زيارة الرئيس مسعود البارزاني الى بغداد هل تصفر المشكلات وتحقق طموحات الشعب ؟

نهاد الحديثي

المعروف ان الساسة الكورد يُجيدون لعبة السياسة ويتقنون تحريك البيادق وفق ما تقتضيه مصالحهم، فهم بيضة القبّان في التحالفات السياسية التي تؤسس لحكومات جديدة في بغداد، والأهم هو تلك اللوبيات التي يديرونها في أميركا والغرب لاستخدامها وقت الحاجة إلى قرار دولي يعزز نفوذ الإقليم للتخلص من سيطرة بغداد على القرار الكردي خاصة بعد دخول الحزب لائتلاف إدارة الدولة لتنفيذ بعض النقاط والاتفاقات الدستورية والقانونية التي لم تنفذ حتى الآن , ويشعر قادة الإقليم بأن حكومة السوداني ليست هي صاحبة القرار. وفي ما تعلن الحكومة الاتحادية عن التزامها بدفع الرواتب، تتحرك جهات أخرى لعرقلة التفاهمات وخلط الأوراق، ولذلك حرص مسعود بارزاني على لقاء مختلف القيادات الحزبية الشيعية المؤثرة ,, وقالت مصادر عراقية إنّ إعادة ترميم تحالف الدولة وتطبيق الاتفاقات التي قام عليها وما يستتبع ذلك من مصالحة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع عدد من القوى الشيعية جاءت على رأس أجندة زيارة بارزاني إلى بغداد ,,, وخلال الأشهر الأخيرة توتّرت علاقة الحزب مع عدد من الأحزاب والفصائل الشيعية العراقية الحليفة لإيران، وبلغت التوتّرات مداها مع إصدار المحكمة الاتّحادية أعلى سلطة قضائية في العراق جملة من القرارات تتعلّق بقانون انتخابات برلمان إقليم كردستان والهيئة المكلّفة بالإشراف عليها، وكذلك بطريقة صرف رواتب موظّفي الإقليم، وذلك بالضدّ من إرادة قيادات الحزب الديمقراطي , وكثيرا ما مثّلت التهديدات الأمنية لإقليم كردستان العراق إحدى مظاهر الضغط التي سلّطتها قوى شيعية عراقية على الإقليم من خلال قيام ميليشيات مرتبطة بتلك القوى وذات علاقة قوية بإيران بتوجيه ضربات بالصواريخ والطائرات المسيرة لأهداف في أربيل وغيرها من مناطق الإقليم، الأمر الذي مثّل تهديدا مباشرا لاستقراره.

يومان في بغداد قضاهما الزعيم الكردي اوصل رسائل سياسية “تحذيرية لكبار المسؤولين في الدولة وكذلك مع قادة ومسؤولي الاحزاب والجماعات السياسية المختلفة فحواها أن العراق مقبل على زلزال سياسي فيما إذا تم إقحامه في الحرب التي توشك أن تندلع بين حزب الله وإسرائيل واحتمالية دخول الفصائل المسلحة العراقية طرفاً في النزاع إلى جانب حزب الله، وقد يطال الغضب الأميركي الاقتصاد العراقي من خلال قطع الدولار عن مصارفه وتعريض العراق إلى حصار اقتصادي مشابه لما حدث في التسعينات, يومان تم مناقشة التهديدات والضغوطات التي تمارسها دول اقليمية ضد اقليم كردستان خاصة وضد العراق ‏بشكل عام، سواء بالقصف او بأحتلال جزء من الاراضي العراقية ومنها اراضي اقليم كردستان وأفتعال ‏الاسباب والمبررات للانتهاكات المتكررة للسيادة العراقية واستطراداً لسيادة الاقليم، الامر الذي يتطلب ايجاد ‏الحلول لمعالجتها على اعلى المستويات بين القيادات العراقية وهذا هو احد الاسباب المهمة جداً لزيارة السيد ‏البارزاني لبغداد, كما ناقش المجتمعون مسألة بقاء او مغادرة هذه القوات من خلال توضيح اهمية بقائها، والمخاطر، بل ‏والكوارث، التي ستترتب على ارغام قادة التحالف الدولي وخاصة الولايات المتحدة على سحب هذه القوات ‏ومغادرتها العراق , أكد البرزاني (بأن بقاء قوات التحالف الدولي هو ” قضية وطنية ” لا ‏تتعلق بمكون معين فقط ,,واضاف (ينبغي ان تدرك جميع المكونات العراقية- يقصد الشعب العراقي بكل ‏كياناته – حقيقة ان الارهاب ومخاطر عودته بالظهور مجدداً ما تزال قائمة, القضية الثانية المهمة التي طرحها وابدى رأيه الصريح والجريء بها فهي قضية وجود او بقاء قوات ‏التحالف الدولي في العراق، والتي تطالب الجماعات المسلحة في العراق بالمواقف والاعمال العسكرية ‏وبالضغط على الحكومة من اجل انهاء هذا الوجود واخراجها من الاراضي العراقية، متكئين احياناً على القرار ‏الذي اتخذه البرلمان العراقي عام 2022 باخراج هذه القوات. ‏

ونظراً لأهمية وحساسية المناقشات حول هذه القضية، لم يتم الاعلان عن التطرق لها في معظم تلك اللقاءات ‏والاجتماعات. غير ان السيد مسعود برزاني رأى ان من المهم والواجب الاعلان بوضوح عن رأيه بها سواء ‏بالاعلان عن موقفه ورأيه بهذه القضية عبر حركته السياسية النشطة، سواء بتصريحاته المباشرة او ببيانات ‏مقر مكتبه في صلاح الدين بكردستان وفي لقاءاته بسفراء عدد من الدول العربية ولقاءه مع سفيرة الولايات ‏المتحدة بالعراق ايلينا رومانسكي أكد السيد البرزاني (بأن بقاء قوات التحالف الدولي هو ” قضية وطنية ” لا ‏تتعلق بمكون معين فقط) واضاف (ينبغي ان تدرك جميع المكونات العراقية- يقصد الشعب العراقي بكل ‏كياناته – حقيقة ان الارهاب ومخاطر عودته بالظهور مجدداً ما تزال قائمة, ولاهمية هذه القضية شدد السيد البرزاني على (ضرورة ان يدعم الجميع عملية الحوار والاتفاقات بين الحكومة ‏العراقية والتحالف الدولي) ثم اكد بشكل واضح وصريح، على ما لم
ينتبه اليه الكثيرون، وهو ان هذه ‏القضية اي بقاء قوات التحالف الدولي هي (ليست من اختصاصات البرلمان) في اشارة مباشرة الى قرار ‏البرلمان بدعوة الحكومة لاخراج هذه القوات وقد اكد البرزاني ايضاً وبصراحة (انه لابد من ابعاد هذه المسألة ‏عن المزايدات السياسية وعن التداعيات والمعادلات الاقليمية من اجل الحفاظ على مصلحة العراق وكيانات ‏شعبه) في اشارة واضحة الى اقليم كردستان. ‏

ان هذه التاكيدات الواضحة والصريحة لزعيم اقليم كردستان مسعود برزاني على ضرورة واهمية بقاء ‏قوات التحالف الدولي في العراق بقيادة الولايات المتحدة، انما تعود لمعرفته واطلاعه الدقيق، فضلاً عن ‏احساسه العميق , منبها باهمية وضرورة بقاء هذه القوات وحاجة العراق وأمنه وامن شعبه لها انما هي – ‏وهذا مهم جداً – تبعد عنها المخاطر والكوارث التي ستلحق بهما جراء العقوبات الاقتصادية والسياسية والامنية ‏في حال ارغام التحالف وقيادته الولايات المتحدة على مغادرة العراق لمصلحة دول اقليمية وليس لمصلحة ‏العراق وشعبه. وقد اصبح واضحاً للجميع ان ابرز تلك العقوبات هي وقف او تقليل واشنطن شراء النفط ‏العراقي، وكذلك وقف ضخ الدولار للعراق بما سيترتب على الحكومة من آثار سلبية ابرزها عجز دفع الرواتب ‏فضلاً عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية واثرها السلبي المباشر على غالبية الشعب العراقي بما ستسببه من ‏غلاء فاحش بالاسعار.. وغيرها. ‏ناهيك عن الآثار الخطيرة التي ستترتب على ابعاد قوات التحالف فهو تعريض سيادة العراق وحدوده بل وحتى ‏نظامه السياسي، للاختراق من جهات عدة في مقدمتها عودة داعش باشكال مختلفة واستغلال دول اقليمية ‏تتربص بالعراق شراً لاختراق سيادة العراق وفرض هيمنتها السياسية والاقتصادية عليه وبشكل مؤلم وخطير، ‏اكثر مما هو متحقق الان. ‏

زيارة الرئيس مسعود البارزاني الى بغداد, والتي تعد الاولى من نوعها منذ 6 سنوات وصفها مختصون بالمهمة جدا لما تمر به المنطقة من منعطفات خطيرة على الصعيد الدولي فضلا عن محاولات الزام الاطراف المحلية بجميع الاتفاقات الداخلية وتقوية الشراكة مابين حكومة المركز والاقليم, ويعتبرها البعض انها زيارة تاريخية طال انتظارها منذ 6 سنوات وفيها من الاهمية الكثير والكثير، هكذا وصف مراقبون زيارة الرئيس مسعود البارزاني الى بغداد، فتعزيز الشراكة بين الاقليم والمركز بات متوفر اكثر من اي وقت سبق، فضلا عن امكانية تطبيق جميع الاتفاقات السابقة، التي خلفت عنها الحكومات السابقة امام اقليم كردستان , ، ويعتقدون أن الظرف كان متوفر لهذه الزيارة التي جاءت لتوثق جميع القرارات وتضع ارض حقيقة لعمل حقيقي وشراكة حقيقية تنطلق من مصالح البلد وتنطلق من مصالح الأقليم وحكومته، وأيضا أن المشاركات لا يجب أن تتفكك وأن آراء الأخوة وتوثيق هذه الآراء يجب أن تكون بالقرارات الحقيقية تلامس طموح المواطن العراقي إن كان في الأقليم وإن كان في المركز, الزيارة وماتحمله في طياتها قد لاتقتصر على الجانب المحلي فقط ، فالمتغيرات الدولية الخارجية وشبح الحرب الذي يخيم على بعض الدول ومحاولة ابعاد العراق عنها جانب مهم ايضا من زيارة الرئيس البارزاني الى بغداد، سيما وانه يتمتع بعلاقات دولية كبيرة على الصعيد الاقليمي والعالمي كما يقول مراقبون, وينقل البارزاني رسالة بأن تكون هناك هدوء وتطمينات في المرحلة المقبلة، لأن لو دخل العراق في هذه الحرب سواء حرب غزة أو حرب لبنان أعتقد العراق سيكون الخاسر الاكبر, و حذر «الإطار» من تداعيات تورّط العراق بالحرب المحتملة في لبنان.
مما أثار مسؤولي الفصائل وقادة الاحزاب بتصريحاته بشأن ملف إنهاء تواجد قوات التحالف الدولي في العراق، والتي عدّها «قضية وطنية» لا تخصّ طرفاً دون غيره، ردود فعل غاضبة أطلقها قادة في الفصائل الشيعية المسلحة، وسط أنباء عن حمله رسالة تحذير أمريكية من خطورة تورط العراق في أي حرب محتملة قد تُشنّ في لبنان.

البارزاني قال في الاجتماع أيضاً، إن أمريكا إذا قررت إيقاف تدفق الدولار والحزمة النقدية إلينا لمدة شهرين، فما الذي سيحدث في العراق؟» مشيراً إلى أن «بارزاني نصح بإبعاد العراق عن توريطه في صراع قد لا نخرج منه متعافين، ولن يقبل شعبنا ألا يأخذ راتباً, كما اكد البارزاني إمكانية أمريكا بإلحاق الضرر في العراق، ولا نستطيع أن نلحق بها ضرراً، نهائيا.

وتشتكي أربيل من أن القوى السياسية في بغداد لا تلتزم بالاتفاق المبرَم قبل تشكيل الحكومة، وسرعان ما تنقلب عليه بعد ذلك، وذلك ما حدث بعد انضواء «الحزب الديمقراطي» ضمن تحالف «إدارة الدولة» الذي صوَّت لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

ومن بين أبرز الشكاوى الكردية تلك المتعلقة بمشكلة أموال الإقليم المخصصة في الموازنة العامة، ومن ثم جاءت لاحقاً الشكوى من قرارات المحكمة الاتحادية ضده، خصوصاً المتعلقة بقرار إلغاء قانون النفط والغاز في الإقليم وإلغاء كوتا الأقليات , وتمكن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من لم شمل القوى السنية لاول مرة منذ عامين، فيما رفض الحلبوسي “مناصب اضافية” مقابل التخلي عن منصب رئيس البرلمان. وعقد بارزاني اثناء زيارته الاخيرة الى بغداد، اكثر من لقاء مع الاحزاب السنية الرئيسية، واستمع الى كل وجهات النظر، بحسب مصدر حضر تلك اللقاءات, وطرح البارزاني مبادرة لاقت ترحيبا ودعما, تختصر الاتفاق على مرشح تسوية يكون ممثلاً عن كل المكون السني. وفي حال تعذّر ذلك، يدخل المرشحون للقوى السياسية السنية (سالم العيساوي، ومحمود المشهداني) جلسة انتخاب جديدة مع بداية الفصل التشريعي الجديد، ومن يحصل على أقل الأصوات في الجولة الأولى للتصويت ينسحب لصالح مَن حصل على أعلى الأصوات، وهناك تجاوب مع هذا الطرح من قبل كل الأطراف, كما أن هذه المبادرة لاقت أيضاً ترحيب ودعم الإطار التنسيقي.

وبحسب مراقبين,, رسائل بارزاني “اصلاحيه وبنفس الوقت خطيره جدا لانها تحذر من بقاء التناحر والانقسام والفساد المالي ودعم التدخلات الاقليمية”، مشيرين الى ان زعيم الحزب الديمقراطي تعمد زيارة كل شخصية سياسية بشكل منفرد “ومنح كل شخص رسالة خاصه به , وتم منح القيادات السنية مهلة زمنية محددة لإنهاء الصراع على المناصب وهذا الامر متروك لهم هل يستطيعون انهاء الخلافات خلال هذه الفترة خصوصا وان هناك مخاطر تحيط بالعراق.

قد يعجبك ايضا