تزايد حالات الانتحار في العراق وانعدام الأمل واستمرار الأزمات والمشاكل من أبرز أسبابها

 

 

التآخي-وكالات

 

افاد تقرير صحافي بتزايد حالات الانتحار في العراق، مشيراً الى تسجيل محافظتان 7 حالات في غضون الـ72 ساعة الماضية ، في مؤشر على استمرار الظاهرة التي تفتك بالمجتمع، وسط مطالبات بالبحث عن حلول ومعالجات لها.

 

وبحسب تقرير لموقع “العربي الجديد” طالعته (باسنيوز) ، تعزو السلطات الصحية والأمنية على حد سواء، ارتفاع ظاهرة الانتحار في العراق إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة، أبرزها الفقر والبطالة وانعدام الأمل بوجود تغيير إيجابي، مع استمرار الأزمات السياسية في البلاد، وتعثر معالجة ملفات الخدمات في مختلف المدن.

 

الانتحار يتصاعد

ويوم الجمعة، ووفقاً لمصادر عراقية في بغداد، تم تسجيل حالة انتحار هي الرابعة من نوعها في الـ 24 ساعة الماضية، وقالت المصادر التي نقلت عنها محطات إخبارية عراقية محلية، إنّ “شاباً يقلّ عمره عن 25 عاما، أقدم على الانتحار بإطلاق النار على رأسه من مسدس شخصي ما أسفر عن وفاته بالحال”، مبينة أن “الحادث وقع في منطقة اليرموك غربي العاصمة”.

 

الحادث جاء بعد ثلاثة حوادث متتابعة في العاصمة بغداد، إذ قامت فتاة بعمر الـ 17 عاما بشنق نفسها بشال (قطعة قماش لغطاء الرأس)، كانت قد علقته في سقف حمام منزلها، بمنطقة سبع قصور شرقي العاصمة، وسبق ذلك حادثان متشابهان لشابين عراقيين بمنطقتين مختلفتين.

 

وفي محافظة المثنى ، جنوبي البلاد ، أكدت مصادر أمنية فيها، الجمعة “تسجيل حالة انتحار لفتاة عشرينية في منطقة الرميثة، في ثالث حالة تشهدها المحافظة ذاتها خلال 72 ساعة”، وقد وجدت الفتاة ميتة بعد شنق نفسها بواسطة حبل داخل منزلها.

 

تسجل بشكل شبه يومي

ويجري جهاز الشرطة العراقي تحقيقات في تلك الحالات، للوقوف على أسبابها والتأكد من صحتها، ونقل التقرير عن النقيب في الشرطة العراقية ضياء العوادي: إنّ “حوادث الانتحار في العراق تسجل بشكل شبه يومي في عموم المحافظات ، وأنها تتصاعد”، مبينا أن “معظم التحقيقات تؤشر إلى وجود أزمات نفسية يعاني منها المنتحرون، أو مشاكل عائلية واقتصادية”. وأكد أن “التحقيقات مستمرة بتلك الحوادث وتتم مطابقة ما يتوفر من الأدلة والشهود وإحالة الملفات إلى قاضي التحقيق”.

 

من جهتها، أكدت الباحثة في الشأن المجتمعي، هدى عز الدين، أن “المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية والجهات الأمنية مقصرة بهذا الملف”، مبينة أن “تلك الجهات مطالبة بتبني برامج توعوية وتثقيفية للتحذير من تلك الظاهرة والابتعاد عن أسبابها”.

 

وأضافت “لا شك أن هناك أسباباً عامة تتعلق بالأزمات الاقتصادية والبطالة وغير ذلك، لكن هناك أسباباً خاصة يرتبط بعضها بقضايا ابتزاز عبر الإنترنت، يدفع الفتيات أحيانا وحتى الفتية للانتحار، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بضعف الثقافة المجتمعية وضعف الواعز الديني”، مؤكدا أن “تلك الجهات مجتمعة تتحمل الشطر الكبير في المسؤولية، ويجب عليها تبني برامج توعوية مستمرة تستهدف المدارس والجامعات، بالتنسيق مع المؤسسات الإعلامية بشكل عام، إذ إن التذكير والوعي يكونان مانعا وحصنا للشباب من الإقدام على الانتحار”.

 

وبرزت في الأيام الأخيرة، مجدداً، في العراق جماعة “القربان” التي تتبنى فكرة الانتحار قرباناً للإمام علي بن أبي طالب ، مع تسجيل محافظة ذي قار خلال الأيام الماضية أربع حالات انتحار لأشخاص تركوا أوراقاً تؤكد انتماءهم إلى الجماعة التي ظهرت في أكثر من مناسبة واختفت لأسباب أمنية، إلى جانب غيرها من الجماعات التي تحمل أفكاراً تصنفها السلطات العراقية بأنها “منحرفة”، ويُعاقب عليها القانون.

 

رأي نفسي

هذا فيما كان الباحث النفسي فراس أحمد، قد أوضح في وقت سابق لـ (باسنيوز)، أن «أسباب ارتفاع حالات الانتحار تعود إلى البطالة وعدم تكافؤ الفرص في التوظيف وتوزيع الثروات، وكذلك بسبب انتشار تعاطي المخدرات، والذي هو مرتبط أيضاً بالسبب الأول الذي ذكرناه».

 

مبيناً بأن «طرق حالات الانتحار للإناث كانت معظمها عن طريق الحرق، بينما للذكور كانت بإطلاق النار أو الشنق” ، مردفاً ” وهنا نوصي الأهالي بالانتباه جيداً لتصرفات وأحوال أبنائهم لرصد التغيرات ومحاولة علاجهم وتوجيههم نحو الطريق السليم لإبعاد شبح الانتحار عنهم».

 

من جانبه ، وخلال عمله الطويل في مجال الطب النفسي، يؤكد الدكتور محمد القريشي، أن “دوافع الإقدام على الانتحار تأتي نتيجة الكآبة بالدرجة الأولى، بعدها الفصام واضطرابات السلوك والإدمان”.

 

وأسباب الاكتئاب عديدة مثلما يوضحها: “الإحباط لأسباب تتعلق بالظرف الاقتصادي أو الضغوط الاجتماعية التي تؤدي إلى اليأس من الحياة ومحاولة التخلص منها”.

 

وينبه في حديثه ، إلى اعتقاد ينتشر بين الأفراد حتى لدى بعض الأطباء، بأن “مَن يُهدد بالانتحار لن يُقدم عليه، لأن المريض النفسي إذا ما هدد بالانتحار فإنه على الأغلب سينفذ ذلك، ويجب أخذ كلامه على محمل الجد”.

 

ويرى أن “الأرقام المعلنة لحالات الانتحار أقل بكثير من الأرقام الحقيقية، إذ تُسجل الكثير من الحالات على أنها حوادث عرضية أو أن الموت نتج عن مرض”.

 

الأرقام في تزايد

وبحسب ماتابعت (باسنيوز) فقد جاء العراق في المرتبة 150 عالمياً ١٣ عربياً بـ 3.6 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص خلال عام 2023، بحسب مجلة ceworld.

 

تزايد حالات الانتحار في العراق أقلق منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أن عدم التصدي لهذه الظاهرة، سيلحق خسائر كبيرة بالأفراد والمجتمعات في البلد.

 

عالمياً، يموت نحو 800 ألف شخص نتيجة الانتحار سنوياً، وتقابل كل حالة موت منها أكثر من 20 محاولة لم تنجح. وحسب هذه الأرقام، فإن هناك أكثر من ألف عراقي انتحر خلال عام 2022 قابلتها أكثر من عشرين ألف محاولة انتحار لم تكن ضمن الإحصاءات.

 

على مدى سنوات عدة، بحسب الأمم المتحدة، عانت العديد من العائلات العراقية مشكلات في الصحة العقلية، سببتها النزاعات السابقة والأوضاع الاقتصادية، كما أن هناك عوامل أخرى من بينها القيود التي تحول دون الوصول إلى خدمات الصحة العقلية والاكتئاب والأرق بين السكان وبعض المتخصصين في الرعاية الصحية.

قد يعجبك ايضا