التآخي – ناهي العامري
عقد بيت البياع الثقافي جلسة استذكارية للفنانة والمناضلة الراحلة زكية خليفة الزيدي، قدمت فيها الباحثة نبأ البناء محاضرة عن سيرة وحياة الزيدي، استهلتها بنشأتها الاولى، وقالت : انها تولد العمارة عام ١٩٣٢، عاشت منذ نعومة أظفارها معاناة اهاليها من اضطهاد سياسي واجتماعي واقتصادي وفقر وحرمان، وهي لصيقة بالعمل السياسي السري، بسبب تأثرها باخيها (مجيد) احد قيادي التنظيمات الفلاحية في الحزب الشيوعي، ومن مؤسسي أوائل الجمعيات الفلاحية في العراق، وكان يكلفها ببعض المهام الحزبية، مثل توزيع الصحف ونشر المطبوعات السرية بين الناس.
واضافت البناء: ان الزيدي عانت من السجون والمعتقلات ودوائر الجنايات والأمن اكثر مما تعانيه اي فتاة في آواخر اربعينيات القرن الماضي، وزج بها في السجن لأكثر من عشرة اعوام، حتى اطلق سراحها بعد قيام ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨، بدأت تزاول نشاطها الحزبي والسياسي في (رابطة المرأة العراقية) مع الراحلة (د نزيهة الدليمي) ضمن ندوات جماهيرية واذاعية وتلفزيونية، وكان حضورها مميزا، وتولت تقديم العديد من البرامج التي تتحدث عن القوانين التي جاءت بها الثورة، مثل الاحوال الشخصية والتعليم الإلزامي والاصلاح الزراعي مع المناضل الراحل (شمران الياسري/ ابو كاطع) وبرنامج الشعر الشعبي مع الشاعر (د زاهر محمر) ومع (علي تايه) برنامج ( شنينة تتحدث مع اخواتها بنات الريف) وهو الاسم الذي اشتهرت به في حينها، وتعد أول من ادخل الصوت الريفي الى اذاعة بغداد بعد ان كانت محصورة بالاصوات البغدادية، ولا بد من الاشارة الى ان المحطة الاولى لمشوارها الفني بدأ قبل ذلك.
وبسبب نجاحها المبهر في عقد الندوات التي كانت تبث من التلفاز مباشرة ، نالت اعجاب العديد من المشاهدين والمخرجين ومنهم الفنان الراحل يوسف العاني، مدير الاذاعة والتلفزيون آنذاك، الذي طلب منها العمل في فرقة المسرح الحديث، وارتقت الخشبة بلهجتها وسمتها وزيها وبوعيها الايديولوجي وهمها الوطني، فكانت انموذجا للاخلاص والحرص والتجرد والالتزام ، من اجل مسرح يخدم مصالح ألشعب ويسهم في رفع وعي المرأة العراقية.
من اهم اعمالها المسرحية: النخلة والجيران، البستوگة، الخان، البيت الجديد ، يوم سعيد ، بيت برناردا آلبا، زيارة السيدة العجوز ، رصيف الغضب، بغداد الازل، كما شاركت في سبعة افلام والعديد من التمثيليات الاذاعية اشهرها (غيدة وحمد) التي كتبها زاهد محمد وغنتها وحيدة خليل، وهي تنتمي الى طائفة الممثلين الاثيريين على قلب المشاهد، تتمتع بعبقرية لها طعم خاص، وقدرة عجيبة على تشرب الثقافة والحياة الكامنة خلفها، فعند وقوفها على الخشبة يكون عقلها وقلبها وأعصابها جزءاً من الاداء، فتعطي كل ما عندها، تتصرف وكأنها شخصية من شخصيات الماضي، خارجة من حضن الأحلام بفوطة بغدادية أو عصابة جنوبية وابتسامة محببة تخطف القلوب والابصار.
وقد قال عنها الفنان الكبير سامي عبد الحميد: كانت ذات حميمية عالية وامكانية نادرة للجذب والتأثير، ومن اكثر الفنانين التزاما، ولم تتخلف دقيقة واحدة عن حضور التدريبات.