نيجيرفان البارزاني عراب السلام

سردار علي سنجاري

لطالما عرفت البشرية عبر تاريخها شخصيات تميزت بالحنكة والذكاء والتسامح وحملت افكارا غيرت مجرى التاريخ وقدمت للإنسانية الكثير من القيم والمبادئ التي جعلت اسمائهم تخلد في صفحات التاريخ.

واليوم يحظى العراق وإقليم كوردستان بشخصية يحمل تلك الصفات وربما اضافت عليها بعض الصفات التي قد ندر وجودها في يومنا هذا وهو السيد نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان.

لا شك ان قوة الرجال تبرز في الأزمات والأحداث و بعض الأحداث تخلق شخصيات تتمتع بقبول كبير حتى خارج الوسط المحلي لهم وهذا ما ميز السيد نيجيرفان البارزاني اليوم بين القادة الكورد المعاصرين سواء في اقليم كوردستان او خارجه حيث استطاع بحنكته السياسية التي ورثها من والده الشهيد الخالد إدريس بارزاني ومن عمه الرئيس مسعود بارزاني اللذان كان لهما تاثير مباشر في مسيرته السياسية والتي أوصلته إلى أعلى المواقع السياسية والحزبية والإدارية في سن مبكرة مما جعله رقما صعبا في المعادلة المحلية والإقليمية والدولية.

عندما نتابع الاحداث التي شهدتها الساحة الكوردستانية منذ إعلان الاستفتاء الذي أعلنه الرئيس مسعود البارزاني والذي حظي باجماع كوردي واسع وبرفض محلي وإقليمي ودولي كبير في آن واحد وكادت الأمور تنتهي بعزلة الاقليم سياسياً و اقتصادياً و تجارياً من قبل دول الجوار و تم استخدام القوة العسكرية في التعامل مع نتيجة الاستفتاء لولا التصدي الشجاع من قبل قوات البيشمركة البطلة ما غير توازن العملية لصالحها. ولكن سياسياً وهي الخطوة الأهم في عودة الإقليم إلى الحضن الدولي والإقليمي فكان دور السيد نيجيرفان البارزاني هو الأكثر فاعلية حيث استطاع بحنكته ان يعيد التوازن بين الاقليم ودول الجوار وبالأخص العراق وايران وتركيا تلك الدول التي كان لها تاثير كبير في التحركات الدولية لافشال الاستفتاء الكوردي .

واليوم ونحن نتابع باهتمام التحركات المحلية والإقليمية والدولية للسيد نيجيرفان التي بدأها من بغداد لعدة مرات خلال فترات قصيرة من اجل ايجاد الحلول الممكنة للتوصل إلى اتفاق دستوري والتعاون المشترك بين المركز والإقليم وإيجاد السبل الكفيلة بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي للعراق وعودته إلى الحاضنة الدولية بما يتناسب مع تاريخه الحضاري . وكذلك الزيارات المتكررة إلى تركيا وايران تلك الدول التي طالما كانت تنظر بعين القلق للتجربة الكوردية الفتية الناجحة في اقليم كوردستان العراق والتي ربما تكون عامل تاثير على كورد تلك الدول والمطالبة بكيان مستقل او الحكم الذاتي لهم ولكن بالرغم من الدور الإيجابي الذي يقوم به السيد نيجيرفان البارزاني في تعزيز العلاقات مع تلك الدول وطمأنتها ان اقليم كوردستان لن يكون إلا عامل استقرار ويسعى إلى علاقات إيجابية معهم رغم ما تعرض له من تجاوزات متكررة تركت ورائها ضحايا مدنيين أبرياء من الجانب الكوردي من تلك الدول وكذلك كانت هموم الشعب الكوردي لتلك الدول دوما حاضرة في اي حوار بينه وبين قادة تلك الدول .

اما العلاقات الكوردية العربية فقد شهدت تقدما كبيرا وملحوظا في عهده واهمها العلاقات الكوردية الخليجية والعلاقة بين الاقليم والمملكة الأردنية الهاشمية وكذلك مصر . العلاقات الكوردية العربية ليست وليدة الساعة انما هي امتداد لتاريخ طويل من العلاقات بين الشعبين الكوردي والعربي رغم العديد من المنعطفات السلبية التي واجهت تلك العلاقة في فترات زمنية متباينة إلا انها استعادت مكانتها الصحيحة اليوم بفضل ما يقوم به السيد نيحيرفان البارزاني من محاولات تقريب وجهات النظر بين الجانبين.

الإمارات العربية المتحدة اليوم استقبلت فخامته وهذا ليس اللقاء الاول الذي تقوم به الإمارات العربية بتوجيه دعوة إلى السيد نبجيرفان البارزاني في هذه الظروف الاستثنائية التي تمربها المنطقة بل كانت هناك دعوات سابقة شارك فيها السيد البارزاني في العديد من الفعاليات السياسية والمنتديات في الإمارات العربية المتحدة . ان اقليم كوردستان العراق اليوم ليس كما كان عليه سابقا إبان الستينيات من القرن الماضي حتى بداية القرن الحالي فاليوم يلعب الاقليم دورا محوريا هاما في بناء نظام سياسي قوي في العراق والمنطقة وله ثقله الدولي وذلك من خلال ما قدمه الاقليم من تجارب سياسية واقتصادية واجتماعية واعمارية ناجحة عززت مكانته المحلية والاقليمية والدولية.

العلاقات بين الاقليم والعديد من دول العالم بنيت على اساس احترام تطلعات الشعب الكوردي ونضاله وتاريخه السلمي فالسلمية التي يؤمن بها الشعب الكوردي وقيادته كانت المنفذ الحقيقي للعالم الخارجي وتقبل التجربة الكوردية فلولا فكرة التسامح التي تبناها الزعيم الكبير فخامة الرئيس مسعود البارزاني في بداية التسعينات من القرن الماضي بعد انتفاضة اذار المباركة لكان الاقليم حتى يومنا هذا يعاني الكثير من المشاكل والأزمات والتحديات التي ربما قادته إلى نكبة وانتكاسة كبيرة كما هو حاصل في العراق اليوم حيث فكرة الانتقام هي التي سادت على فكرة التسامح فاخذت العراق إلى ماهو عليه اليوم من خلافات وانشقاقات .

قد يعجبك ايضا