ماذا يقصد ترامب بقوله ( انتظروا حربا عالمية ثالثة )

 

 

كامل سلمان

دونالد ترامب من الرؤساء الأمريكان الذين لا يخافون أحداً ولا يبالون للدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية ولا يكترثون لنقد الصحافة كعادة الرؤساء الذين يتخرجون من رحم الحزب الجمهوري ، فهو يكاد يكون الرئيس الأمريكي الوحيد الأكثر صراحة والأكثر جدية والأكثر تحدياً وصرامة ، فعندما يصرح بكلام كهذا بأن العالم من الممكن أن يتجه نحو حرب عالمية ثالثة فهو يقصد ما يقول … للتوضيح أكثر فلنعرج على بعض الحقائق التأريخية في السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترات حكم الرؤساء الديمقراطيون الذين ينتمي إليهم الرئيس الحالي جو بايدن ، ففي كل مرحلة يستحوذ فيها الحزب الديمقراطي على الحكم نلاحظ هناك تودد غير طبيعي من الحكومة الأمريكية تجاه الدول المعادية لأمريكا والمعادية للديمقراطية ، بل يصل التودد حتى للمنظمات الإرهابية ، وفي نفس الوقت تقوم فيه الإدارة الأمريكية بالتنصل عن إلتزاماتها مع أصدقاءها وتتمرد على حلفاءها فيصبح هناك إرباك كبير في العلاقات الدولية ، فتقوم معظم دول العالم الصديقة والعدوة لأمريكا بفقدان الثقة بالسياسة الأمريكية وعدم الأحترام والثقة بالحكومة الأمريكية ، هذه الظاهرة واضحة جداً خلال فترات حكم الديمقراطيين ، والغريب إنه لا يوجد تفسير واضح لما يحدث من سلوك غريب في السياسة الأمريكية عندما يكون الحزب الديمقراطي هو الحاكم سوى تفسير واحد هو أن الديمقراطيين يخضعون بشكل مطلق للدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدورها تقود السياسة الأمريكية نحو المهالك ، والمعروف عالمياً إن الدولة العميقة في جميع انحاء دول العالم هي عوائل معدودة متنفذة خفية تمتلك قدرات عالية للتأثير على قيادات البلد ، تخدم مصالحها الخاصة حتى على حساب مصلحة الدولة . دونالد ترامب يعرف هذه الحقيقة ويعرف بأن الحرب الروسية الأوكرانية جاءت بمباركة الدولة العميقة وحتى حرب غزة ، لذلك كان تصريحه واضح وصريح منذ اليوم الأول للحرب الروسية ضد أوكرانيا ، بأنه لو كان هو في السلطة لما حدثت هذه الحرب ، لأنه هو وكذلك جميع قادة الحزب الجمهوري لا يخضعون للدولة العميقة ، وأيضاً في كلام ترامب دلالات قوية عندما أشار إلى تظاهرات الجامعات الأمريكية بأنها أعمال تخريبية ، فهو يتهم بشكل غير مباشر الحزب الديمقراطي بإفتعال هذه التظاهرات الطلابية للتغطية على سوء افعالهم في السياسة الخارجية ، ولا أحد يستبعد أن التظاهرات الطلابية هي من تدبير الديمقراطيين أنفسهم والدليل على ذلك هو أن معظم الأساتذة الجامعيين بل الغالبية المطلقة منهم يتبعون الحزب الديمقراطي ! . الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية والدولة العميقة في معظم دول العالم تسعى لمزيد من الحروب والدمار في العالم ، فهؤلاء لا يترددون أن تكون هناك أكثر من حرب عالمية بل حروب عالمية في كل زمان وكل مكان لأن ديمومة مكانتهم تقتضي ذلك ، لذلك فأن دونالد ترامب يراقب هذا الإنصياع المطلق للإدارة الأمريكية الحالية لإرادة الدولة العميقة ، هذا الشيء الذي دفع ترامب ليصرخ ويقول ما يجب أن يقوله كمسؤول عارف ليحذر العالم والشعب الأمريكي من خطر بقاء الديمقراطيين في السلطة ، وأظن أن جميع العقلاء يتفقون مع ترامب بأن فوز الديمقراطيين في الإنتخابات الأمريكية القادمة يعني حرب عالمية ثالثة لا محالة تحرق ثلثي الكرة الأرضية وتقتل المليارات من البشر . فليس من الصواب تجاهل تحذيرات ترامب فهو أعلم بما يدور في أروقة الإدارة الأمريكية . قد يذهب البعض إلى تفسير كلام ترامب على إنه يأتي ضمن الحملة الإنتخابية لكسب ود الناخب الأمريكي وكذلك كسب ود الرأي العام العالمي ، قد يكون هذا التفسير صحيحاً ولكن الأصح هو أنه ذكر الحقيقة . أنظروا إلى صدق كلام ترامب ، عندما بدأت حرب غزة قبل أكثر من ستة أشهر ، في الأيام الأولى للحرب أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمه المطلق لإسرائيل وقال إنه سيتعاون مع الحكومة الإسرائيلية للعمل على إجتثاث الإرهاب والقضاء على حركة حماس وداعميها ، والآن بعد مرور أكثر من نصف عام هو نفسه جو بايدن يطالب إسرائيل بعدم القضاء على حماس بعد أن تم تدمير كل شيء في غزة ، ماذا سيعني بقاء حماس ؟ ظاهرتان غريبتان جداً ومترابطتان ، التظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية والضغط الأمريكي على الحكومة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار ، وكأن لسان حال الإدارة الأمريكية إلى إسرائيل ، سنزيد من غضب الجامعات إذا لم تستجيبوا لمطالب الإدارة الأمريكية ، هذه الفعالية في تحريك طلاب الجامعات للتظاهرات كما يبدو لي هي امتثال الديمقراطيين لنظرية الفيلسوف اليساري الأمريكي الالماني الأصل هربرت ماركيوس صاحب كتاب الإنسان ذو البعد الواحد ، فعندما طرح ماركيوس نظريته قبل أكثر من ستين عاماً أستبشر بأن الحركات الطلابية في المستقبل هي صاحبة القرار الأخير في كل شيء ، فقد وجد الديمقراطيون ضالتهم في هذه النظرية ، لأن هربرت ماركيوس يلتقي مع الديمقراطيين بالفكر اليساري ، رغم أنه رحل عن عالمنا قبل حوالي ٤٥ عاماً ، فما زالت أفكاره تحرك الحركات اليسارية في العالم ومن ضمنهم الحزب الديمقراطي الأمريكي اليساري التوجه ، لذلك فأن دفعهم للإنتفضات الطلابية تأتي من هذا الجانب ، وهذه مفارقات تتناقض مع الأخلاق والقيم الأمريكية والإنسانية ، وهي نظرة غريبة للأمور ليس لها ما يبررها . فلماذا سمحتم طوال تسعة أشهر من قتل وجرح وتهجير عشرات الالاف من الأبرياء في غزة والأن تقولون كفى قتل ؟ هذه هي السياسة التي كان ترامب يحذر منها وكان يسميها خبث سياسي ، وهذا ما أثار حفيظة ترامب وحفيظة كل متابع للأحداث بأننا ياناس جميعاً في مركب واحد ، وهذا المركب قد يغرق في أية لحظة بسبب رعونة ربان السفينة .

 

قد يعجبك ايضا