فرهنك.. مأساة فيلية

منير حداد

عانى العراقيون قاطبة، قسوة الطاغية المقبور صدام حسين، الذي صب جام غيظه على الكورد الفيلية.. سجناً وتهجيراً و… فظائع بشعة أنزلها بهم، مستهدفاً الشيعة والكورد، فوجدهما يجتمعان في الفيلية، الذين تلذذ بتعذيبهم، منوعاً أساليب الأذى طوال حكمه؛ بإصدار قوانين جائرة أدت الى رعاف الأرواح حتى بلغت به حوبة الناس حبل المشنقة صباح عيد الأضحى، بقرار جمع رئيس السلطة التنفيذية نوري المالكي، وقاضٍ فيلي.. صاحب هذا المقال.. حريصاً على أن يعدم بقرار محكمة التمييز التي صادقت على اعدام صدام خلال 72 ساعة.

تبرأ صدام من مرؤة الفرسان باطشاً بالمرأة الفيلية، مجبراً العسكريين ومن يتولى منصباً مهماً، أن يطلق زوجته إذا فيلية مقابل مبلغ ومكافاة مالية!
يؤسفني أن تباع عشرة العمر بمال!
ولأن النساء أوهى من جناح فراشة في مهب عاصفة.. جميلات.. واعيات.. شريفات، يحملن صفات تستفز البعثيين؛ بل تجعلهن مطمعاً لناقص الرجولة، ومعظم البعثية ناقصون صارت حرمة الفيلية مطمعاً لأزلام الفرق الحزبية المنتشرة بين القطاعات، تتصيد الحرائر قهراً، تحت لافتة “تبعية” يسفِّرون عائلتها ويستبقونها هي وحدها، حتى صارت الـ “فيلية” تحفز دناءة البعثية… معتصمة بعفتها.

أين فروسية الرجال في ما يأفكون؟ تساءلت مصغياً لقصة إمرأة فيلية إطلعت عليها من نجلها خالد، بعد أربعين عاماً من إفتراقنا أنا وشقيقها محمد شاه مراد، الذي زاملني في زنزانة واحدة.

فر هنك تزوجت من كوردي مندلاوي وهي صغيرة جداً.. يزعل الزوج أحياناً من زوجته، مهما كان الود عامراً بالهوى يتنفسانه معاً.. يقدِّر مآساتها حيث تختبئ زوجةً في حماه؛ كي لا تسفر إلحاقاً بأهلها.. زعلت خارجة من دارها في حي الأكراد.. مدينة الثورة؛ فلحقتها إحدى بناتها الست.. نورا كما تسمى بين أخواتها وساجدة كما مسجلة في دائرة النفوس، سائرة على طريق الآلام زعلانة نحو دار أهلها؛ فتذكرت أنهم مسفرون والبيت مهجور.

مأساة فر هنك شاه مراد، نابعة من قرارات بعثية جائرة؛ لأن الفيليين مقاتلون أشداء، إلوا بأس مشهود في الثورة الكوردية، عهد البارزاني الخالد ومام جلال طالباني، ووقوفهم مع عبد الكريم قاسم، يوم 8 شباط معبئين أهل الكاظمية ضد مجرمي الحرس اللا قومي.. موقف يسجل بحروف من نور على ظلام صفحة التاريخ.

فرهنك ومئآت آلاف الفيليات دفعن ثمن بطولات الرجل الفيلي.. رحم الله فرهنك التي دهستها سيارة وماتت في الربيع التاسع والثلاثين من ريعان الشباب، مخلفة وراءها ست يتيمات وولدين.. الثمانية يكابدون طفولة صعبة وحياة ظلم، حاصرهم بها الطاغية صدام حسين.

قد يعجبك ايضا