حملة صحافيين تونسيين ضد الدخلاء على المهنة

 

 

التأخي / سلمان شوكت

 يتفاعل الصحافيون في تونس مع حملة #دخلاء_مش_زملاء على مواقع التواصل بطريقة متباينة فهناك من يعتبر أن الدخلاء قاموا بسرقة المهنة من أصحابها وتسببوا في انتشار ظواهر إعلامية سلبية وخطيرة لا يرضى عنها أهل المهنة ولا الجمهور، وهناك من يرفض هذه الفكرة معتبرا أن أزمات الإعلام التونسي أكبر من دخلاء المهنة، مؤكدين أن الكثير من الصحافيين المرموقين والمشهود لهم بالكفاءة ليسوا خريجي صحافة .

وظهر الاستياء واضحا لدى شريحة واسعة من الصحافيين في تعليقاتهم على المنصات الاجتماعية، والذين رأوا أن الصحافة أصبحت مطمحا لكل من هب ودب، ومن يمتلك العلاقات والمصالح المتبادلة مع أصحاب القنوات الفضائية ليظهروا في البرامج المنوعة ويقدموا أو يديروا الحوارات التلفزيونية دون معرفة بأصول الإعلام ، في حين أن المختصين من أهل المهنة لا يجدون عملا واضطروا إلى ممارسة أعمال أخرى لا علاقة لها بالصحافة. وقالت صحافية أي فاشل في القانون لم يستطع أن يكون محاميا أو قاضيا يصبح عندنا إعلاميا ومشهورا أيضا ينشط ويدير في الحوارات… الناس الكل تسب الإعلام… هلكتو الإعلام ودمرتو أحلام الشباب الذي شاب على أمل يخدم ..كل المساندة لزملائي في تنسيقية المعطلين عن العمل من أبناء الصحافة المعتصمين حاليا في القصبة ويطالبوا بالتشغيل.الهياكل ميؤوس منها وعاجزة فلذا الحل في ثورة في القطاع للبطّالة والذين يخدمون يجب رفض الدخلاء وكنسهم والسلطة لن تهدينا حقوقنا وجب انتزاعها من بين عينيهم .

وأجمع عدد من الصحافيين على أن الدخلاء على قطاع الإعلام والاتصال والمتصدّرين المشهد على حساب شرفاء المهنة ومن صفّق لهم ورحّب بهم من مسؤولي وسائل الإعلام ومالكيها، يجب أن يغريهم المال والشهرة والمناصب والمعاملة المميزة التي يحصلون عليها اليوم، معتبرين أن هذا كله مصيره إلى الزوال وستبقى الثقافة الضحلة المؤرشفة دليلا على إساءتهم للمهنة .

ويرى هؤلاء أن هذه الظاهرة جعلت بعض الأشخاص الذين اكتسبوا نجومية عبر تيك توك أو إنستغرام مؤهلين لأن يحظوا بصفة “إعلامي”، بمجرد حصولهم على فرصة تقديم أحد البرامج، أو مجرد الظهور على الشاشة كمعلقين صحافيين أو ما يعرف بمصطلح “كرونيكور”، وليتحولوا إلى مؤثرين في الرأي العام، على حساب العشرات من الكفاءات المهنية ومن خريجي معهد الصحافة.

لكن على الضفة الأخرى ترى فئة أخرى ومن بينهم أكاديميون وصحافيون أن دراسة الإعلام ليست مقياسا للحكم على نجاح الإعلامي أو فشله أو تحميله مسؤولية الأخطاء الصحفية أو الأزمات التي تجتاح القطاع نتيجة أسباب عديدة

وقال صلاح الدين الدريدي الباحث في الإعلام في تدوينة على فيسبوك :  في الدعوة لاستبدال الدخلاء بأبناء القطاع أتابع البلاتوهات الصباحية حول الانتخابات الأوروبية الأولى مثلا تعيد بث مقتطفات ممّا تقوله وسائل الإعلام الاجنبية ثم تطلب من الحاضرين التعليق على التعليق. ضعف في التأليف. ضعف في التحليل. نسخ لصق. عدد من خريجي معهد الصحافة وراء هذا الجنس الصحفي الهجين. كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟ كيف نستبدل أولئك بهؤلاء؟

ويقول الصادق الحمامي الأكاديمي والباحث في الإعلام أنه في “خطاب الصحافيين التونسيين عن الصحافة يتجلّى الامتعاض الصريح مما وصلت إليه المهنة من حالة الوهن والضعف. وفي الكثير من الأحيان نلاحظ أن الصحافيين يصبون جام غضبهم على ‘الدخلاء’ الذين يتهمون صراحة أو ضمنيًا بأنهم سبب البلاء كله بما أنهم يقومون بتلويث المهنة وإفقادها بريقها ونقاءها .

ويرى “إذا كان الصحافيون يطمحون إلى أن تكون مهنتهم تحظى بالاستقلالية والهيبة، محمية من أطماع المتطفلين والدخلاء فيجب أن يقبلوا، على غرار الأطباء والمحامين، بهيئة تسائلهم على انحرافاتهم المهنية عندما تكون موجودة .

وكانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين قد عبرت مرارا عن رفضها استباحة مهنة الصحافة، وترذيلها من قبل دخلاء لا علاقة لهم بقطاع الإعلام تحت صفة “صحافي” أو “كرونيكور”، التي تتطلّب اختصاصا وتكوينا أكاديميا في المجال، وأكّدت على أن الصحافي هو الذي تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في القانون الأساسي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والمرسوم 115 المتعلق بحرية التعبير والصحافة والطباعة والنشر .

ويفسر عدد من الخبراء تعثر مسار الانتقال الديمقراطي في تونس بـ”الخلط بين المهنية الإعلامية والتوظيف السياسي” لأسباب عدة، من بينها الثغرات داخل المدارس العليا والمؤسسات الجامعية التي يتخرج منها الصحافيون الذين سيكونون يوما ما أحد المتحكمين في الرأي العام .

وكشفت تقارير إخبارية أن “البطاقة المهنية” تمنح سنويا للآلاف من الإعلاميين والعاملين في قطاع الإعلام، علما أنهم تخرّجوا من جامعات ومدارس من اختصاصات مختلفة؛ لكن معظمهم لا علاقة لهم بـ”معهد الصحافة وعلوم الإخبار” ثم إن مئات المصورين الصحافيين والمنتجين في الإذاعات والقنوات التلفزيونية والمواقع الرقمية درسوا في “مدارس خاصة انتشرت كالفقاقيع في كل المدن” على حد تعبير أستاذ الإعلام سامي المالكي .

قد يعجبك ايضا