فاضل ميراني*
لا مجال لتبني مذهب اقتصادي او اداري بلا معلومات مفصلة عن من تخدمهم مرافق الدولة، بل ان عدم توقع التلكوء او الهدر او القصور هو الخطأ بعينه.
معادلة مترابطة بين الموارد و الانفاق و فبلهما العدد البشري بنوعيه و تفرعاته الحيوية من فئات عمرية و كثافة سكن ووجود عمل من عدمه و طبيعة عمل و منظور امكانية دوام نوع العمل من تقلصه او زواله تبعا لتبدلات حاجة السوق، مستوى التعليم، الحالة الاجتماعية، يضاف لكل ذلك اسئلة ملحة عن الهيكل الاداري للحكومة من سعة او قلة او توازن مع متطلبات الحاجات الفردية و الجماعية للشعب، و معرفة انجاز معادلة الديمومة لحفظ الواقع و تأمين المستقبل من هزات سببها عدم الاحاطة بمتطلبات حياة الافراد من وطنيين( سكان البلاد) او الاجانب( الوافدين) و اعداد الخطط القابلة للتنفيذ لمواكبة الاحداث سواء تطورت بشكل طبيعي ام استثنائي اي الحروب او الكوارث، سيما في البلدان التي لم تشهد استقرارا سياسيا و ما يتبع ذلك من تبدلات خطرة على باقي الملفات.
ترف فكري
ليس في طرح مثل هذا شيء من ترف فكري، او ان تغطي عليه ملفات انسحبت من الواجب الى المِنّة، ذلك ان الادارة الحكومية و بتجرد و في كل الانظمة ليست سوى يد تنفيذ لفكر سياسي واضح متبنٍ لنظرية اقتصادية.
حياة الفرد في النظام وطنيا كان الفرد ام متوطنا او ساكنا لعمل خارجي لابد ان تكون واضحة الحق و الواجب بالتقابل بين الفرد و حكومته سواء كان الفرد حرا او محكوما بعقوبة قضائية، فبالمحصلة و المبتدأ هو من رعايا الدولة او متمتعا بقانون الاقامة، لذا فالادارة و من فوقها النظام السياسي ليس امامهما- ان ارادا نجاحا غير مغشوش- ان يكونا متمكنين من تشكيل و ادارة المعادلة الناجحة عبر معرفة ادارة الموارد البشرية و باقي موارد الدولة عبر احصاء و تقييم، احصاء سكان لا يستهدف العدد فقط، بل ما يرافق العدد من احتياجات اصيلة او تبعية و معرفة المقدرات المالية و النقدية و حركتهما و تنظيم الامور لتقريب الفوارق و ضمان السلامة الاجتماعية و السلوكية التي تولدها الغفلة او الاهمال او الانشغال بتخصصات ليست للادارة و دخول سلطات اخرى غير مخولة و لا مكلفة على خط الادارة.
لا يستغرب احد اعجاب كثيرين بأنظمة الادارة الغربية ممن عانوا في مجتمعاتهم التي شهدوا فيها عدم الاستقرار و عدم شعور السلطة بمتطلباتهم، لكن المستغرب حقا هو عدم ادراك الادوار او الفصل بينها، عدم ادراك متطلبات الدور الاداري و تنظيم الوارد و المنفق وفق ارقام هدفها الاستثمار في المورد البشري.السياسات، اي سياسات ناجحة لا يمكن رسمها و لا دوام لها ان لم تقم على لغة رصينة من ارقام واضحة، يلحق بها تفصيلات ترسم خرائط بينة لمضمون المجتمع و مقدار و نوع حاجاته و ما تعنيه تلك الحاجات من توجهات و نقص و زيادة او انعدام.
الاحصاء ليس فقط للوصول الى رقم، بل هو خلق وجود جديد و جواب على اسئلة كثيرة و قديمة و معاصرة و مستقبلية تكاشف فيها السياسة و الادارة نفسها و الافراد بالصواب الذي يعزز و الخطأ الذي يحتاج العلاج، و يواجه فيه الفرد نفسه و من يرعى لخلق حلول او طلب تدخل المشرع و المنفذ لضمان توجه سليم.
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني*