الرئيس التونسي يسعى للبقاء متحكما بالسلطة بسجن معارضيه واثارة ملف المهاجرين

 

التآخي ـ وكالات

قضت محكمة تونسية بالسجن 8 أشهر على لطفي المرايحي، الذي أبدى نيته الترشح للانتخابات الرئاسية لمنافسة الرئيس التونسي قيس سعيد، فضلا عن منعه من الترشح مدى الحياة، فيما اعلن معارضون آخرون بعضهم خلف القضبان والبعض الآخر ملاحق  نيتهم الترشح.

 وأصدرت محكمة تونسية، الجمعة (19 تموز 2024)، حكما بسجن السياسي المعارض لطفي المرايحي ثمانية أشهر ومنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة، لاتهامه في قضية فساد مالي.

و المرايحي هو أحد من الذي أعلنوا نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ومنافسة قيس سعيد.

وقال محامي المرايحي، عمر بن إسماعيل لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الحكم يتضمن أيضا غرامة مالية بقيمة ألفي دينار. ووفق المحامي، وجهت إلى المرايحي، الموقوف منذ الثالث من تموز الجاري، تهمة “تقديم عطايا نقدية من أجل التأثير على الناخب”. وقال بن إسماعيل إنه يقدم طعنا ضد الحكم يوم 22 تموز.

والمرايحي (64 عاما) هو الأمين العام لحزب “الاتحاد الشعبي الجمهوري”، وهو حزب يساري يعارض سياسات الرئيس  قيس سعيد .

 

واتهم المرايحي أبان إيقافه، السلطة بتحريك القضاء ضده ردا على انتقاداته لأداء الرئيس قيس سعيد، الذي يتولى الرئاسة منذ 2019 قبل أن يطيح بالبرلمان في 2021 بدعوى ما أسماه “تصحيح الثورة ومكافحة الفساد”، وأصدر دستورا جديدا بعد عام عزز عن طريقه من صلاحياته بشكل كبير.

وفي مقطع فيديو نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي والعديد من وسائل الإعلام المحلية في 2 نيسان، قال المرايحي إنه سيترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من تشرين الأول المقبل.

وعبر العديد من السياسيين المعارضين لسعيّد عن نيتهم الترشح، بينهم من هم في السجن إضافة الى آخرين ملاحقين، على غرار عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري والموقوف منذ 25 شباط 2023 بتهمة “التآمر على أمن الدولة”. وكان أعلن حزبه ترشحه في آذار الفائت، لكنه قرّر سحبه.

إلى ذلك قالت رئيسة “الحزب الدستوري الحرّ” عبير موسي الموقوفة إنها تعتزم الترشح.

كما عبر زعيم حزب “العمل والإنجاز” عبد اللطيف المكي، وهو قيادي بارز سابق في حركة النهضة في نهاية حزيران عن نيته الترشح لهذه الانتخابات. وجرى التحقيق معه في 12 تموز في قضية مرتبطة بوفاة شخصية سياسية عام 2014. ومنعه القاضي من مغادرة الأراضي التونسية ومن السفر خارج الحي الذي يقيم فيه بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة ومن الإدلاء بتصريحات.

 

 

و قالت منظمة العفو الدولية في بيان إنه “يجب وضع حد لعدم احترام السلطات التونسية لحقوق الإنسان، وحملتها القمعية ضد المعارضين والاعتقالات التعسفية للصحفيين والمحامين والنشطاء والسياسيين المنتقدين”.  من جهتها، نددت منظمة “أنا يقظ” غير الحكومية، بـ”غياب الشفافية المنتهجة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، قد دأب منذ مدة على اثارة قضية الهجرة فيما اتهمهه معارضون ومنظمات حقوق الانسان بالعنصرية، ودعا سعيد إلى تطبيق القانون على المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول الصحراء والساحل الإفريقي، محذراً من وجود مخطط لتوطينهم في تونس لتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد، على حد وصفه.

ونفى سعيد خلال لقائه مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين، الاتهامات الموجهة له بممارسة التمييز العنصري ضد الأفارقة الموجودين بتونس، مشيراً إلى أنه طالب بتطبيق القانون على المهاجرين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، نظراً لوجود مخطط لتوطينهم.

ووجه رئيس تونس رسالة طمأنة للأفارقة المتواجدين بتونس بطريقة قانونية، داعياً إلى عدم التعرّض لهم وإساءة معاملتهم، لكنه شدّد على أنّه لن يسمح لأي مهاجر بالبقاء في تونس بطريقة غير قانونية. وقال إن “الدولة ستتحمل مسؤولياتها في مواجهة المارقين عن القانون الذي وصل الأمر ببعضهم إلى حد إحداث محاكم”.

وتعرّض الرئيس التونسي لانتقادات كبيرة واتهامات بممارسة العنصرية من قبل أحزاب المعارضة وكذلك منظمات حقوق الإنسان، بعد دعوته إلى ضرورة التدخلّ العاجل لوضع حد سريع لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء على بلده، وقال إن تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين” يؤدّي إلى “عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلاً عن أنه مجرّم قانوناً”.

ورداً على الانتقادات، اتهم سعيد خصومه بتحريف خطابه وبمحاولة استغلال حادثة المهاجرين، لزرع الفتنة والتفرقة ومحاولة المساس بعلاقة تونس مع الدول الإفريقية، مشيراً إلى أنه من أول المدافعين عن حقوق الإنسان وأن غايته هي “الدفاع عن الهوية ومنع توطين الأفارقة في تونس لتغيير التوازنات الديمغرافية”.

 

 

ويثير ملف المهاجرين الأفارقة جدلاً واسعاً في تونس وقلقاً متزايداً، بعد تضاعف أعدادهم وتشكلّهم في تجمّعات كبيرة وسط الأحياء، وعقب سلسلة جرائم وأعمال عنف نفذها عدد منهم، بين من يدعو إلى ترحيلهم لتفادي “الفوضى المحتملة” التي يمكن أن ينجم عنها وجودهم غير القانوني، ومن يطالب السلطات بضرورة التكفل بهم وتمكينهم من التمتع بحقوقهم الأساسية.

وواجه المهاجرون أياماً صعبة على وقع ملاحقات أمنية وحملة مناهضة لتواجدهم، حيث اعتقلت السلطات الأمنية عدداً منهم بتهمة اجتياز الحدود خلسة، كما دعت حكومة رئيسة الوزراء نجلاء بودن في نهاية العام الماضي إلى “ضرورة الشروع في ترحيل المهاجرين غير القانونيين في أقرب وقت ممكن”.

وفي المدة الأخيرة، شهدت تونس تصاعدا لافتا في معدلات الهجرة إلى أوروبا، لاسيما تجاه سواحل إيطاليا، على خلفية الأزمات الاقتصادية والسياسية بالبلاد، ومختلف دول المنطقة.

وتعلن السلطات التونسية بوتيرة أسبوعية إحباط محاولات هجرة إلى سواحل أوروبا، وضبط مئات المهاجرين، من تونس أو من دول أفريقية أخرى.

وأفاد المحلل السياسي التونسي نبيل الرابحي أن “الرئيس سعيد ذكّر بالموقف التونسي منذ بداية أزمة المهاجرين الذي توّج بإبرام اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى أن يتم تفعيلها بجدية”.

وأضاف في تصريح لـصحيفة” العرب” أن “قيس سعيد يريد التذكير بهذا الموقف والجلوس إلى طاولة الحوار مع الطرف الأوروبي بندية، وهناك بعض البلدان الأوروبية تتلكأ في تطبيق الاتفاقية”.

وفي ايلول 2023، أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، تندرج ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، جزء منها للحد من توافد المهاجرين.

وتابع الرابحي “منذ ستينات القرن الماضي، هناك شراكة تونسية – أوروبية، اذ تتكفل أوروبا بنسبة معينة من تشغيل أصحاب الشهادات وطالبي الشغل، لكن مع الأسف في الفترة الأخيرة بعض الدول الأوروبية أصبحت تضع شروطا صعبة للحصول على تأشيرة، وهذا ما زاد في تدفق المهاجرين غير النظاميين”.

وإلى جانب هذا الإصلاح الذي سيتم تطبيقه في عام 2026، يعمل الاتحاد الأوروبي على زيادة الاتفاقيات مع بلدان المنشأ والعبور للمهاجرين (تونس وموريتانيا ومصر) في محاولة لتقليل عدد الوافدين إلى حدوده.

ويواجه الاتحاد الأوروبي ارتفاعا في طلبات اللجوء التي تخطت 1.14 مليون في عام 2023، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2016، وفقا لوكالة اللجوء الأوروبية.

وازدادت أيضاً عمليات الدخول “غير النظامية” إلى الاتحاد الأوروبي، لتصل إلى 380 ألفًا في عام 2023، بحسب الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس”.

ويثير اتفاق الهجرة لأسباب متباينة معارضة طيف واسع من اليمين المتطرف، فضلا عن حزب الخضر واليسار الراديكالي وبعض الاشتراكيين.

كما نددت به منظمات حقوق الإنسان التي تشعر بالقلق بخاصة حيال بند رئيس يلزم الدول بتوفير مراكز بالقرب من الحدود لاستقبال اللاجئين، ومن ضمنهم العائلات، الذين من غير المرجح أن يحصلوا على اللجوء.

ويتعين توفير نحو 30 ألف مكان في الاتحاد الأوروبي لهؤلاء المتقدمين الذين ستخضع ملفاتهم لإجراء فحص سريع بهدف تسهيل عودتهم المحتملة.

 

 

وتثير نقطة أخرى الجدل ألا وهي إمكانية إبعاد طالب اللجوء، على وفق شروط، إلى دولة ثالثة “آمنة”.

ورأى النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان (يسار) فيها “خطوة جديدة نحو الاستعانة بمصادر خارجية لحدودنا”.

وأوضح أن “الدول ستعيد طالبي اللجوء إلى البلدان التي مروا عبرها، من دون دراسة طلباتهم، برغم امتلاكهم فرصة للحصول على اللجوء في الاتحاد”.

قد يعجبك ايضا