د. حسن كاكي
انقضت يوم الأحد 7 تموز / يوليو 2024، خمسة سنوات على تشكيل الكابينة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان. برئاسة رئيس الوزراء الاستاذ مسرور البارزاني وقال سيادته في خطاب بعد حصول حكومته على ثقة برلمان اقليم كوردستان : “سنفعل كل شيء لصالح الشعب وهدفنا الوحيد هو الخدمة” كما أعلنت هذه الحكومة ومنذ البداية أنها تهدف إلى “تحقيق الاستقرار والتنمية والديمقراطية والسلام في إقليم كوردستان والعراق والمنطقة” .
وفي قراءة لإداء هذه الحكومة التي رفعت شعار “الاصلاحات والانجازات” نجد على الرغم من
جملة التحديات التي واجهت هذه الحكومة منها جائحة كورونا وتداعياتها على اقتصاد الاقليم التي جعلت سعر برميل النفط لا يغطي نفقات استخراجه وتسويقه، ومنها ما هو مؤجل من خلافات التي صنعتها بعض القوى في بغداد نتيجة تراكمات عدم تطبيق الدستور، ومنها ما كان حاضراً مثل تداعيات استفتاء 16 اكتوبر عام 2017 العالقة في عقول البعض من المسؤولين في بغداد وانعكست في سلوكهم في التعامل مع الاقليم التي كانت تشكل الحاجز الأكبر المهيأ سلفاً لإيقاف عجلة نجاح هذه الحكومة قبل أن تسير ! حيث قامت بقطع ميزانية ورواتب موظفي الاقليم، كما ان برنامج الإصلاح الذي تبنته الحكومة قد الحقت ضرراً كبيرا بالفاسدين وشكل خطراً على مصالحهم، لذا سعوا إلى إفشال مسيرة الإصلاح بوضع العراقيل أمامه.
لكن الخُطى الواثقة لسليل المجد مسرور بارزاني الذي تبوأ منصب رئاسة مجلس الأمن ليحقق لكوردستان دوراً مهماً وبارزاً حيث جعل من مدينة أربيل وبحسب عدد من الصحف الدولية حينها عنواناً تناولته وسائل الإعلام كافة (أربيل خامس مدينة أمنة في العالم) في الوقت الذي كان الإرهاب حينها قد احتل ثلث العراق. لذا فهذا الرجل القوي البار مع اعضاء حكومته قد وضعوا خططاً لتنفيذ برنامجهم الإصلاحي والتنموي في جميع المجالات، وفقاً لرؤيتها الاستراتيجية التي تهدف إلى “بناء إقليم كوردستان الحديث والمزدهر والمتكامل”، لذا سطرت الكابينة التاسعة نجاحات ملفتة للنظر في مختلف المجالات، منها :
في مجال الاصلاحات :
في مناسبات كثيرة، شدد مسرور بارزاني على ان الإصلاح عملية شاملة ولن تتوقف عند قطاع ومؤسسة حكومية، وتوقع أن تلاقي العملية معارضة من المتضررين الفاسدين. ويشتمل الإصلاح على إعادة تنظيم من يتقاضون الرواتب، بالإضافة إلى إصلاح آخر في الجمارك والاستثمار وفي قطاعات الزراعة والطاقة والنفط وغيرها. حيث تم تحديث نظام الإدارة العامة وتطبيق معايير الأداء والجودة في جميع المؤسسات الحكومية، والدقة في العمل والتنظيم.
كما عملت الحكومة على مشروع حسابي مالي شامل يهدف إلى توفير وسيلة آمنة ومريحة للوصول إلى مختلف الخدمات المالية والمصرفية الحديثة وتوفير الرواتب ودفع مختلف أنواع القروض والسلف من قبل البنوك، كما أنه مصدر لمنع غسيل الأموال وإنهاء الفساد. وأسهمت الإصلاحات في المجالين المالي والإداري، في زيادة الإيرادات الداخلية بشكل ملحوظ وبنسبة 100 بالمئة. كما أجرت إصلاحات في منظومة الحكم والإدارة على مستوى الوزارات كافة.
وبهذا الصدد، تم تدشين الكثير من الخدمات الحكومية إلكترونياً، واتخذت خطوات عملية لإنشاء حوكمة إلكترونية، وتأسيس مركز بيانات مركزي للحكومة، فضلاً على تأسيس نظام رقمي للإحصاء والتعداد السكاني في إقليم كوردستان وتخفيض البيروقراطية في الدوائر والمؤسسات الحكومية، حيث شمل توزيع الصلاحيات ونقل الخدمات من مراكز المحافظات إلى مستوى الأقضية. إلى جانب إنهاء والحد من هدر الإيرادات العامة وإساءة استخدام السلطة.
اما الانجازات :
في مجال السياسة :
قامت الحكومة بتحسين العلاقات مع الحكومة الاتحادية والتوصل إلى اتفاقات حول الموازنة والنفط وغيرها من الملفات المشتركة. كما قامت بتعزيز التعاون مع الجوار والشركاء الدوليين في مجالات مثل مكافحة الإرهاب واللاجئين والتجارة والاستثمار. والمشاركة في المؤتمرات والمبادرات الإقليمية والدولية لبناء الثقة والحوار.
اما في مجال الأمن:
فقد قامت بتطوير قدرات قوات البيشمركة وتحديث معداتها وتحسين ظروفها المعيشية. وتعزيز التنسيق مع قوات التحالف الدولي لمواجهة تهديد تنظيم داعش. وتأسيس نظام أمني متكامل في إقليم كوردستان.
في مجال الاقتصاد :
عملت حكومة السيد مسرور بارزاني على تعزيز البنى التحتية الاقتصادية لإقليم كوردستان، من خلال تنويع الاقتصاد، وأولت اهتماماً خاصاً بالقطاعين الزراعي والصناعي والسياحي والاستثماري . إذ دعم الفلاحين والمزارعين لتوفير السلة الغذائية للاقليم وتصدير الفائض من الفواكه والخضار إلى عدد من الدول العربية والأوروبية إضافة إلى الاهتمام وتطوير الثروة الحيوانية التي حققت هي الأخرى اكتفاءً ذاتياً بعد أن كانت تعتمد على الاستيراد.
كما عملت على تنفيذ العديد من المشاريع الاستراتيجية الكبيرة لتوفير الأمن الغذائي، فقد تم تنفيذ المشاريع حسب احتياجات المحافظات، حيث تم تنفيذ 299 مشروعاً في أربيل و277 في السليمانية و233 في دهوك و69 في حلبجة، إلى جانب تنفيذ 6 مشاريع عامة. كما تم بناء العديد من السايلوات لخزن الناتج المحلي من الحبوب، كما عملت على توفير الأمن المائي من خلال إنشاء السدود والبرك المائية، والعمل والمباشرة بإنشاء 18 سداً مائياً أنشئ حتى الآن منها 14 سداً ومازال العمل قائماً في إنشاء المزيد لتعزز مشروع الحفاظ على الثروة المائية في إقليم كوردستان بعد أن دق ناقوس خطر الجفاف وأصبحت الشحة المائية عناوين الأخبار المحلية في العراق والدولية على حد سواء. كما عملت على تشجيع الاستثمار الخاص والأجنبي، وتعزيز التجارة الخارجية. وشمل ايضا تحديث نظام المصارف والضرائب والجمارك. كما تم توفير الديزل لمحطات توليد الكهرباء . وتأسيس نظام بيئي لحل مشكلة النفايات، والعمل على زيادة معدلات إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية والغاز المحترق.
في مجال الصحة:
قامت الحكومة بمواجهة جائحة كورونا بإجراءات احترازية وتوفير اللقاحات والمستلزمات الطبية والدعم المالي للعاملين في القطاع الصحي. وتطوير البنية التحتية الصحية بإنشاء وتجهيز مستشفيات ومراكز صحية جديدة. وتحسين جودة الخدمات الصحية بتأهيل الكوادر الطبية والتمريضية. وتعزيز التعاون مع منظمات صحية دولية مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وأطباء بلا حدود.
في مجال التعليم :
قامت الحكومة بتطوير المناهج التعليمية والتربوية بما يتوافق مع المعايير الدولية والمتطلبات المستقبلية. وتحسين بيئة التعليم بإنشاء وتجهيز مدارس وجامعات ومكتبات جديدة. وتشجيع التعليم المستمر والبحث العلمي بتقديم المنح والبعثات والدورات التدريبية. وتعزيز التعاون مع مؤسسات تعليمية دولية مثل الجامعة الأمريكية في إقليم كوردستان (AUK)، والجامعة البريطانية في إقليم كوردستان (BUK).
واهم ما يسجل الى عمل الكابينة التاسعة هو اولاً :
هو عمل الحكومة على تثبيت اللامركزية الإدارية للمحافظات وبما يتلاءم مع النظام القانوني والإداري لإقليم كوردستان، على أن يتم توزيع الواجبات والمسؤوليات حسب القانون وتحت رقابة رئاسة الحكومة بهدف منع الفساد واستغلال السلطة وتشكيل سلطات خارج مؤسسات الإقليم.
ثانياً التحول الرقمي:
أي تطوير نظام حكومي رقمي يسهل تقديم الخدمات للمواطنين والمستثمرين والزوار، ويحسن من شفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، ويدعم الابتكار والتكنولوجيا. وتعمل الكابينة التاسعة على أن تتحول إلى حكومة رقمية بحلول عام 2025.
ثالثا بناء الطرق والجسور :
طبقا لما أعلن عنه الدكتور آكرين عبدالله وزير الإعمار والإسكان لموقع (باسنيوز) وضعت الكابينة التاسعة أكثر من 1300 كيلومتر من الطرق والجسور وملحقاتها بكلفة إجمالية تقدر بـ (883) مليار دينار في خدمة المواطنين. فكل تلك الإنجازات كانت وما زالت تشكل عناوين أخبار تتناقلها وسائل الإعلام التي تستمدها من إنجازات حكومة إقليم كوردستان .