القضاء نهائيا على حركة التحرر الكوردية خاصة بعد نكسة ثورة أيلول في ٦ أذار ۱۹۷۵ اثر اتفاقية الجزائر. ويُشيد الكاتب بجهود جنود مجهولين لم ينصفهم تأريخ الكورد، حيث كتب عنهم بشكل رومانسي مؤثر وحزین و دعا الى عدم نسيانهم وانصافهم ورعاية ذويهم خاصة بعد تشكيل حكومة اقليم كوردستان في تموز ۱۹۹۲ وفي الوقت نفسه دعا الى أن يتوارى عن الأنظار خجلا كل من وقف معاديا لطموحات شعبه القومية، وغير الموضوعيين الذين يحاولون دون واعز من ضمير ليي عُنق الحقائق وحجب نورها بغرابيلهم المتهرئة وأساليبهم الملتوية التي لا تنطلي إلا على أمثالهم من ضعاف النفوس الذين في قلوبهم ( مرض). يحاول الكاتب واستنادا على الوثائق الحيّة أن يُثبت عدة أمور منها: ان ثورة گولان ما هي إلا امتداد لثورة أيلول التي توقف مؤقتا واستؤنفت بعد نحو سنة وشهرين على نكستها. ويُثبت أيضا ان البارزاني قائد الثورة لم يوقفها إلا لتستؤنف أشد وأقوى، والأهم من هذا أن الثورة استؤنفت أولا وفي ٢٦ أيار 1٩٧٦ بجهود ونضال الحزب الديمقراطي الكوردستانى ( الپارتي). ويرد في هذا المجال على كل من ذهب خلاف ذلك لأغراض في نفسه، أو للتقليل من شــــــــــــــأن ( الپارتي). وفي رأيي أنه نجح فيما ذهب اليه بأدلة والبراهين والوقائع. بالرد على الكتابات غير الموضوعية و المتناقضة والمواقف المتذبذبة التي لا تصمد أمام المنطق و النقد التأريخي. وإذا كان لابد من توضيح ما تضمنه الكتاب من المعلومات عن تلك المرحلة المأساوية والعاصفة التي أعقبت نكسة الثورة الكوردية في ٦ أذار ١٩٧٥ التي أرادت بها الدول التي تتقاسم کوردستان القضاء نهائياً على الپيشمرگه وأماني الشعب الكوردي وأحلامه، أرى من الضروري أن أكتب ما يلي استنادا على مصادر موثوقة معاصرة ولتعزيز حقيقة معلومات ومواقف وردت في هذا الكتاب: ( ان ثورة أيلول التي أرادت اتفاقية الجزائر وأدها في اذار ۱۹۷۵ عادت أشد وأقوى أيار گولان ۱۹۷٦). ان مصير الحركات والثورات الوطنية الكوردية التي شهدتها کوردستان خلال المدة ۱۹۱۸-۱۹۷۵ لم يتقرر على قمم الجبال أو على جبهات القتال، بل كان ذلك يتم نتيجة اتفاق وتعاون وتحالفات الدول التي تتقاسم کوردستان، ان هذه الدول وعلى الرغم من خلافاتها الاقليمية والتأريخية، فانها تعد الكورد ( العدو المشترك لها)، وأمام عجزها عن اخماد الثورات الكوردية لم تتورع عن التنازل لبعضها البعض عن السيادة الوطنية والتخلي عن التزاماتها الأخلاقية تجاه الكورد، ففى اتفاقية الجزائر التي عقدت في ٦ اذار ۱۹۷۵ مثلا تنازل العراق فيها عن نصف شط العرب وعن أجزاء من أراضيه الحدودية لايران من أجل انهاء الثورة الكوردية. أكد قادة الپیشمرگه الذین قابلهم السيد أسعد عدو، ونشر تصريحاتهم في جريدة ( برايتي- التأخي) التي صدرت في أربيل باللغة الكوردية في مطلع تسعينيات القرن العشرين ان البارزاني أكّد لهم وقبل مغادرته کوردستان الی الجانب الايراني بأن توقف الثورة سيكون مؤقتا وانها ستستأنف قريبا. وأكدّت تصريحات البارزاني الصُحف الصادرة لاحقاً. ممّا لا شكّ فيه أن اتفاقية الجزائر أرادت أن تحكم على الثورة الكوردية بالموت الأبدي، إذ بموجبها أصبحت كل الطرق مسدودة بوجهها، ولم يكن هناك خيار سوى ايقاف الثورة لنجنب كوردستان الويلات والتدمير، لأن حجم المؤامرة كان أكبر من امكانياتها، فقد كان قرار البارزاني بايقافها قرارا حكيما ولم ينس الاشادة ببطولات الپیشمرگه و طمأنتهم بأن الكفاح المسلح سيعود في الوقت المناسب لأنه كان يرى في المؤامرة الدولية التي حيكت في الجزائر حالة مؤقتة ستزول، فقد أجرت صحيفة كون أيدن صباح الخير التركية في ٢٥ أذار ١٩٧٥ مقابلة معه في ايران شكا خلالها البارزاني من عدم قيام العالم بمساعدته، وقال بأن الحركة الكوردية مستمرة رغم نهاية ( التمرد). وكشف مجلة صات ( الساعة) التركية أيضا في عددها الصادر في ١٧- ٢٤ نیسان ۱۹۷۵ عن وجود ( ۱۵-۲۰) ألف كوردي في العراق في حالة تأهب للقتال. وأضافت بأن قوات البارزاني قد هزمت، ولكن التكهن بالمستقبل صعب.
كما صرح البارزاني الخالد في ٥ أيلول ۱۹۷۵ للصحفي المصري الشهير محمد حسنین هیکل قائلا: ( إننا لا نستسلم بل نؤثر في الوقت الحاضر ايقاف العمليات مؤقتا لاعادة رص الصفوف وبناء الثورة لتنسجم مع المستجدات حتى نستطيع الاستمرار في المقاومة بعد اغلاق الحدود الايرانية- العراقية. الثورة لم تنته لكنها توقفت في الحاضر). وفعلا بعد شهر من اتفاقية الجزائر أخذ ( الـپـارتي( يُعيد تنظيمه وبشكل في غاية السريّة، فتشكلّت الخطوط التنظيمية مجددا، وأعدت مفارز الپيشمرگه. وفي ۱۰ كانون الأول ۱۹۷۵ أصدر الپارتی أول بيان بعد توقف الثورة، وكان تحت عنوان ( کوردستان الساحة الحقيقية للنضال، ناضلي يا جماهيرنا وارفضي واقع النكسة). وهكذا تحركت مفارز الپیشمرگه الاولى الى كوردستان. وفي ٢٥ أيار 1976 أي عشية يوم ٢٦ أيار اطلقت الرصاصة الاولى وأستؤنفت الثورة على الرغم من كل الاجراءات التعسفية التي اتخذتها الدولتان المتحالفتان، حيث تمكّن الثوار من إعادة تنظيمهم واختراق ذلك الطوق الحديدي الذي أحكمته عليهم الدولتان. تمّ ذلك قبل أن تتبادل الدولتان العراقية والايرانية وثائق اتفاقية الجزائر المصادق عليها من ( برلمانيهما) في طهران في ۲۲ حزيران ١٩٧٦. لم يكن استئناف الثورة عملا سهلا، والكتاب هذا فيه معلومات نادرة ومثيرة عن اللقاءات والتحركات والاستعدادات لأستئنافها، وعن الپیشمرگه الاوائل الذين اخترقوا الجدار الحديدي المفروض عليهم. ممّا لاشك فيه ان الاجراءات المشددة التي اتخذتها الدولتان على الحدود، خلقت ظروفا في غاية الصعوبة لاستئناف الثورة فقد وزعت معظم وحدات الجيش العراقي على قمم الجبال وأفرغت السلطات المناطق الحدودية مع ايران و تركيا بعُمق۲۰ كم من السُكان ونفت وأبعدت آلاف الكورد الى وسط وجنوب العراق. وفي المدن الكوردية شكلّت السلطات و تنظیمات حزب البعث أوسع الاجهزة الامنية و المخابراتية القمعية والتجسسية لمراقبة الكورد و تحركاتهم، أما في ايران فقد شَتَتت السلطات اللاجئين الكورد الذين عبروا الحدود اليها ووزعتهم على مساحات واسعة في غرب ایران و جنوبها و حذرت ومنذ الأيام الأولى التي اعقبت الإتفاقية، قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الآنيان بأي عمل سياسي أو تنظيمي بين اللاجئين الكورد وأنذرت المخالفين بتسليمهم الى النظام العراقي. المهم في الأمر لم تُنهِ الاتفاقية الثورة الكوردية، بل أدّت الى توقفها ولو الى حين، وتحقق ما صرّح به البارزاني الخالد بعد أيام من توقف القتال أن الثورة ستعود أشد وأقوى من قبل وسنظل نناضل، وكلما ناضلنا أكثر فان حقوقنا ستزداد أكثر لآن نضالنا مشروع ولآن حركتنا انسانية تحررية وان نظام صدام سيقهر و سيهزم لأنه لا يعرف العهد ولا يعرف الأخلاق. وهذا ما حصل فعلا فقد استؤنفت الثورة في ٢٦ أيار ١٩٧٦ أشد وأقوى وانتهى نظام الشاه ونظام صدام الى مزبلة التاريخ وتحققت الفدرالية لكوردستان. بقي أن أقول اني قرأت هذا الكتاب بدقة واستمتعت بقراءته وكانت لي ملاحظات وتصحيحات بسيطة ثبتها في المتن و الهوامش والكتاب يُعد مَصدرا مهما لكل باحث يتصدى للكتابة عن ثورة گولان لأنه يتضمن وثائق حيّة تتمثل بمعلومات عن المُشاركين فيها من الپيشمرگه الأوائل الذين حاول السيد أسعد عدو أن ينصفهم ويلفت انتباه وأنظار المسؤلين اليهم أو الى ذويهم.
أ. د. عبد الفتاح علي البوتاني
دهوك 22 / 5 / 2024″.
واضاف في عنوان فرعي: ( أسماء پيّشمركة أول مفرزة گولان في قطاع سوران- حاجي عمران) ما يلي:
– ” من أجل الطبعة الثانية اتصلت مع الأخ ( أحمد بارزان)، وهو من جهته أرسل هذه اللائحة من الأسماء: ( ١– الشهيد سيد عبد الله. ٢ – أحمد نبي محمود. ۳– عليكو. ٤– علي كردة. ه – ملا شیخ محمود. ٦– علي عبد الله إبراهيم المعروف باسم علي ملا. ٧– نبي نبي محمود. 8- عبد الله محمد مراد. ٩ – نبي محمد مراد. ۱۰ – حاجي سليمان نبي. ١١ – كريم أحمد نبي. ۱۲ – قادر أحمد نبي. ۱۳ – بارزان عليكو. ١٤ – عبد الله رسول مصطفى. 15- مصطفى رسول. ١٦ – عبد الله شيخة عبد الله. ۱۷– محمد شيخة عبد الله. ۱۸ – محمد إبراهيم محمود. ١٩ – إبراهيم إبراهيم محمود. ۲۰ – محمد أمين محمد صوفي. ۲۱– رسول محمد صوفي. ۲۲ – عزيز مميسي. ۲۳– عبد الرحمن علي كردة).
يقول عليكو: المراسلون الذين كانوا يوصلون البريد بيننا وبين الأخ ( الراحل) إدريس البارزانى لفترة هم: ( مینه کوپه، حسین فتاح، وحاجي سليمان). وفي تلك الفترة القصيرة أرسل لنا مبلغاً قدره ( ۱۸۰۰) ديناراً ونحن وزعناه بيننا والله شاهد على أننا وزعناه أيضاً على ضيوفنا الأخوة ( علي العسكري وعلي كچكة). ويتابع الأخ عليكو كلامه قائلاً : وبناء على اتفاقية ( 21- 3- 1977) بين مام جلال وكــاك ( الرئيس) مسعود من أجل التعاون والتكاتف بين الطرفين، تم تشكيل لجنة تكونت مني ومن الأخ عادل كركوكي الذي أصبح مسؤولاً للمنطقة بدلاً من د. كمال كركوكي الذي اعتقله النظام التركي والأخ رسول مامند وملا بختيار، وذهبنا إلى إيران عن طريق المُرشد والدليل مام حسين فتاح، ومن هناك توجهنا إلى الحدود التركية“.