ضغوط على الرئيس الأمريكي بايدن من عدة جهات للانسحاب من الانتخابات

 

التآخي ـ وكالات

تستمر الضغوط في التصاعد على الرئيس الأمريكي جو بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي ليتسنى للديمقراطيين اختيار بديل أمام منافسه على الرئاسة دونالد ترامب.

وواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن المزيد من الدعوات، يوم الجمعة (12 تموز 2024)، من أعضاء بالحزب الديمقراطي للتخلي عن مسعاه لإعادة انتخابه بعد مؤتمر صحفي تلعثم فيه ببعض الردود مع تقديم إجابات غير دقيقة في أحيان أخرى.

وأثار أداء بايدن شكوكا في أن يقنع ساسة الحزب الذين تساورهم المخاوف إزاء قدرة بايدن على الفوز بأنه أفضل رهان لهم لهزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات المقررة في الخامس من تشرين الثاني 2024 والبقاء لولاية ثانية مدتها أربع سنوات في البيت الأبيض.

ودعا ما لا يقل عن 17 عضوا في الكونغرس من الحزب الديمقراطي حتى الآن بايدن إلى الانسحاب والسماح للحزب باختيار مرشح آخر عنه، من بينهم ساسة أعلنوا عن موقفهم هذا بعد المؤتمر الصحفي الذي عقد مساء الخميس.

ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أن انخفاض معدلات التأييد الشعبي لبايدن، إلى جانب تنامي المخاوف من تقدمه في السن لدرجة تقوض قدرته على تحمل مهام المنصب، قد يتسببان في خسارة الحزب مقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، مما يفقدهم القبضة على السلطة في واشنطن في حالة فوز ترامب بالرئاسة.

لكن بايدن شدد على أنه لا يعتزم التنحي. وقال “إذا حضرت المؤتمر وقال الجميع إنهم يريدون شخصا آخر، فهذه هي العملية الديمقراطية”، قبل أن يستطرد “هذا لن يحدث”.

ولم يطمئن بايدن أولئك الذين أصيبوا بالذعر بسبب الأداء السيئ الذي أبداه بايدن في المناظرة أمام ترامب في 27 حزيران 2024 ضمن الحملة الانتخابية. فخلال حديثه، أشار إلى نائبته كامالا هاريس باسم “نائب الرئيس ترامب”.

وجاء ذلك بعد ساعات فقط من تقديمه للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بصفته “الرئيس بوتين” في قمة حلف شمال الأطلسي، مما أثار صيحات من الحضور.

ومع ذلك قدم بايدن أيضا خلال المؤتمر ردودا مفصلة حول قضايا عالمية، بما في ذلك حرب أوكرانيا مع روسيا وحرب إسرائيل وغزة، بشكل يعيد إلى الأذهان ما له من عقود من الخبرة على الساحة العالمية.

ويعقد بايدن تجمعا انتخابيا في مدينة ديترويت حيث تقول حملته إنه يركز على “مخاطر” أجندة ترامب. وقالت ثلاثة مصادر إن المدينة الواقعة بولاية ميشيغان هي أيضا المقر الرئيس لنقابة عمال السيارات المتحدون التي أيد زعماؤها بايدن لكنهم الآن يقيمون خياراتهم.

 

 

ومع انقسام معظم الناخبين الأمريكيين أيديولوجيا إلى معسكرات، تظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة لا تزال متقاربة، وأظهر استطلاع لرويترز/إبسوس قبل ايام أن بايدن وترامب تعادلا بتأييد 40 بالمئة من المشاركين لكل منهما. لكن بعض المحللين حذروا من أن بايدن يخسر شعبيته في عدد من الولايات التنافسية التي تحدد نتيجة الانتخابات.

ماذا لو توقّفت هوليوود التي تعدّ ركيزة مالية للديموقراطيين، عن تقديم التبرّعات لحملة جو بايدن؟ يلوح هذا السيناريو المظلم في الأفق بعد المقال الذي نشره الممثل جورج كلوني وغيره من المتبرّعين الأُثرياء الذين يطالبون الرئيس الأميركي بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية. وقال النجم الهوليوودي في مقال نشره في صحيفة “ذي نيويورك تايمز” الأربعاء “أنا أحبّ جو بايدن ولكننا بحاجة إلى مرشّح جديد”.

وشكّلت كلمات كلوني وهو ديموقراطي متحمّس منخرط بشكل كبير في جمع التبرّعات للحزب، ضربة لبايدن بعد المناظرة الكارثية في مواجهة دونالد ترامب في نهاية حزيران. وقبل ثلاثة أسابيع، شارك جورج كلوني مع نخبة هوليوود في حفل أُقيم في لوس أنجلوس دعماً للمرشّح بايدن. وجمع الرئيس، البالغ من العمر 81 عاماً، 30 مليون دولار في أمسية واحدة، وهو مبلغ قياسي عكَس ثقل الصناعة السينمائية في تمويل الانتخابات الأميركية.

ويقول ستيف روس أستاذ التاريخ في جامعة جنوب كاليفورنيا ومؤلّف كتاب عن نفوذ هوليوود في السياسة الأميركية، “إذا انسحب كلّ هؤلاء المانحين الكبار، سيغرق بايدن… تظل هوليوود نقطة عبور إلزامية للمرشّحين”.

غير أنّ جورج كلوني ليس الوحيد الذي أعرب عن قلقه. ففي الأيام الأخيرة، أعلن ريد هاستينغز المؤسس المشارك لشركة نتفليكس وأبيغيل حفيدة والت ديزني ووكيل المشاهير آري إيمانويل الذي كان شقيقه رام كبير موظفي الرئيس السابق باراك أوباما، إنّهم لن يموّلوا رئيساً تتراجع قدراته بسبب عمره.

وفي حين أنّ الملايين التي تقدّمها صناعة الترفيه الأميركية تعتبر أساسية للحزبين، إلّا أنّ قلب هوليوود ومحفظتها يميلان إلى اليسار منذ عقود. وكان بيل وهيلاري كلينتون قد اعتمدا على هذا الدعم خلال حملتيهما للانتخابات الرئاسية. كذلك الأمر بالنسبة إلى باراك أوباما الذي استفاد من “تأثير أوبرا” وينفري، عبر عشاء نظمته مقدّمة البرامج في العام 2007 للترويج لعضو مجلس الشيوخ الشاب حينها.

وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2020، منحت صناعة الترفيه 104 ملايين دولار للديموقراطيين مقابل 13 مليون دولار للجمهوريين، وفقاً لمنظمة “اوبن سيكريتس” (Open Secrets).

ولكن هذا المَيل إلى الديموقراطيين لم يكن دائماً موجوداً. ففي الثمانينات، تلقّى الرئيس الجمهوري رونالد ريغن الممثل السابق، دعماً من نجوم مثل فرانك سيناترا، كما كان قادراً على الاعتماد بشكل كبير على أموال هوليوود. وقال روس “كانت هوليوود في البداية قاعدة محافظة للحزب الجمهوري. عندما استحوذ لويس بي ماير على استديوهات MGM في أواخر العشرينات من القرن الماضي، حوّلها إلى آلة دعاية للحزب الجمهوري وجمع مبالغ هائلة من المال”.

بعد ذلك، قام الأخوة وارنر الأربعة بإعادة التوازن من خلال دعم الديموقراطي فرانكلين دي روزفلت في ثلاثينات القرن الماضي عبر الاستوديو الخاص بهم وعبر نجومهم.

يشير روس إلى أنّ انتخاب جون كينيدي في العام 1960 كان بمنزلة نقطة تحوّل. وتزامن ذلك مع نهاية العمل “بالقائمة السوداء” التي وضعتها هوليوود للممثلين المشتبه في تعاطفهم مع الشيوعية. وفي هذا الإطار، يشير روس إلى أنّه “منذ ذلك الحين، لم يعد نجوم السينما مستبعدين بسبب تعليقات تعتبر متطرّفة”.

ولكن هل يمكن لهوليوود أن تدفع حقّاً باتجاه انسحاب جو بايدن؟

يعترف ستيفن مافيغليو وهو مستشار ديموقراطي سابق عمل مع غراي دايفيس الحاكم السابق لكاليفورنيا بين العامين 1999 و2003، بأنّ مقال جورج كلوني “يمثّل ضغطاً إضافياً”. ولكن بالنسبة إليه، فإنّ هلع بعض المانحين “ظاهرة مؤقتة”.  ويقول “إذا قرّر الرئيس الاستمرار (في السباق الرئاسي) وبات واضحاً أنّ الاختيار سينحصر بين بايدن وترامب، فإنّ هوليوود ستعود إلى موقفها الأساسي وتدعم جو بايدن”. كذلك، يشير إلى أنّ الانشقاقات في مجال الترفيه ليست كثيرة بما يكفي ليكون لها وزن حاسم.

 

 

في هوليوود، يملك السلطة السياسية الحقيقية بشكل أساسي المنتج جيفري كاتزنبرغ المدير السابق لشركة ديزني والمؤسس المشارك لشركة “دريمووركس” (DreamWorks). نظم كاتزنبرغ حفلاً في منتصف حزيران في لوس أنجلوس كما دعم بشدّة جو بايدن، مشيداً بعمره وواصفاً إياه بأنّه “قوة عظمى”. ولكن منذ المناظرة الفاشلة، تعرّض لانتقادات كثيرة وبقي صامتاً. وقال مافيغليو “إنّه محرّك الآلة”، مضيفاً “إذا توقّف، فهذا أمر مهم”.

ويرى الكاتب الأمريكي هاريسون كاس، محلل شؤون الدفاع والأمن القومي الأمريكي أن الصعوبات في جمع التبرعات لحملة بايدن لا ينبغي أن تكون أمرا مفاجئا- إذ أن مناظرة بايدن أثارت جدلا حول ما إذا كان يتعين أن يكون مرشح الحزب الديمقراطي، وهو ما يحول دون أي حماس لتقديم تبرعات لحملته.

ويقول كاس في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية: إنه في ضوء الشعور بعدم الاستقرار بالنسبة لهذا الأمر، توقف بعض مسؤولي جمع التبرعات عن مواصلة جهودهم. وسوف تكون النتيجة هي احتمال الافتقار للمال؛ وهو ما يمكن أن يزيد من مشكلات بايدن، مما يجعل إعادة انتخابه أمرا أقل احتمالا مما هو عليه الآن.

وقال أحد مسؤولي جمع التبرعات في الحزب الديمقراطي لشبكة “سي إن بي سي” إن أعضاء الحزب الذين يتم الاتصال بهم إما أنهم لا يردون على الاتصالات الهاتفية لدعوتهم لتقديم تبرعات، أو أنهم يردون بغضب وهم يتساءلون عن سبب الحاجة لتقديم المزيد من المال لبايدن في ضوء أدائه في المناظرة.

ويوضح كاس أن الشخص الذي تحدث مع شبكة سي إن بي سي يعتبر شخصا داعما يتمتع بصلات قوية وثريا، ويستغل صلاته الشخصية في جمع الأموال بصورة مباشرة للحملة الانتخابية. وذكرت شبكة “سي إن بي سي” أن “الأساس هو أن مثل هذا الداعم يستغل رصيده الشخصي في دعوة الأصدقاء وأفراد الأسرة، والعملاء، والزملاء لتقديم التبرعات لمرشح يشاركهم قيمهم.

قد يعجبك ايضا