بغداد – صفاء الكبيسي
قررت الحكومة العراقية، إيقاف استحداث كليات المجموعة الطبية في الجامعات الأهلية في البلاد، بعد أن خرّجت دفعات كبيرة من الطلاب غير مؤهلين لممارسة المهن الطبية، وهو ما شكل عبئاً على وزارة الصحة وأثر على تعيينات خريجي الجامعات الحكومية، فضلاً عن التأثيرات السلبية لتلك المخرجات على حياة المواطنين، وسط دعوات تصاعدت أخيراً بوضع حد لتلك الكليات.
وشهد العراق بعد عام 2003 ارتفاعاً كبيراً في عدد الجامعات الأهلية بنسبة أكثر من 500%، وصولاً إلى 66 تحظى باعتراف وزارة التعليم العالي، وتضم هذه الجامعات أكثر من 570 قسماً في اختصاصات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية، أما عدد الجامعات الحكومية فهو 35 فقط.
الجامعات الأهلية والاستثمار السياسي
ولا تعتمد الكليات الأهلية معيار المعدل (درجة الطالب) بالقبول، بل هناك فارق كبير بين معدل قبول الطالب المتخرج من المرحلة الثانوية المتقدم للكليات الحكومية، ومعدل الخريج المتقدم إلى الأهلية، وكانت وزارة الصحة ونقابة الأطباء في السنوات السابقة قد شكت من ذلك.
وسمحت وزارة التعليم للجامعات الأهلية التي تعود لمستثمرين يرتبط معظمهم بجهات سياسية وحزبية، بقبول الطلاب في كليات المجموعة الطبية وغيرها بفارق كبير في المعدل العام للطالب، يصل إلى 20 درجة، إذ تقبل كليتا طب الأسنان والصيدلة في الجامعات الأهلية معدلات 79، في وقت لم تقبل فيه الكليات المناظرة لها في الحكومية معدلات تقل عن 98.45
من جهته، أكد الخبير السياسي كفاح محمود، ضرورة غلق كليات المجموعة الطبية الأهلية في البلاد، وقال في تدوينة له، “إيقاف استحداث كليات للطب وبقية المجموعة الطبية قرار صائب.. يجب إكماله بنقل طلبة الكليات أعلاه والكليات الهندسية في الجامعات الأهلية إلى الحكومية بعد التأكد من مستوياتهم العلمية، ومن ثم إغلاقها ومنع فتح كليات كهذه في الشركات التجارية (الجامعات الأهلية)
ووفقاً لبيان للمكتب الإعلامي للسوداني، فإنه “تم توجيه وزارة التعليم العالي بأن تتولى إيقاف استحداث الكليات والأقسام الطبية في الجامعات والكليات الأهلية الحالية أو التي تستحدث مستقبلاً، وعلى وفق المعايير المعتمدة، وتتم إحالته إلى المجلس الوزاري للتنمية لرفعه إلى مجلس الوزراء “.
من جهته، أثنى عضو نقابة الأطباء العراقيين، حيدر التميمي، على القرار الحكومي، قائلاً “أعداد الكليات الأهلية الطبية في العراق بلغت أكثر من كليات الطب في بريطانيا وغيرها من الدول، وأن أعداد الأطباء في العراق سيزيد عن 95 ألف طبيب خلال السنتين المقبلتين، وهذا يعني أننا أمام ترهل بأعداد الأطباء”، مؤكداً لـ”العربي الجديد” أن “الخلل تتحمله وزارة التعليم، التي دفعت باتجاه زيادة الكليات الطبية الأهلية أولاً، ومن ثم رفعت معدلات القبول في الكليات المناظرة الحكومية إلى حد كبير جداً، مقابل تخفيضه في الكليات الأهلية لأجل إجبار الطلاب على اللجوء إلى الكليات الأهلية لتحقيق أحلامهم”.
وشدد على ضرورة “تطبيق القرار بأسرع وقت ممكن”، معتبراً أن “المشكلة تكمن في أن الكليات الأهلية مرتبطة بأحزاب متنفذة وفصائل مسلحة، وأن أصحابها والمستثمرين فيها هم أشبه بالمافيات ولهم تأثير كبير على مقررات وزارة التعليم”، مؤكداً “ضرورة إنصاف الطلبة المتميزين، ممن حصلوا على معدلات تزيد عن الـ 95 وهي معدلات عالية يجب أن تؤهلهم إلى القبول في المجموعة الطبية في التعليم الحكومي”.
وأشار إلى أن “مخرجات الكليات الأهلية لا يمكن لها أن تمارس اختصاصاتها فهي غير مؤهلة ولم تتلق تعليماً بالمستوى المطلوب، وسبق أن حذرت نقابتا الأطباء والصيادلة من مخرجات الأهلية وتأثيراتها السلبية على ممارسة المهنة”، مشدداً على “ضرورة استيعاب أصحاب المعدلات العالية ممن تزيد على 95 في الكليات الحكومية”.
وتثير الأعداد الكبيرة لكليات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة الأهلية، التي تستحدث في العراق خلال الحكومات السابقة، التي تخرج سنوياً آلاف الطلاب، ممن ينافسون خريجي الكليات الحكومية على التعيينات والعمل، جدلاً سنوياً، لما له تأثير في تعطل إمكانية التعيين الحكومي.