محمد حسن الساعدي
تتميز الانتخابات الامريكية بمفاجأة من العيار الثقيل،إذ انها اتت بالمرشح الجمهوري “دونالد ترامب” والذي يعد شخصية جدلية بامتياز،وأجبر الكثير من الشخصيات السياسية في داخل حزبه على التخلي عنه بسبب تصريحاته الغير مألوفة إذ انه قدم من خارج المؤسسة السياسية الأمريكية، فالمرشح “ترامب” لم يشغل منصباً تنفيذياً او تشريعياً أو قضائياً،ولمع أسمه كأحد تجار العقارات في نيويورك،وتشكل هذه المفارقة سابقة في التأريخ الأمريكي لكسر الأعراف والتقاليد السياسية الأمريكية.
منذ بدأ المناظرة بين المرشحين الابرز لرئاسة الولايات المتحدة “دونالد ترامب”و”جو بايدن” والمنافسة تحتدم بينهما،حيث بدت حظوظ بايدن غير مقنعة للجمهور الذي ينتظر أن يدخل البيت الابيض رئيس يلبي طموحاتهم ويحسن من مستواهم المعيشي والملاحظ ان حملة المرشحان كانت جيدة وتقترب من الفوز كثيرا ولكن ما حصل من اعتداء على حملة المرشح ترامب غيرت مجرى التنافس،وجعلت حظوظ بايدن تتراجع خصوصاً وأن خطاب الأخير أثناء حملته الدعائية أتسمت بالعدائية والتحريض على ترامب،لذلك وفي اعقاب محاولة الإغتيال قد نشهد ارتفاعاً في شعبية ترامب،خاصة بين الناخبين المترددين الذين ربما يتأثرون بهذه الاحداث الدرامية.
أن تصدير دونالد ترامب كمرشح يدعو الى تطبيق النظام والقانون امام هذه الخروقات في الدعاية الانتخابية وهو ضحية هذا التجاوز على القانون بمحاولة الإغتيال،لذلك من يتأثر بالدراما السياسية اعتقد فأنه بالتأكيد سينتخب “ترامب” وهو بذلك سلك أقصر الطرق نحو البيت الابيض،وحظي “ترامب” مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية بموجة من التعاطف الداخلي والخارجي بعد تعرضه لمحاولة اغتيال،حيث أثارت هذه الحادثة تساؤلات حول الاخفاق الامني في أمريكا وعدم قدرة الاجهزة الامنية على حماية مواطنيها.
في الخامس من تشرين الثاني القادم سينتخب الأميركيون رئيسهم المقبل،وكلا المرشحين لا يحظيان بشعبية كافية ولن تكون الانتخابات الامريكية قائمة على المنافسة بقدر ما هي استفتاء يرى فيه الامريكيون فيه بانه الخيار الاقل سوءاً، وعلى الرغم من ان لا تزال هناك عدة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات، الا ان حظوظهما لن تكون قوية جداً، وستكون انتخابات استفتائية ليس الا ، خصوصاً مع المشاكل التي جرت في عهد بايدن كالحرب في اوكرانيا والذي تعهد بإنهائها ولم ينهيها وحرب غزة التي هي الأخرى لم تنتهي الى يومنا هذا،بالمقابل فان ترامب هو الآخر لا يمتلك حظوظاً كبيرة خصوصاً وانه متهم بقيادة انصاره بالهجوم المسلح على مبنى الكونغرس الامريكي.
التأثيرات السياسية للإنتخابات الأمريكية على الخارج ربما لن تتغير كثيراً،خصوصاً على الملفات الخارجية كملف اوكرانيا او الصين وروسيا وكوريا وغيرها من دول الممانعة، وحتى الشرق الاوسط الغارق في المشاكل والصراعات فانه لن يكون متأثراً لان فوز ترامب لا يمثل شيئاً جديداً خصوصاً وأن له تجربة سيئة مع الشرق الاوسط واغتيال قيادات عسكرية مهمة في الشرق الاوسط،لذلك لن يتغير شيئاً على المدى القريب وتبقى السياسات الامريكية واحدة، اما بالنسبة للشرق الاوسط فلن يتغير شيء وذلك وفق مبدأ “المبلل ما يخاف من المطر” .