الكلهوري الكوردي ذو الفقار حاكماً لبغداد

 

 

القسم الثاني

 

اعداد: عدنان رحمن

اصدار: 16- 7- 2024

 

بالنظر الى ارتباط تاريخ هذه الشخصية الكوردية ( ذو الفقار كلهر) بتاريخ بغداد والعراق نورد ما ذُكِرَ عنها في المصادر العربية المتنوعة، خصوصاً المعروفة في الاوساط الثقافية بكتاباتها التي تميل الى ان تاريخ العراق عربي فقط، حتى يكون البحث ذا مصداقية بشهادات من المصادر العربية نفسها، فضلاً عن بعض المصادر الكوردية، وايضاً من الوثائق العثمانية التي لا نستطيع ان نقول انها لا تهدف الى تحوير بعض الاخبار الى ما يهمها، لكن الوثيقة هي وثيقة. وهناك بعض المصادر الايرانية والأجنبية، وقد أشار العديد من هؤلاء الى ان فترة حكمه اشتهرت بالعدل على الرغم من قِصَر مدتها.

فعن هنري لونكريك في كتاب ( أربعة قرون من تاريخ العراق)، الذي ألّفه ببغداد عام 1925 ونشرت طبعته الاولى عام1941 بعد ان ترجمها جعفر الخياط، وكانت طبعته الرابعة في العام 1968، نورد ما يأتي:

– ” كان أحسن الادوار للاحتلال الايراني تدويناً هو دَور اغتصاب ذي الفقار المُلك، ذلك الذي لم تُعرف بوضوح مُقدمات تقلّدهُ زمام الحكم في بغداد ولا كيفية حدوثه. ومن المحتمل انه كان ينتسب الى أسرة لورية على الحدود، وانه كان قد حصل على معاضدة الجمهور من قبائل كلهور القوية. فقد حدث ان سار الخان من بغداد { هامش في الكتاب: اتبّعنا هنا رواية كلشن، غير انها ملأى بالمشاكل. أما المراجع التركــــية ( فردي وبشاوي) التي يتبعها الفون هامر ( في المجلد الخامس من كتابه الثامن عشر ص- 204) فانها تُعد ذا الفقار واليا اعتياديا من قبل طهماسب} قاصدا جبال الحدود ليلتحق بالشاه. وفي اول مَمَر هناك هاجمه ذو الفقار ليلا فذبحه، ثم سار مُسرعا الى بغداد فدخلها وحاصر القلعة حتى سقطت في يده القوية التي لم تكن غير مرحب بها. ثم اضطلع بسلطات الحكم كلّها. وهكذا ضاعت ايران بضربة مفاجئة واصبح ذو الفقار سيد العراق الاوسط غير المنازع. غير ان هذا الوقت لم يكُن ملائماً للحكام الصِغار في مواقع مُعرضة للخطر مثل هذه. فأمر الناس بكل حكمة بأن ينطقوا بالتابعية للسلطان في صلواتهم وينقشونها على نقودهم. ووصلت الى استانبول الرسائل مُسترحمة السلطان في قبول التابع الجديد في حمايته. وأن طهماسب في هذا الوقت الذي كان ما يزال في السادسة عشرة من عُمره، ولو كان قد تقلد الحكم منذ ست سنوات، فقد سمع بخبر انسلاخ العراق وازعجه ذلك كثيراً لذلك في عام 1530م سار على طريق كرماشان الى بغداد، فلم تفده هجماته العديدة شيئا، فقد كان ذو الفقار جَلِدا في الدفاع عن مركزه. ولكن الخيانة نجحت في مقام خاب فيه السلاح. فقد اغرى الشاه أخوَي المُغتصب به وحقّق امكان اغتياله، ثم مات ذو الفقار وهو يدافع عن نفسه بكل جرأة في بيته الخاص. وبذلك انتهى أمَد حُكمه القصير وانتهت معه تابعية استنبول، ثم اجزل الشاه الأخوين العَطاء وسلّم حكومة بغداد الى محمد خان وهو من ولاية تكه في الاناضول. وعيّن الشاه ايضا ضُباطا مُخلصين له لحاكميات كركوك والحلّة ومندلي والجزائر والرماحية ورجع الى قزوين”.

وأضاف لونكريك ما يثبت استقلالية ذو الفقار في حكمه في صفحات أخرى عكس ما اورده في الصفحات السابقة من كتابه كما يأتي:

– ” بقيَ العراق كما رأينا ايرانيا في حكمه ( عدا دَور ذي الفقار) لمدة تسعة سنين”.

وفي كتاب ( تاريخ الأسر العِلمية في بغداد) لمحمد سعيد الراوي الذي كُتِبَ في حدود العام 1750 تقريبا، والذي حققه وعلّق عليه: عماد عبد السلام رؤوف في العام 1997، ط- 1 ببغداد في فصل بعنوان (( حركة ذي الفقارالاستقلالية ( 1527- 1529) )) ورد:

– ” أستغل أحد زعماء الكورد من قبيلة موصللو، وهو ذو الفقار بن علي بگ ضُعف النفوذ الصفوي في العراق الأوسط والجنوبي، فقام صيف 1527م بحركة بارعة أغتال فيها إبراهيم خان والي العراق الصفوي أثناء توجهه للقاء الشاه طهماسب. وانضمت القوة التي كان يقودها إبراهيم خان على الأثر إلى ذو الفقار وتوجه على رأس تلك القوات إلى بغداد، وحاصر القلعة ثم أستولی عليها وأعلن استقلاله عن الدولة الصفوية. وقد تقرّب من الأهلين ( هامش في الكتاب: بإشاعة العدل بين الناس ألتف الناس حوله). وأدرك ذو الفقارمنذ بداية حركته إن إمكاناته لا تُقارن إزاء سطوة الصفويين. ولهذا بادر إلى الاستعانة بالدولة العثمانية، فأظهر ولاءه لها وأمر بذكرأسم السلطان سليمان القانوني في الخطبة ونقش أسمه على النقود، وبعث إليه بسفارة للإعراب عن ولائه له. لذلك جهزالشاه طهماسب الذي تولى العرش 1524 جيشا كبيرا، وفيها تقدّم بها من بغداد وفرض عليها الحصار، لكن هجمات الجيش كافة هُزِمَت أمام صلابة المقاومة التي قادها ذو الفقار, غير ان أخوين من أقارب ذو الفقار قاما باغتياله غدرا، فانهارت المقاومة‌ وعادت سيطرة الصفويين الی العراق. وكافأ الشاه المتآمرين فمنح أحدهم لقب سلطان علي ( هامش في الكتاب: ذو الفقار كوش) أي قاتل ذو الفقار واعطاه منصبا ( الإمارة على احد المناطق) وعيّن الآخر واليا على المدينة، ثم استولى السلطان العثماني سليم 1534 على بغداد”.

 

 

 

وورد في كتاب ( تاريخ العراق السياسي الحديث) لعبد الرزاق الحسني:

– ” عند وفاة الشاه طهماسب 1523 خلَّفهُ أبنه طهماسب الأول فاستولى الأمير ذو الفقار ( هامش في الكتاب: أمير كلهور) على أغلب المدن العراقية، وأعلن استقلاله فيها، ولما أعتزم أن يوطّد نفوذه احتمى بالسلطان سليمان القانوني ليتقي جانب الدولة الصفوية، لكن الحظ خانه بعد ستة سنوات من هذا الاستقلال، إذ حمل عليه طهماسب 1529 ودخل بغداد، ثم عُهِدَ بشؤون البلاد إلى تكلو محمد خان آل شرف الدين”.

ويذكر عمران موسى البياتي في كتاب ( مندلي عبرالعصور):

– ” لقد عيّن الشاه طهماسب ذو الفقار رئيس عشائر كلهر واليا على بغداد وعيّن الضباط المخلصين له لحاكميات: ( كركوك، الحلة، مندلي، الجزائر، والرماحية). ورجع هو إلى قزوين 1533، بعدها أستـعد السلطان العثماني سليمان القانوني لاسترداد بغداد من يد الأعاجم، ولما سمع ذو الفقار بهذه الاستعدادات خان حكومته وطالب بالتبعية من السلطان العثماني، فوافق السلطان وبقي يحكم بغداد عشرة سنوات أخرى وهو يراجع السلطنة العثمانية، عندها غضب طهماسب وهجم بجيش جرارعلى العراق وأوعز إلى أخوته بقتله فقتلاه في داره الخاصة، وهكذا تخلص من ذو الفقار وهو أحد رؤساء كلهر”.

وتحت عنوان ( صفحات ناصعة من التاريخ الكوردي) ورد في ( مذكرات مأمون بگ بن بيگه بيگ)، التي كانت مخطوطة باللغة التركية، ومن ثمّ نقلها الی العربية وعلـــــّق عليها محمد جميل روژبياني و شكور مصطفى، التي كانت من مطبوعات المجمع العلمي العراقي- الهيئة الكوردية، بغداد- 1980:

– ” لقد احتلّت بغداد لفترة من الزمن ثم أنـقـذت بفضل ذو الفقار خان موصلو أميركلهر. وقد تمكّن السلطان سليمان القانوني الذي تقلّـد السلطنة 1520 من فتح بغداد 1535 بوساطة الأمير الكوردي ذو الفقار خان كلهررئيس عشيرة موصللي الكوردية. وقد قُتِلَ ذو الفقار خان كلهر عمّ إبراهيم خان حاكم بغداد من قبل الشاه إسماعيل في منطقة ماهي ده شت { هامش في الكتاب: ماهي ده شت: منطقة تسكنها قبيلو سنجاوي ( سنگاوي) التي هي فرعاً من فروع عشيرة زنگنه‌، والتي تقيم بين قصر شيرين وكرماشان، ومركزها بلدة ماهي ده يشت وأسمها تاريخيا نسا وتُلفظ بماي ده شت، والتي كانت مرتعاً لخيول وأغنام الماديين والاخمينيين وأحرقها ينال أخو طغرل بگ السلجوقي 434 هـ، وفيها ضريح اويس القرني، والتي فيها قـُتل ذو الفقار كلهر عم ابراهيم خان موصلو حاكم بغداد من قبل الشاه اسماعيل}. وكان طهماسپ قد أغرى كلا من أخوي ذو الفقار، علي وأحمد بمكاسب فقتلاه، ثـم خلع حكومة بغداد على محمد خان تكللو آل شرف الدين بمنشور، وببلدات كركوك علی صوفي كلهر وبلواء بندنيج على غازي خان”.

وفي كتاب ( لمحات اجتماعية من تاريخ العراق) لعلي الوردي:

– ” ان كلمة قزلباش تعني اصحاب العمائم الحمر التي ترمز الى الجهاد في سبيل الدين وهي اثنتا عشرة لفّة وترمز الى الائمة الاثني عشر( ع)، واميرهم ذو الفقار نخود الذي كان حاكما بأمر من الشاه اسماعيل الاول الصفوي”.

وجاء في كتاب بعنوان ( تاريخ العراق في العصرالسلجوقي) لحسين امين:

– ” بعد ان سقطت بغداد بأيدي الصفويين بعد خروج دولة الخروف الابيض منها 1508، استغل شخص يُدعى ذو الفقار فرصة انشغال الفرس بالحروب في الشمال، وهو الذي لا يُعرف شيئا عن أصله سوى انه من سكان لورستان الواقعة شرقي بدرة المدينة العراقية الواقعة قرب الحدود الايرانية العراقية والتابعة لمحافظة واسط، فقد تمكن ذو الفقار من الانقضاض على حاكم بغداد الفارسي فقتله وهو يجتاز المناطق الشرقية من العراق لمُلاقاة الشاه، ثم توجه الى بغداد فأخضعها واصبح حاكمها المُطلق، وحاول ذو الفقار إستمالة الدولة العثمانية ليحصل على تأييدها في تثبيت حكمه، لكن الشاه الفارسي طهماسب توجه بجيش كبير لاستعادة مدينة بغداد ودافع ذو الفقار دفاع المُستميت للحفاظ على سلطته، ولكن اخويه قتلاه في داره طمعا في مكافأة الشاه لهما، ودخل الشاه طهماسب بغداد وعيّن محمد خان حاكما عليها وعاد الى بلاده”.

فيما ورد في كتاب ( بغداد مدينة السلام) لطه الراوي:

– ” في ٩٣٠ هـ توفي الشاه أسماعيل وكانت بغداد قد أستقلّت عنه في حياتَه عندما شعر الناس بضعفه أمام الجيش العثماني في موقعة جالديران، وأستقـّل ببغداد قائد أسمه ذو الفقار، وساس أهلها سياسة حسِنَة، وهو من أمراء الدولة الصفوية، ثم أنشق عليها، ثم خلـّفـه في حكم بغداد محمد خان تكلو، وأستمر هذا الحكم حتى 24- جمادي الأول- 941 هـ، حيث وصل السلطان سليمان العثماني إلى بغداد”.

وذكر في ( موجز تاريخ الكورد وكوردستان) لمحمد امين زكي في عام 1939 عن التقرير السري للحاكم البريطاني في العراق، الذي صدر حوالي عام 1919:

– ” لقد تسلّـم ذو الفقار السلطة ببغداد بإسم السلطان العثماني سليمان، وخطب في جوامعها بإسمه وحكمها نيابة عنه، فدخلت بغداد في حكم العثمانيين من دون قتال. ومن اجل ذلك أتصل طهماسب بأخوَي ذو الفقار ( علي و أحمد) وأغراهما بقتل أخيهما فقتلاه وهو في غفلة من النوم، ثم بادرا إلى فتح الأبواب لجيوش الشاه، ولم ينالا من عطف الشاه شيئا”.

أمّا محمود الدرة فقد ذكر في كتاب ( القضية الكوردية):

– ” في فترة حكم السلطان سليم بعد حكم أبيه المخلوع بايزيد الثاني جرت في بغداد أحداث غامضة أدت إلى أن يستولي عليها رجل مُغامر من اللور يُدعى ( الهامش: ذو الفقار الملك) ويعلن تبعيته إلى السلطان العثماني. فعندما أعتلى العرش الإيراني طهماسب زحف بجيش على بغداد 1530م، إلا أن ذو الفقار صدّ المُهاجمين فإلتجأ طهماسب إلى الدسيسة وأغرَى أخوي ذو الفقار فاغتالاه في بيته”.

 

قد يعجبك ايضا