تباطؤ سرعة دوران الأرض.. كيف يتلاعب التلوث المناخي بالوقت ويتسبب في طول اليوم؟

متابعة ـ التآخي

هل تخيلت يوما أن يتسبب التلوث في إطالة اليوم؟ .. هذا ما يحدث نتيجة لتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة الذي تشهده الأرض في السنوات الأخيرة، وفقا لدراسة حديثة. فكيف يحدث ذلك؟ وما الآثار التي تترتب عليه؟

يتسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض في تغير سرعة دورانها، وهو ما يؤدي بدوره إلى إطالة اليوم.

وبعد تتبع دقيق للتغيرات في حجم كتلة الأرض منذ عام 1900، توصل باحثون أخيرا إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى إطالة المدة الزمنية لليوم الواحد.

إذ وجد علماء أن ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية بفعل ارتفاع درجات حرارة الأرض يتسبب في تدفق هذه المياه من القطبين نحو خط الاستواء، وفقا لدراسة منشور بمجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم PNAS“. هذا بدوره يغير من شكل كوكب الأرض بحيث يزيد من تسطيحه عند القطبين ويجعله أكثر انتفاخا في الوسط، مما يؤدي إلى إبطاء سرعة دوران الكوكب.

ووجد الباحثون أنه في القرن العشرين زادت مدة اليوم الواحد بمعدل يتراوح ما بين 0.3 مللي ثانية و1 مللي ثانية في القرن الواحد بسبب الزيادات التي يسببها المناخ، ولكن منذ عام 2000 ارتفع هذا المعدل ووصل إلى 1.3 مللي ثانية في القرن الواحد. جدير بالذكر أن الثانية الواحدة تساوي 1000 مللي ثانية، وفقا للنظام الدولي لوحدات القياس.

ويرى الأستاذ المساعد بالمعهد التقني العالي في زيورخ ETH بينيديكت سوغا، وفقا لموقع سي بي إس نيوز، الأمريكي، أن تلك النتائج توضح كيف يؤثر البشر “بشكل درامي” على نظام الأرض بأكمله وحركة الكوكب وليس فقط على المستوى المحلي بارتفاع درجة الحرارة. ويقول سوغا “بسبب انبعاثات الكربون لدينا، فعلنا ذلك في 100 أو 200 عام فقط، في حين أن العمليات الحاكمة في السابق كانت مستمرة منذ مليارات السنين. وهذا أمر مذهل”.

ومع استمرار انبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري، يتوقع الباحثون استمرار الزيادة في طول اليوم الناجمة عن تغير المناخ “بضعف المعدل الحالي”.

هذه التغييرات صغيرة، بمعدل أجزاء من الثانية في اليوم الواحد، ولكن في عالمنا الحديث لها تأثير مهم على أنظمة الحوسبة المختلفة التي نعتمد عليها في كل شيء الآن، وفقا لموقع سي إن إن.

ويشرح سوغا الآثار التي يمكن أن تترتب على ذلك اذيقول “جميع مراكز البيانات التي تدير الإنترنت والاتصالات والمعاملات المالية تعتمد على التوقيت الدقيق. نحن بحاجة أيضا إلى معرفة دقيقة للوقت من أجل الملاحة، وخاصة بالنسبة للأقمار الصناعية والمركبات الفضائية”.

وتظهر دراسة جديدة أن ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية العالمية نتيجة التغير غير المسبوق في المناخ بالعقود الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى إبطاء حركة كوكب الأرض وزيادة طول اليوم.

وخلصت الدراسة التي نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (بي إن إيه إس)- إلى أن معدل الزيادة الحالي في طول اليوم على الأرض أعلى من أي وقت مضى في القرن الـ20، وفي ظل سناريوهات الانبعاثات العالمية واستمرار تأثيرها على المناخ فإن معدل طول اليوم الناتج عن تغير المناخ سيستمر في الزيادة وقد يصل إلى معدل أكبر بمرتين من المعدل الحالي بنهاية القرن.

ووفقا للمؤلف المشارك في الدراسة مصطفى كياني شهواندي الباحث في الجيوديسيا والمسح التصويري في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، فإنه ومع ذوبان الصفائح الجليدية القطبية والأنهار الجليدية العالمية فإن المياه الناتجة عن الذوبان تتدفق نحو المحيط، وبسبب حركة دوران الأرض فإن هذه الكتل المائية تتوزع عبر المناطق الاستوائية، وتؤدي هذه العملية إلى زيادة تفلطح الأرض.

ويضيف شهواندي “بالنظر إلى قانون حفظ الزخم الزاوي في الفيزياء فإننا نعلم أنه كلما كان الشكل أكثر تفلطحا زادت صعوبة حركته الدورانية، لذلك فإن معدل دوران الأرض يتباطأ، وبالتالي يزداد طول اليوم”.

واستعملت الدراسة أحدث البيانات والتوقعات المناخية على مدى قرنين من عام 1900 إلى نهاية عام 2100، باستعمال نموذج جيوفيزيائي لمعادلة مستوى سطح البحر على أرض تدور لاستنتاج التغيرات في معدل دوران الأرض.

قد يعجبك ايضا