ياسين ياس
يصادف هذا العام الذكرى 80 لرحيل الكاتب والصحفي المائز ابراهيم صالح شكر الذي يعد من رواد الصحافة العراقية، وشكر من مواليد محلة قهوة شكر باب الشيخ بغداد عام 1893، وتشير سيرته الذاتية، انه نشأ في كنف والده أحمد صالح شكر ووالدته أمينة، وفي محلة قهوة شكر، حيث كان والده مختاراً لها، وقد حرصا والداه على العناية به لكونه ابنهما الوحيد بعد ان فقدا أربعة أبناء قبله، حيث تركت ضفيرة شعره تنمو ولم تقص حتى بلغ الحادية عشر من عمره، وذلك لكي يلتحق في المدرسة. بدأ تعليمه بالكتاتيب فالتحق بكتاب الملا جمعة في جامع قهوة شكر، وتعلم فيها دروس في اللغة العربية والقرآن الكريم، ثم انتقل للدراسة في كتاتيب جوامع أخرى، فدرس على يد العلامة محمود شكري الآلوسي في جامع الحيدرخانة، ثم عند عبد الوهاب النائب في جامع الفضل وقد زامله في هذا الجامع عبد الكريم العلاف، وبعده انتقل إلى كتاب جامع العاقولية ليدرس على يد عبد الجليل آل جميل، ثم على يد نجم الدين الواعظ في جامع العادلية وزامله في هذا الجامع خالد القشطيني.
وقد تلقى فيها كلها مبادئ النحو والأجرومية والفقه والأدب والبلاغة والقرآن الكريم. وقبل ان يبلغ العشرين من عمره، اجتاح وباء الطاعون مدينة بغداد، واهلك الكثير من سكانها، وكان منهم ثلاثة من أفراد عائلته وهم والده ووالدته وجدته لامه، ولم يبقى معه إلا شقيقته الصغيرة زبيدة. وفي ليلة 3 تشرين الثاني 1915م، اعتقل مع ستين شاباً اخراً من قبل السلطات العثمانية، بعد ان قام شفيق بيك والي بغداد، بإقناع قائد الجيش العثماني باعتقالهم لكونهم اثاروا ضغينته بسبب حماستهم وكفاحهم من أجل الاستقلال العربي، وتم نفيهم إلى الأناضول في تركيا وتم نقلهم بالقطار وتحت الحراسة إلى سامراء ثم على ظهر الحمير إلى الموصل، حيث كان هو من كلفه العثمانيون بنقل المنفيين على ظهور الحمير من سامراء إلى الموصل، بعد ان استبدل المجلس العرفي العثماني لبعض المنفيين بالنفي للموصل فقط، وهو كان منهم، حيث قضى أربعة شهور فيها، وكان يراسل بعض من أقربائه ببغداد لأرسال المال له لسد احتياجاته. وعند عودته من المنفى وهو لايزال يرتدي العمة والجبة، اختاره أهل محلة قهوة شكر مختاراً لمحلتهم بدلاً عن والده، وهي المحلة التي سميت على اسم جده شكر. واشتهر بانه كان يقدم خدمات المختارية لأهالي محلته بدون مقابل، وكان يرفض الهدايا التي تقدم له، ومنها هدية قطعة ارض في لواء ديالى عرضت عليه من شخص مقابل توقيع المختار لتخليصه من دعوى قضائية مقامة ضده.
عمله الصحفي
يعتبر عمل شكر في جريدة بين النهرين، لصاحبها محمد كامل الطبقجه لي هو باكورة عمله الصحافي، حيث كان أول صدور لهذه الجريدة في 6 كانون الأول 1909م، واستمرت ثلاث سنوات، ثم في جريدة النوادر التي اصدرها محمود الوهيب عام 1911م، وكتب فيهما موضوعات أدبية، وقد أصبح إبراهيم صالح شكر محرراً في مجلة الرياحين التي اصدرها إبراهيم منيب الباجه جي في 25 نيسان 1913م، وقام إبراهيم صالح شكر وحده في نيسان 1913م، بإصدار مجلة أدبية اسماها شمس المعارف، والتي صدر منها 18 عدداً. وفي عام 1921م، ووحده أيضا أصدر مجلة شهرية اسماها جامعة الناشئة، مكرساً صفحاتها للأدب العراقي، وقد كتب فيها عدد من الادباء المعروفين وصدر منها ثلاثة أعداد قبل ان تعطلها الحكومة.
ولكنه في عام 1922م، عاد ليصدر الناشئة الجديدة، جريدة اسبوعية، بدلاً عنها، وبدأ فيها اولى كتاباته السياسية، وفي 4 آيار 1924م، شارك رفائيل بطي في صدار جريدة الربيع، وعمل فيها رئيساً للتحرير، ولكن الحكومة عطلتها بعد العدد الأول.
دخل شكر معترك الصحافة السياسية عندما أصدر بتارخ 11 تموز 1927م، جريدته الزمان الاسبوعية ولكنه كتب على صفحتها الأولى (يومية ادبية سياسية اجتماعية انتقادية)، وكان هو صاحبها ورئيس تحريرها، وهو أول من اصدر جريدة في العراق بهذا الاسم، وعاشت 44 عدداً، وتعطلت مرات عدة.
قلعة صالح
قضى شكر في الوظيفة العامة لدى الحكومة العراقية بشكل عام 13 سنة شغل خلالها وظائف عدة منها: مدير تحريرات لواء الحلة، مدير تحريرات لواء بغداد، مديراً لنواحي عدة منها: شهربان و قزلرباط وتكريت وقائمقام لقضاء شهربان، قلعة صالح، الهاشمية، الصويرة، خانقين وغيرها، ملاحظ المكتب الخاص بوزارة الداخلية 1935.وسكرتير المكتب الخاص بوزارة الداخلية 1935-1936.
وغيبه الموت عام 1944 عن عمر ناهز الخـــمسون عاماً بعد معـــــــــــاناة مع داء الســكري ومرض السل ودفن في مقبرة الغزالي ببغداد.