د.حسن كاكي
وصل فخامة الرئيس مسعود البارزاني والوفد المرافق له الى بغداد في زيارة تاريخية يوم الاربعاء 3 تموز 2024 .
تعد الزيارة الاولى لفخامته بعد قطيعة دامت ستة اعوام وهو يحمل الهم العراقي، فالخلافات بين الاقليم وحكومة بغداد لاتمحصر في تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، وقانون النفط والغاز، والميزانية، ورواتب البيشمركة وما الى ذلك، وانما الخلاف الحقيقي هو حول الرؤيا الكوردية في ادارة الدولة العراقية وحول انحراف الحكومة الفيدرالية عن المسار الديمقراطي، ومحاولة التفرد بالسلطة، وحول الالتزام الاخلاقي والوطني بالاتفاقيات السابقة سواء في ايام المعارضة او بعد الوصول للسلطة، والتوافقات السياسية في ادارة الدولة العراقية، وحول الالتزام بالدستور الذي صوت عليه غالبية الشعب العراقي والذي يحاول البعض التعامل معه بانتقائية يأخذ منه ما يناسبه ويهمل ما يهم الاخرون.
كما جاءت زيارته لتعزيز شراكة بناءة وراسخة ووضع بداية جديدة للعراق الاتحادي والاقليم، فمحاولة استحواذ مجموعة معينة علي مقدرات البلد هو استحواذ على جماعية التكوين النفسي وتصغير للبلاد واهله امام ذاتها والعالم وهو ما يبيح الغاء الحق الأخر،الذي بات غير مقبولاً اليوم.
فالرضوخ للتعددية والاعتراف بها ليس نمطاً من التنازلات التي يقدمها السياسيون، كما أن الحفاظ على عروبة العراق واسلاميته لا يلغي حقيقة ان الفسيفساء العقائدي والعرقي والمذهبي فيه يجعله على اغنى حاضنة للتنوع الذي يضم العرب والكورد والتركمان وبقية المكونات.
كما جاءت الزيارة لرأب الصدع بين حكومتي بغداد و الاقليم فزيارة فخامته الى بغداد تعطي قوة للعملية السياسية لان البارزاني لم يكن يوما رئيساً لحزب ثوري قارع اعتى الانظمة الدكتاتورية الشوفينية، ولم يكن زعيماً كوردياً عابراً للتاريخ، بل هو زعيماً لكل العراقيين والمناضلين والثوار المدافعين عن حقوقهم العادلة في الحرية والعدالة والمساواة، وشخصية وطنية كبيرة ألتف حوله كل الثوار والمناضلين العراقيين نظراً لأهليته وانفتاحه على الأخر، ومصداقية شخصيته ونقائه الجبلي والسياسي، ووعيه المجتمعي، وباعه الطويل في ممارسة دبلوماسية العمل السياسي وفق أتباعه لأسلوب المرونة الكبيرة في أدارة كفة الصراع، واصلاح ذات البين بين الاطراف السياسية المتناحرة ومفتاح الحل لتشكيل غالبية الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003.
كما جاءت زيارته لعدة اعتبارات منها تحسين العلاقات بين الاقليم والحكومة الاتحادية والمبنية على المصلحة العامة، والتوازن والتوافق لشراكة حقيقة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية وتحديد الرؤيا المستقبلية الشاملة بشان الشراكة بين الاقليم والحكومة الاتحادية، وضرورة انشاء جبهة داخلية قوية تحول دون التدخل الخارجي في الشأن العراقي، لان خطر التدخلات الخارجية في العراق ربما يجر العراق الى حروب كارثية جديدة.
كما جاءت زيارته لوضع حد للقضايا العالقة الأساسية كأنتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، والوضع في كركوك وانتخاب محافظ لها، واستئناف تصدير النفط عبر خط جيهان، واطلاق ميزانية ورواتب الموظفين في الاقليم وغيرها من امور، لذا نتمنى ان تستثمر الحكومة الاتحادية والجهات السياسية المتحكمة بالشأن العراقي وتضع حلاً لكل ازمات العراق لتبدأ مرحلة العراق الجديد الذي يتساوى فيه الجميع والسلام .