سردار علي سنجاري
لأهمية وتعزيز الثقافة كوسيلة لتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة وكذلك من اجل ايجاد الحلول الحقيقية والمخارج الواقعية للتحديات المستقبلية للعيش والتعايش السلمي والسلام العالمي فقد تم الأعلان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2002 عن اليوم العالمي للتنوع الثقافي الذي يصادف اليوم 21 أيار من كل عام .
نحن بحاجة الى البحث عن المساحات المشتركة بيننا كبشر لنا ثقافات مختلفة وتكون هدفا للحوار فينطلق المتحاورون من موقع الرغبة في البحث عن المساحة المشتركة بينهم من خلال الحوار. لأن الذي ينطلق في حواره من هدف اكتشاف المساحة المشتركة والكلمة السواء بينه وبين الآخر المغاير ينطلق في ذلك بروحية إيجابية أكثر بكثير ممن يجعل الغلبة هدفا للحوار وهذا يحتاج إلى تأسيس لثقافة جديدة وتجذير هذه الثقافة وتوسيعها وهي ثقافة نسبية الحقائق في عالم الإنسان وليس من صواب مطلق ولا خطأ مطلق بل هناك صواب نسبي وخطأ نسبي وإذا ما تركنا قضية الصواب والخطأ وتحدثنا عن المغايرة أو التباين والاختلاف لا بد ان نعي أن ليس هناك من فواصل حادة بين المتباينات وأن ليس هناك تباين بالمطلق بل إن هناك مساحات مشتركة بين رؤية وأخرى مهما تباينتا وإن هذه المساحات المشتركة تمثل مساحات التداخل بين الدوائر المتباينة تباينا نسبيا وهذه المساحات المشتركة تمثل الجسور الممتدة ونقاط اللقاء بين كل الأطراف.
وقد كانت التجربة الكوردية الفتية في الشرق الاوسط نموذجا مبسطا للتعايش السلمي بين كافة المكونات والأديان ، حيث يعتبر اقليم كوردستان اليوم متنفسا حقيقيا لكافة فئات المجتمع العراقي وغيره وان اختلف البعض مع الكورد في التوجه السياسي إلا ان الأغلبية اجمعوا على ان الكورد جمعوا بين التسامح والتعايش السلمي وتقبل الاخر وهذه الثقافة لم تكون وليدة اليوم بل ان التأريخ الكوردي يشهد العديد من المواقف التي تصب في هذا المجال مما أعطى الكورد زخما انسانيا هاما في المجتمعات الدولية.
اليوم تشهد الساحة الدولية العديد من الأزمات الإنسانية والحروب وصلت إلى حد الإبادة وان العديد من تلك الأزمات تحدث في البلدان التي تعاني من قلة حوار الثقافات . مما يتطلب من القائمين على المشروع الثقافي الإنساني العمل الجاد كي تكون رسالة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ان السلام لا يتحقق إلا بتعزيز فكرة التنوع الثقافي حيث تعتبر الثقافة احد العوامل الإيجابية في التقارب بين الشعوب وركن أساسي من اركان التعايش السلمي . السلام في مفهومة العريض لا يعني زوال الصراع والخصام بين الأفراد والمجتمع فقط انما يتطلب حزمة من المفردات التي تكون فيها القيم والمواقف والاحترام لفكرة الحريات والحوار والتعاون بين الشعوب والثقافات المتعددة وكذلك لا نتجاوز فكرة نبذ ثقافة القوة واستخدامها والتي اصبحنا نعيشها في العقود الأخيرة حيث دمرت بلدان واندثرت ثقافات بسبب استخدام القوة المفرطة في التعامل مع القضايا السياسية والأمنية .
فالشعوب دوما تواقة للمفاهيم الإيجابية في التعامل معها اما ان تكون هناك خيارات ضد ارادتهم فهذا قد يسبب العديد من الأزمات إلتي تفرق الشعوب فيما بينها وتكون عامل ضعف لبناء الدولة والمجتمع على السواء.
لا يشكل التنوع الثقافي قوة محركة للتنمية فحسب وانما للترابط الفكري والاجتماعي والاقتصادي والديني . واذا ما تعمقنا في صلب هذا التنوع فإننا سوف نجد ان البلدان التي أمنت به وسارت في خطى ثابتة وموزونة استطاعت ان تقضي على الفقر والجهل في بلدانها وهنا نتحدث عن التجارب الأوروبية وكندا بالتحديد فبالرغم من الاختلافات الثقافية فيما بين تلك الدول إلا انها استطاعت ان تجد لها عاملا مشتركا وتستفيد من التنوع الثقافي في القضاء على الكثير من السلبيات والأزمات التي واجهتها في القرون السابقة .