فاطمة علي
شهدت السنوات الأخيرة في العراق تحولات دراماتيكية ألقت بثقلها على الواقع الإنساني والاجتماعي لشعبنا. المزيج القاسي من الفقر وانعدام الأمان والتجاوزات غير القانونية وضع العديد من العراقيين في موقف يتسم باليأس والعوز، يجبرهم هذا الموقف على مغادرة منازلهم بحثًا عن حياة أفضل أو النجاة من وضعهم المأساوي. في ظل الإدعاء بالديمقراطية، تتعامل الحكومة مع مطالب الشعب بقبضة من حديد، فإما الصمت أو مواجهة قسوة العقوبات.
الأحداث الأخيرة في تهجير الشعب العراقي
تزايدت أعداد المهجرين داخليا في العراق بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، هذا التهجير ليس نتاجًا لظروف حرب فحسب بل وأيضًا بسبب التجاوزات غير القانونية التي تفاقم الفقر المدقع الذي يعاني منه الكثير من العراقيين. هذه الظروف دفعت الفقراء للبناء على أراض ليست مخصصة لهم بحثاً عن مأوى يحميهم وعوائلهم، مما ولّد صراعًا جديدًا مع الدولة.
التجاوزات غير القانونية بسبب الفقر
الفقير العراقي الذي يسعى لبناء مسكن من أجل بقاء أسرته يجد نفسه كثيراً ما محاصرًا بالتجاوزات القانونية. ففي ظل غياب سياسات فعالة لمكافحة الفقر وتوفير الإسكان، يتحول البناء دون ترخيص إلى الخيار الوحيد للكثيرين، مما يجعلهم عرضة للملاحقة القانونية والأحكام الصارمة التي قد تصل إلى السجن أو حتى الأسوأ.
الحكومة والحقوق الشرعية للمواطنين العراقيين
على الرغم من الثروة النفطية الهائلة التي يتمتع بها العراق، إلا أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تتسع يومًا بعد يوم. الحكومة، التي تدعي بالديمقراطية، يُتوقع منها توفير الحقوق الأساسية لمواطنيها بما في ذلك الحق في السكن اللائق. ومع ذلك، يظل هذا التوقع بعيد المنال للكثير من العراقيين الذين يجدون في بناء منزل تجاوزات السبيل الوحيد لحياة كريمة.
النفط وثروته وأثره على الفقراء
النفط، الذي ينبغي أن يكون نعمة للشعب العراقي، غالبًا ما يتحول إلى نقمة بالنسبة للفقراء. المفارقة هي أنه بينما تتدفق عائدات النفط، تظل معظم الثروات في أيدي قلة من السياسيين واصحاب النفوذ وحاشيتهم، دون أن تترجم إلى تحسين ملموس في حياة العامة. الفقراء ليسوا فقط محرومون من واردات هذه الثروة ولكنهم أيضًا يواجهون التهديد والتهجير عندما يحاولون الدفاع عن حقوقهم الأساسية.
التداعيات القانونية والاجتماعية لمطالب الفقراء
المطالبة بالحق في السكن تتحول للفقراء في العراق إلى مغامرة قانونية واجتماعية مليئة بالمخاطر. فالدولة، بدلاً من أن تكون الملجأ، تصبح مصدر التهديد سواء بالسجن أو حتى بالعنف. هذه الوضعية لا تعكس فقط إخفاقات السياسات الحكومية ولكن أيضًا تعمق من جراح الانقسامات الاجتماعية وتفاقم الأزمات الإنسانية.
خاتمة
المأزق الذي يواجهه الفقراء في العراق ليس مجرد قضية اجتماعية ، بل هو أزمة إنسانية تتطلب حلولاً جذرية وعاجلة. توزيع الثروات شكل عادل، توفير السكن والخدمات الأساسية، وتبني سياسات تحترم حقوق الإنسان ، يجب أن تكون أولويات الحكومة. إلى أن تتحقق هذه الحلول، سيظل الشعب العراقي يواجه تحديات وصراعات لا تنتهي في البحث عن حقه الأساسي في الحياة الكريمة.