الانتخابات الأمريكية .. مراقبون: أول مناظرة مع ترامب “كارثة” لجو بايدن

 

التآخي ـ وكالات

مثّل أداء جو بايدن في أول مناظرة مع ترامب، نقطة ضعف للرئيس الأمريكي الحالي قبل انتخابات تشرين الثاني المقبل، فيما أثار ترامب تساؤلات حيال تردده في القطع بأنه سوف يقبل بنتائج الانتخابات أيا كانت.

واتسمت أول مناظرة بين الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب بالغرابة في بعض الأحيان. المناظرة التي دارت في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا يوم الخميس 27 حزيران 2024، تناولت قضايا ساخنة أبرزها الهجرة والاقتصاد قبل نحو أربعة أشهر على إجراء الانتخابات الرئاسية.

بيد أن أهم الاستخلاصات تمثلت في أن الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه بايدن بات في ورطة، فمع انطلاق المناظرة، بدى صوت بايدن ضعيفا بعض الشيء فيما أرجعت مصادر في حملته الانتخابية إلى تعرض الرئيس الحالي لنزلة برد.

وبرغم ذلك، لا يتوقع كثيرون أن هذا الأمر سوف يثير القلق، لكنه جعل من بايدن يظهر وكأنه ضعيفا لاسيما ان قضية عمره ظلت قضية مثيرة للجدل في حملته الانتخابية إذ يبلغ من العمر 81 عاما.

ويقول جيه مايلز كولمان، المتخصص في رصد وتحليل الانتخابات الأمريكية بجامعة فيرجينيا، ” لو كنت مكان (مسؤولي حملته) كنت سأسرب أنه كان يعاني من السعال. لو كان فريق بايدن قد أعلن عن ذلك في وقت مبكر، لربما كان الأمر مقبولا لدى البعض”.

وبعد انتهاء المناظرة، لم تكن ردود فعل الأمريكيين في صالح بايدن اذ لم يرجع الأمر إلى ضعف صوته في المقام الأول، فيما لم يكن الجمهور في حاجة إلى تأكيد ترامب كثيرا من أن الكثير من العبارات التي تفوه بها بايدن غير مفهومة.

وقال خبراء إن معسكر أنصار بايدن أو المعسكر الرافض قطعا لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، لا يرى أن المناظرة سوف تحدث فرقا كبيرا في تغيير قرارهم، لكن الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم الانتخابي، يرون في المناظرات الرئاسية فرصة للاستماع إلى آراء كلا المرشحين بشأن القضايا الحاسمة والوقوف على تصرفاتهم المحتملة.

 

وقبل المناظرة، كانت الأسئلة الأكثر إلحاحا تتعلق بمدى قدرة بايدن على تبديد أي مخاوف بشأن عمره وأيضا بمدى قدرة ترامب على التصرف بشكل مسؤول بما يتناسب مع منصب الرئيس.

وترى إينيس بول، مديرة مكتب قناة الالمانية الفضائية، في واشنطن، أنه “لم يعد بالإمكان تلطيف الأمر”، مضيفة أن هذه المناظرة “باتت بمنزلة كارثة لجو بايدن حيث كان الهدف الرئيس من ورائها إثبات أنه مؤهل للمنصب، لكنه فشل فشلا ذريعا”.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، قال ديفيد أكسلرود، أحد كبار مستشاري الرئيس باراك أوباما حتى عام 2011، إن بايدن فشل في إعطاء الانطباع بأنه “مفعم بالحيوية اذ بدأ مشوشا بعض الشيء في بعض الأحيان”.

وقال كولمان إنه برغم أن فارق العمر بين بايدن وترامب لا يتجاوز سوى بضع سنوات، إلا أن الرئيس السابق أثبت بأنه أصغر من الرئيس الحالي بعشر سنوات في أقل تقدير.

ويقول خبراء إن ترامب حقق هدفه من وراء المناظرة حيث ظهر في شكل رئيس دولة على عكس مناظرته الأولى أمام بايدن أيضا في سباق عام 2020، ففي المناظرة الاخيرة، لم يقدم ترامب على مقاطعة بايدن في أثناء حديثه فيما كان مفيدا قرار المنظمين بأغلاق الميكروفون عن الرئيس الحالي عندما كان يتحدث بايدن الذي حاول السخرية من وزن ترامب.

ورفض ترامب الرد على أسئلة تتعلق برعاية الطفل وعمره اذ حاول أخذ السياق إلى قضيته المفضلة ألا وهي  “كيف دمر المهاجرون غير النظاميين الذين تمكنوا من دخول الولايات المتحدة بسبب سياسة بايدن، الولايات المتحدة”.

ويقول خبراء إن ترامب كذب عدة مرات في المناظرة فعلى سبيل المثال زعمه بأن حدود الولايات المتحدة في ظل رئاسته كانت الأكثر أمانًا “في تاريخ بلادنا”، لم يكن صحيحا إذ كان معدل الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة في مدة حكمه أكثر مما كان عليه في الولايتين الرئاستين لسلفه باراك أوباما، بحسب تقرير صدر عن معهد بوينتر.

وفي إحدى اللحظات الحاسمة في المناظرة، رفض ترامب أيضاً القطع بأنه سوف يقبل نتائج الانتخابات المقبلة، بغض النظر عن الفائز.

وحمل الأمر في طياته تذكيرا بما حدث بعد الانتخابات الأخيرة عقب رفضه عام 2020، قبول الخسارة أمام بايدن اذ زعم ترامب أن الحزب الديمقراطي تلاعب بالنتائج فيما وصل الأمر إلى زعمه بأنها “انتخابات مسروقة” برغم أن نتائج إعادة فرز الأصوات والقرارات القضائية دحضت مزاعمه.

ولعبت السرديات التي تفوه بها ترامب إبان الانتخابات السابقة دورا في تشجيع أنصاره من معسكر اليمين على اقتحام مقر الكابيتول في السادس من كانون الثاني عام 2021 في محاولة لتعطيل انتقال السلطة في الولايات المتحدة.

وبعد تراجعه مرتين على الرد عن هذا السؤال في المناظرة، قال ترامب إنه سيقبل نتائج الانتخابات المقبلة شريطة أن تتسم “بالنزاهة والقانونية”، لكن من دون الغوص في تفاصيل.

وفيما يتعلق بالرئيس الحالي، فقد قال خبراء إن أداء بايدن المربك مثّل نقطة ضعف حتى في القضايا التي تعد أهم نقاط قوة حزبه الديمقراطي مثل فشله في مهاجمة ترامب بسبب القضايا الجنائية التي تلاحقه وأيضا تقاعسه عن إظهار نفسه وكأنه راعي الحقوق الإنجابية للمرأة.

وكان بايدن قد تعهد بالعمل على عودة الحق الدستوري في إجراء عمليات الإجهاض الذي ألغته المحكمة العليا عام 2022 بأصوات ثلاثة قضاة محافظين عينهم ترامب.

وعقب المناظرة، تساءل كثيرون: هل بإمكان الحزب الديمقراطي ان يرشح بطريقة أو بأخرى مرشحا بديلا عن بايدن ينافس ترامب قبل عقد الحزب مؤتمره في آب المقبل.

وقالت إينيس بول، التي قامت بتغطية الانتخابات السابقة، إن أداء بايدن كان دون المستوى في المناظرة مما “أثار الجدل حول كيف يمكن للحزب الديمقراطي أن يمنع بايدن من الترشح مرة أخرى؟”

وأضافت أن إحدى الطرق تتمثل في إتاحة المؤتمر الفرصة أمام المندوبين لانتخاب مرشح مختلف، مشيرة “سيكون الأمر استثنائيا في حالة النظر إلى تاريخ السياسة الأمريكية، لكن هذه الأجواء غير عادية اذ أن الديمقراطيين باتوا في حالة من الذعر”.

 

 

واظهر استطلاع رأي أجرته وكالة “مورنينج كونسلت” أن 60% من السكان الأمريكيين يؤيدون استبدال الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ووفقا للنتائج قال 60% من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع إنه يجب استبدال بايدن “بالتأكيد” بمرشح ديمقراطي آخر لرئاسة الولايات المتحدة بعد أدائه الضعيف في المناظرة المتلفزة ضد دونالد ترامب.

وأعرب 44% من المستطلعين عن دعمهم لخصمه السياسي الجمهوري دونالد ترامب، ويعتقد 57% من المشاركين في الاستطلاع أن أداء ترامب كان أفضل من أداء بايدن في المناظرة.

وتم إجراء الاستطلاع في الولايات المتحدة وشمل ما يقرب من 2000 شخص من السكان البالغين.

يذكر أن المناظرة المتلفزة بين الرئيس الأمريكي الحالي بايدن وسلفه ترامب، في أتلانتا بولاية جورجيا، اقيمت للمرة الأولى في التاريخ الأمريكي من دون جمهور ولا صحفيين، وبلغت مدتها 90 دقيقة.

قد يعجبك ايضا