نهاد الحديثي
العراقيون يحتفلون بعيدهم الوطني في14 تموز باعلان الجمهورية, مضت عقود طويلة على تلك الاحتفالية, هو يوم إحياء ذكرى استقلال الوطن، يستذكر فيه الشعب عيد يوم استقلالهم وحريتهم، بل إن العيد الوطني يتجاوز مع الأيام هذا الاستذكار لتلك المناسبة ليصبح يوم التعبير عن الفرح بالوطن والانتماء إليه, هذا الاستذكار لتلك المناسبة ليصبح يوم التعبير عن الفرح بالوطن والانتماء إليه , والمواطن بحاجة إلى هذه الأعياد للتعبير عن فرحه بوطنه من خلال الأناشيد أو رفع رايته أو غيرها من الصور الجميلة، فالفرح شعور نفسي، والنفس في أشد الحاجة إليه ليريحها ويخفف عنها ضغوط الحياة، وكذا أيضا الفرح بالانتماء بما يحتويه من مشاعر تلتصق بالصفة الإنسانية من فخر وكرامة، هذا الانتماء للوطن بما يتمثل فيه من ذكريات الفرد وأهله وآبائه ورزقه وعمله الطامح له علميا وعمليا. إن المواطن يعبر عن حب الوطن في شتى جوانب حياته، وفي كل الأوقات والمواقع، إلا أن تخصيص يوم أو أيام للعيد الوطني هو رمز تعبيري للاعتزاز بالوطن، وإعلانه يوم عطلة مظهر تشترك فيه كل الدول الحائزة على استقلالها، لكن هذا اليوم والاحتفال بهذه المناسبة يقتضي تكريس فعاليات مختلف القطاعات والاتجاهات لتشارك مشاركة فعلية للصغار والكبار، مشاركة بشتى مظاهر التعبير عن الفرح، وتجنب كل ما هو سلبي قد يمس حرية الآخرين أو حقوقهم؛ بحيث نعزز قيمة الانتماء وهي غاية هذه الأعياد. وعلى الدول المقارنة بمثيلاتها من مظاهر بهذه المناسبة بما يسهم في تعزيز الانتماء إلى الوطن؛ فهي مسؤولية مشتركة بين جميع أجهزة الدولة والمواطن والأسرة، بحيث تجسد الأعياد الوطنية والاحتفال بها نموذجا للفرح والسعادة وحب الوطن والعدالة، ودامت الأفراح الوطنية عامرة في الأوطان. من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى سياسية حيّة وفاعلة للتغيير, تأمّل العراقيون أن يكون التغيير بوابتهم لتأسيس دولة مدنية شعارها المواطنة والقانون الذي يطبق على الجميع، غير أنهم اكتشفوا بعد عشرين عاماً انهم واهمون بكل شيء, النخب الحاكمة ـــ ربما ـــ وجدوا أن هذه البلاد لا تستحق أن يقام لها عيد وطني أسوة بمعظم بلدان العالم .. ولا تسألوا لماذا الهتاف للطائفة والعشيرة والمكون بديلاً عن العراق الذي يراد له أن يتحول إلى تابع .. ولا تتعجبوا أن تصبح مغردة الدولة المدنية مرادفة للكفر والإلحاد في قاموس مجلس النواب , انهم يعيشون في فوضى , لا يتفقون على كرسي رئاسة البرلمان, ولا يتفقون على تشريع قانون الا بالتوافق , وحكومات بعض المحافظات تعيش فوضى , وحيتان الفساد تسرح وتمرح
للأسف نحن نعيش اليوم مع سياسيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون يعلنون عن وجودهم عبر إشاعة مفهوم الطائفة الضيق، بديلاً عن مفهوم المواطنة الذي يجمع كل العراقيين.. سياسيون ومسؤولون يتركون تعهداتهم أمام الشعب ليمارسوا لعبة خلط الاوراق، التي تدفع الناس للتساؤل: ؟ لماذا يستكثر البرلمان على العراقيين أن يحتفلوا بعيد وطني ؟ لم تتجاوز النخب السياسية التي تحكمنا اليوم محنة العراقيين مع أولوية الأيديولوجيات على هويتهم ومصلحتهم الوطنية، بل على العكس استبدلوا المكوناتية مكان الأيديولوجيا. فالإسلامويون الذين لهم الغلبة في الحكم والسيطرة على السلطة رسخوا هذه المحنة، وبدلا من أن يكون مشروعهم بناء هوية وطنية والدفاع عنها وترسيخها، بات مشروعهم الأول تغييبها تماما، وفرض المذهب الطائفي كهوية للدولة,,
يقول ابن خلدون في مقدمته: “إن الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قلّ أن تستحكم فيها دولة، والسبب في ذلك اختلاف الآراء والأهواء، وإن لكل رأي منها وهوى عصبية تمانع دونها، فيكثر الانتفاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت , كيف ننمي ثقافتنا وثقافة الأجيال القادمة , والنخبة الحاكمة عجزت عن الاتفاق على يوم وطني للعراق, بلد مثل العراق تتقاسمه الانتماءات القومية والمذهبية والطائفية, مع وجود حكومات ونخب سياسية فشلت في تبني مشروع وطني لبناء الأمة العراقية، وما صعود أو بقاء هذه الانتماءات القلقة إلا دليل واضح على فشل وتصدع بناء الأوطان، التي عمادها الدولة الحديثة، وبطلها المواطن الفرد المجرد من أية صفة أخرى. لذلك من الطبيعي جدا أن يبقى أبناؤه حائرين بين الانتماءات الطائفية والقومية التي تعلو على أي صوت يدعو للوطنية، ويبقى القدح المعلى لحماة المذهب وسدنة الطائفية