نهاد الحديثي
رحلة عشاق الصراع المذهبي تفتيت العراق من تمثال المنصور حتى الغدير والسقيفة مع غياب عطلة ميلاد المسيح
أقر مجلس النواب العراقي،قبل ايام , مشروع قانون العطلات الرسمية والتي تضمنت عطلة “عيد الغدير” وهي مناسبة دينية يحتفل بها الشيعة، أثارت مؤخرا جدلا واسعا في البلاد بين من يعتبرها رمزية دينية مهمة، ومن يرى فيها فرضا لسردية طائفية تثير حساسية المكونات الأخرى، وسط اعتراضات ومشادات كلامية رُفعت على إثرها الجلسة, كما تم التصويت على يوم حلبجة ورفض التصويت على يوم ميلاد المسيح كعطلة رسمية , وصوت البرلمان على يومي الجمعة والسبت كعطل رسمية في عموم العراق، بالإضافة إلى اعياد الفطر والإضحى، وعيد العمال، وعيد الغدير، والـ10 من محرم، والأول من محرم، والمولد النبوي 12 ربيع الأول، ورأس السنة الميلادية، وعيد الجيش 6 من يناير، وعيد نوروز 21 مارس، كما تمت اضافة 16 مارس في اللحظات الاخيرة وهو يوم أو ذكرى فاجعة حلبجة
ويشمل قانون العطل الرسمية نحو 11 يوما في السنة، فضلا عن العطل الرسمية العامة وهي يومي الجمعة والسبت مع إعطاء صلاحية لمجلس الوزراء بإلغاء عطلة يوم السبت عند الضرورة, كما منح القانون بعض العطلات الرسمية “المخصصة” أي ليست عمومية، للأقليات، من المسيح والصابئة والايزيدية, وتضمن القانون ايضًا حذف مناسبات مهمة ومفصيلة في تاريخ العراق والعراقيين، من بينها 14 يوليو وهو ذكرى سقوط الملكية وتأسيس الجمهورية، ويبدو أنه يتعارض مع التوجه العام للنظام الحالي الذي حاول الابتعاد عن الاصطفاف بين خلافات وجدلية “الملكية والجمهورية, مناسبتين مهمتين لم يتم تضمينهما في القانون وتم حذفهما، وهو 10 ديسمبر ذكرى النصر على داعش، وكذلك العيد الوطني العراقي في الثالث من أكتوبر، وهو ذكرى انضمام العراق الى عصبة الامم والاعتراف به دولة رسميًا
وركز القانون عموما على المناسبات الدينية، دون أن يتضمن أي مناسبات وطنية حقيقية، وهو اعتبره البعض أنه يعكس إشارة سلبية عن فحوى النظام القائم على “الطوائف”، ويرسّخ غياب أي مناسبات تتعلق بهويات جامعة، كما وصف آخرون قانون العطل الذي شرعه البرلمان انه اعتراف رسمي بعدم وجود ما يجمع الطوائف والمكونات في العراق، لغياب أي مناسبة وطنية جامعة فيه , وأشاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالإجراء وقدم شكره لأعضاء مجلس النواب لتصويتهم على عطلة يوم الغدير، ودعا أتباعه إلى التوجه إلى المساجد لأداء “صلاة الشكر,واعتبرت البرلمانية نهال الشمري عضو لجنة الخدمات والاوقاف النيابية أن التصويت على مشروع قانون العطلات الرسمية الذي يتضمن عطلة عيد الغدير، جاء بسبب ضغط الشارع العراقي بقيادة مقتدى الصدر لتشريعه، أكثر مما هو رغبة من النواب الشيعة داخل البرلمان العراقي, واضافت أن تشريع قانون في هذه المرحلة أمر غير صحيح، خاصة مع وجود أصوات طائفية ومشاكل وخلافات تحول دون مرور مثل هذه القوانين بصورة صحيحة، بالإضافة إلى أن المكون السني يفتقد حالياً لاستحقاقه في رئاسة البرلمان، ومن المفترض عدم تمرير تشريعات من هذا النوع إلا بوجود رئيس للبرلمان وفق الاستحقاق السياسي, وتابعت “مناسبة عيد الغدير عليها الكثير من الاختلافات الفقهية أولاً، فضلاً عن وجود شركاء في العملية السياسية من السُنة وبقية المكونات الأخرى كان يجب احترام توجههم الديني والعقائدي وعدم فرض إرادة مكون معين عليهم، والأمر الأخر أن قانون عطلة عيد الغدير سيفتح الباب أمام بقية القوميات والأديان في العراق للمطالبة بعطل خاصة بها , وصدرت انتقادات عديدة من قوى سنية لمساعي تشريع قانون عطلة “عيد الغدير” لاعتقادها أنه قد يثير “الحساسيات” والمشاكل، ومخاوف من تحول النظام في العراق إلى “ثيوقراطي , ووصل الرفض السني بمشروع قانون إلى حدّ تلويح جهات دينية سنية بالمطالبة بإقرار ذكرى يوم السقيفة، الذي آلت فيه الخلافة بعد وفاة النبي محمّد سنة 11 للهجرة إلى الصحابي أبي بكر الصدّيق، عطلة رسمية في العراق ,واقترح البعض أن تتولى مجلس المحافظات تشريع قوانين يتلائم مع توجهات ساكنيها، ويمنح القانون العراقي بالفعل الحكومات المحلية السلطة لإعلان يوم عطلة تقتصر على ساكني المدينة دون غيرها لأسباب مختلفة
منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والعراق يعاني انقساما طائفيا بين السنة والشيعة، وصل في كثير من الأوقات إلى الصدام المسلح، وهي الأزمة التي وفرت بيئة مواتية لكثير من التنظيمات الإرهابية ,وبالرغم من طابع الفوضى الذي غلف الوضع السياسي بسماته فقد كان الهدف من وراء إشاعة الرعب وزعزعة الأمن لا يخرج عن دائرة تكريس العوامل التي يحتاجها النظام الطائفي لتأكيد ضرورته من حيث كونه الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يتعايش العراقيون الذين يكره بعضهم البعض الآخر في سياق النظرية الأميركية.
وبالرغم من أن نظام المحاصصة الطائفية أو الحزبية قد أثبت فشله في إدارة الدولة الناشئة من خلال ممثليه الأميين والجهلة وعديمي الكفاءة والموهبة الذين اختارهم الذين استلموا مناصب سيادية مهمة غير أن الولايات المتحدة لم تعد النظر في مشروعها الذي أرادت من خلاله كما يبدو تدمير العراق. فدولة العراق في سياق توزيع المناصب القائم على المحاصصة الطائفية صار يُدار من قبل أسوأ أبنائه وأكثرهم جهلا,كانت نظرية الأغلبية الطائفية قد ألهمت بعضا من قادة الحكم فهم بعيدون عن الوطن والوطنية وعشقوا المسألة المذهبية التي جعلوا منها مقياسا للحكم , وهم ينبشون في أرض بور لا تمت بصلة إلى ما يعيشه العراقيون من واقع وكان بلدهم واقعا تحت الاحتلال, ونموا مشكلات جوهرية كبيرة للنظام الطائفي رغبة منهم في أن تحكم الأغلبية الطائفية لاقامة دولة لا مكان لها على أرض الواقع بل هي دولة ترهن وجودها بتغييب المكونات التي هي بالنسبة لهم مجرد ركام بشري لا مكان له في النظام السياسي, ولهذا فقد انتقلت المحاصصة من مجالها الطائفي إلى مجالها الحزبي. وهو ما دفع الأحزاب إلى الانتقال بالطائفية من مجالها السياسي الضيق إلى مجال اجتماعي أكثر سعة. وهو ما يمكن أن أسميه بـ”تطبيع الطائفية اجتماعيا” بحيث يكون العراق طائفيا، دولة وشعبا, ولا يُنكر أن فئات عديدة من الشعب العراقي كانت قد أدركت متأخرا خطورة الوضع الذي سينزلق إليه العراق في مستقبله إلا أنها لم تتمكن من مقاومة ما يجري بسبب الجحيم, فانتصرت الطائفية بظل الهيمنة الايرانية , فكانت بداية لانهيار الثوابت المجتمعية العراقية
قبل عام شهدت بغداد حربا كلامية ومهاترات طائفية لازالة تمثال لابو جعفر المنصور مؤسس العاصمة بغداد , تمثال نحته الفنان العراقي خالد الرحال، ليصبح أحد أشهر معالم بغداد في 6 يناير/كانون الثاني من عام 1977، ويعتبر المؤرخون أبوجعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، وقد عاش في الفترة من 95 هجرية وحتى عام 158 هجرية،وخلال الاسابيع القليلة الماضية, شاركت جماهير غفيرة من أتباع الصدر في صلاة الجمعة الموحّدة في عدد من المحافظات العراقية. وقرأ الخطباء خطبة مركزية أمر الصدر بأن تعاد قراءتها في كل صلوات الجمعة إلى حين حلول ذكرى الغدير التي توافق الخامس والعشرين من شهر حزيران القادم, وقالوا خطباء الشيعة إن مشروع عطلة عيد الغدير لم يتأت عن فراغ أو من أجل راحة لموظف أو لطالب، بل تعميق لروح الموالاة والنصرة الحقيقية للإسلام بِلِحَاظِ أن هذا العيد أمر إلهي إلى رسوله بأن يبلغ بالولاية لأمير المؤمنين، وهذا أمر الله لنبيه، ونبيُّه بلّغ حسب قولهم ودعوا إنجاح ونصرة مشروع الصدر بأن يكون عيد الغدير عطلة رسمية عراقية, وجدد زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، الجمعة التالية، دعوته الى اعضاء مجلس النواب للتصويت على جعل يوم الغدير عطلة رسمية، قائلا: “اذا صوت اعضاء البرلمان على هذا فاقدم لهم الشكر، وإن لم يصوتوا فسيكون بسنتهم وشيعتهم النبي محمد والامام علي خصمهم ,,, ومن الجانب السنّي حذر السامرائي من على منبر جامع أبي حنيفة من إثارة الفتنة الطائفية مرة أخرى في البلاد من خلال المطالبة بإعلان عيد الغدير عطلة رسمية، ملمّحا إلى أن أهل السُنة سيطالبون بعطلة ليوم سقيفة بني ساعدة وتنصيب عمر بن الخطاب خليفة في حال المضي بتشريع قانون عطلة الغدير من قبل البرلمان العراقي , وقال السامرائي في خطبته “نأمل أن يكون هناك موقف من الحكومة والبرلمان ، تحدد هوية البلاد، إما أن تكون هوية وطنية عراقية وهذا ما نريده، وإما أن تُحفظ جميع الحقوق والهويات”، مضيفا “سنرفع الصوت عاليا ليسمع العالم الاسلامي ولتسمع مكة والقاهرة وكل العالم أن العراق إما أن يكون بلدا لكل المواطنين وإما أن تُحفظ الهويات جميعا ولا تُطمس هوية من الهويات
ويؤكد مؤرخون ان الشيعة رفضوا وجود تمثال أبوجعفر المنصور، لأنهم لا يعترفون من الأساس بالخلفاء الراشدين، باستثناء علي بن أبي طالب, واوضحوا انهم لا يعترفون كذلك بخلفاء الدولة الأموية إلى جانب العباسية، بل ويعتبرون أنهم سرقوا الخلافة من آل البيت، معربا عن اعتقاده أن ما جرى بشأن هذا التمثال يأتي في سياق الطائفية والتمييز المذهبي ومحاولة تشييع الثقافة والمجتمع، مشددين على أن هذا “منهج الأحزاب الدعوية الإسلامية الشيعية, لسنا مختلفين على منزلة أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وعليه السلام ورضي الله عنه،، وهنا عوائلنا وأولادنا وشركاتنا في المناطق السنية تحمل أسماء حسن وحسنين وعلي الجوامع تحمل أسماء أهل البيت، وليست لدينا حساسية، ولكن تشريع (عيد الغدير) معناه انك تهضم حقوق الآخرين، ومعناه كل الخلافات باطلة, ونقول للبرلمان وللطائفيين إن شرعتم عيد الغدير، فنحن كذلك نريد عيد السقيفة، وهذه المسألة لن تنتهي, نحن دولة مدنية لا نريد عطلا طائفية , والدستور لدولة مدنية تعددية سياسية ودينية وثقافية واجتماعية وقومية، وبالتالي لا يمكن لدين أو لمذهب فرض أعياده وطقوسه
على الصعيد الوطني، لأن الدولة المدنية يفترض أنها فوق الأديان والمذاهب والقوميات وتقوم على أساس المواطنة, فلا يمكن اعتماد عيد معين في مذهب معين وتحويله إلى عيد وطني ويُفرض على الجميع الاحتفال به، فمن حق المذهب إقامة طقوسه، لكن دون أن يُفرض ذلك بقانون ويسري على جميع المذاهب، لأن هذا يخالف الدستور،
ويرى محللون أن إثارة موضوع عطلة “عيد الغدير” من قبل التيار الصدري، يأتي بمثابة دعاية انتخابية مبكرة باعتبار أن التيار مقبل على العودة إلى العملية السياسية والانتخابات البرلمانية ,,كنا نأمل ان تكون عودة الصدريين باب خير واصلاح للعراق الواحد ولجميع العراقيين , وبصراحة متناهية تفأجات الاوسا ط السياسية وخاصة السنية والكردية واحزاب اخرى بعيد الغدير , وكنا نأمل ولا زلنا ان تكون عودة التيار الصدري ستغير المعادلات السياسية برمتها في العراق، معتبرا أن انسحابه قبل أقل من سنتين من العملية السياسية كان أمرا وقتيا، ورجوعه خلال الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون حتميا, ولكن عودة التيار بأسم “التيار الوطني الشيعي”، الأمر الذي اعتبره مراقبون انتقادا وعودة للهوية الطائفية , التمسك بالهوية الشيعية الإسلامية، وليست الهوية الوطنية العراقية , ثم دعودته للغدير مخالفا الدستور ومتناسيا اننا دولة وطنية وليست مذهبية , لا نريد توترات مع عودة الصدريين لاننا نعتبرهم الأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، لديهم مواقف واضحة من مختلف القضايا السياسية المهمة، التي على رأسها رفض استمرار المليشيات أو الفصائل المسلحة، وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية للدولة, ومواقف واضحة تتعلق بمكافحة الفساد، ومواجهة المحاصصة الطائفية، واعتماد نهج الإصلاح الجذري،واساال شعبنا العظيم //
اين انتماؤنا الوطني الذي رفعنا بيارقه بسواري الدم والفداء والتضحية ؟ كيف سمحنا لعهر السياسة ان يتفشى في صميم حياتنا وقيمنا يهينها ويلوّث كل شئ فيها ؟؟؟ الم نكن الوطن الذي مدّ على الافق جناحا وارتدى مجد الحضارات وشاحا !!؟؟ الم تمر بنا النوب العاديات و ظل العظيم العظيم العراق !!؟؟ ترى لماذا تخلّينا عن كل هذا المجد والفخر باننا عراقيوووون حد قطع النفس وصمتنا على اهانة الوطن العظيم الذي اردناه عالياً مكرّماً معظّماً ,
وانتم ايها السادة ــــ هل تعلمون انكم باعمالكم دمرتوا العراق, ومزقتم شعبه , بالتفرقة والطائفية والمحاصصة , كيف ستقابلون رب العباد والدنيا متاع زائلة , الازمنة السياسية ومع اختلاف الانظمة والحكّام زائلة , دعوا شعبنا متسامحا كريما , واجعلوا العراق دولة ذات هيبة وحضور و اخلاق وقيم عالية، الم تكفكم عشرون سنة ونصف من الفوضى والفساد والسرقة, الم تكفكم عشرون سنة من الثأر والانتقام والعدوانية واشفاء الغل لتحقيق العدالة المزعومة , اتركوا التاريخ للعلماء والمؤرخين , فلن تخلدوا حتى قيام الساعة