حكمة التميز تردم الفجوات

د. رزكار السندي

لاخلاف ان الحقبة الزمنية الراهنة من تاريخ بلادنا تتميز بتحديات متنوعة , لا تتوزع على المحور الاقتصادي وحده وان كان هو الاعظم والاخطر, تتطلب تحليلا دقيقاَ وشاملاَ لمجمل الاوضاع المحيطة بعناصرها وقواها بهدف استيعاب حقيقة الموقف والتهديدات التى تقف خلف تلك التحديات على مستقبلنا ووطننا لاستكشاف الفرص المصاحبة واستثمارها لصالح الاستقرار والازدهار, من خلال او بواسطة استكمال قوة العوامل الايجابية المتاحة بالمعاونات الوطنية لمواصلة شق طريق الرحلة الى المستقبل, وما يضمن تحقيقها هي تنمية قدرة الاستجابة السريعة لمحفزات ومستجداد الظرف المتسم بسرعة التغيير وعدم الثبات وتباين اثارها ونتائجها , الى جانب ابداء المرونة وترجمتها على صورة اجادة المساومات الضرورية وفق منطق احكام وفروض الظروف وتكتيكات العمل السياسي التي تشكل مفتاتيح للابواب الموصودة او حلولا لمشاكل صعبة ومستعصية، فعلى ضوء تجارب
الماضي البعيد والقريب لانظن ان الخبرة تنقص المسيرين على ادارة الاقليم في هذا الجانب والشان, على ان الِانجازات المطلوب تحقيقها لايمكن ان تحصل مالم يتم تجاوز الكثير من قوالب التفكير السائد او المالوف تلك المتعلقة بقواعد التعامل مع متغيرات وابعاد احداث وتفاعلات المشهد المهيمن راهنا , وضرورة نسيان الحنين الى الماضي وفق فرضية اهمية التكيف مع الحاضر كون تجاوز الكثير من المعوقات القائمة يعتمد عليه . 

فطبيعة احداث المرحلة , محدداتها وتجلياتها تتطلب اوتحتاج الى نوع من التميز يسهل تحقيق او انجاز ماهو هام الى ابعد الحدود الممكنة . حيث ان مسؤولية خلق و تحضير اوتنمية قدرة و رغبة تخطي المستعصيات المقابلة تقع بالدرجة الاساس على عاتق المسيرين و حصرا على المتميز او الكاريزمي الذي قد يكون هناك من يختلف معه , ولكن نجزم ان لا اختلاف عليه , حيث لا خوف من  الاختلاف طالما لا يؤدي الى تفكك وتحطيم المؤسسات القائمة وشرعيتها المكتسبة , من جانب اخر هذا لا يعني ان الاخرين متحررون او هم خارج دائرة ضرورات المشاركة في تحمل الاعباء والحرص على مستقبل الملايين التي ضحت و قدمت  وتحملت من ألالام والماسي مافيها الكفاية وربما ابعد من حدود التحمل المتصور , في عالم لم تعد القوة تاتي من الشعارات والخطب الرنانة والطويلة , بل تنبع من اعتماد المرونة والتأقلم (الملائمة) مع سعي العالم لانهاء التطرف وتحقيق الامن والاستقرار وحكم القانون.

لذلك فان الطبيعة الشاملة للتحديات والمخاطر المواجهة تلزم او تفرض خلق حاجة ماسة لدى الجميع للاحساس بالخوف على العديد من المنجزات والمكاسب المتحققة سيما في وجود من يحاول تقليمها , تقليصها وابطال مفعولها وحتى تحويرها والعمل لإعاقة او منع وصولنا للمكان الذي نريده ويرغب ان يكون فيه شعبنا في المستقبل من حيث الرفاهية الاقتصادية.

فاطفالنا بحاجة اليوم الى مدارس وكتب ومعلمين جيدين لايمكن توفيرها الا عبر اجراء تغيير رئيسي وتعديل واختزال المسارات الطويلة الوعرة وتوسيع ركائز ومصادر قوتنا المادية والمعنوية , والاتكال على دعم ومساندة الطيبين في عموم الوطن الذي يمكننا من التاثير على الاخرين , ناهيكم عن تزايد اعداد الحريصين على المستقبل والانخراط في مساعي صد الساعين الى تعكير صفوة العلاقة , وقطع حبل الروابط التى تجمعنا بقوة , على ان اخضاع طبيعة تلك العلاقة للمراجعة المستمرة على ضوء الطوارئ بهدف ملائمتها للواقع المستجد تساعد وتيسر الحفاظ على حالة التوازن الاجتماعي والاقتصادي , هنا نعود مجددا الى التذكير بأثر دور المتميز الكاريزمي في تعديل المسارات وتحسين طبيعة العلاقات القائمة بين الاطراف الفاعلة لتسهيل تعلمهم من دروس وتجارب الماضي دون مفارقات وتأثيرات مزعجة وإيجاد حلول لبعض المشاكل التي هيمنت عليها طبيعة استدامية.

فالمتميز الذي تمكن بشجاعة وتفاني حتى كتابة هذه الاسطر المساهمة بفعالية مشهودة في الحفاظ على المنجزات المتحققة وحالة التوازن والتنسيق القائمة بين المشاركين في تسيير الامور  مدعو الانخراط اكثر في إدارة الازمات وتأمين مستقبل مشرف لشعبنا بواسطة أحداث نقلة نوعية , لأساليب وطرق التعامل مع المشاكل الشبه المستدامة او المزمنة والحالية القائمة سيما المعقدة والعصية على الحل كما تبدو, بقدراته واستبصاراته, فواقع التجارب السابقة في هذا السياق اثبت قدرة تجاوز وتخطي العديد من العراقيل والموانع, وايجاد حلول ومعالجات او بدائل افضل , فاضافة الى اهميتها فانها سوف تتحول الى ركائز ترسخ وتعزز احتمال وامكانية الاحتفاظ بمكاسبنا.

قد يعجبك ايضا