خضير الزيدي
د. ناظم رمزي فناناً فوتوغرافياً مختلفاً، إذا ما تم لنا ذكره في حقل دراسة هذا الفن فهو مصمم طباعي بارع ومصور من طراز ماهر، قدم للمتلقي عشرات الصور الفوتوغرافية التي تحققت على يديه وهي تحمل من سمات نقل الواقع أدق التفاصيل، اكتسب مكانته جراء رؤية نقدية يمتلكها اتجاه الفنون العامة ومنها التصميم وكانت له مساهمات ابداعية تلفت إليه الانظار لأنها تحمل طرحا فنيا وجماليا يستحضر فيه طاقة اللون وكثافته ويقارب بين الشعور بالمسؤولية من حيث التقنية وبين نقل الموضوع ومعناه من جهة ثانية وكان يشترط على نفسه في كل عمل في جوانب إبداعه الفوتوغرافي أنه يقدم جديدا مقابل ما يكون متخيلا من حيث الالتقاطة الصوريَّة واثارة الحدث فيها حتى لو تطلب الامر وقتا طويلا ليلتقط الصورة من أجل نتائج مبهرة تتحقق فيها متعة الفوتوغراف حيث تتشكل الصورة ضمن مستويات جمالية حاملة لانبثاق أنقى المشاعر والوعي.
ما يثير في أعماله التي قدمها منذ معرضه الاول في خمسينيات القرن المنصرم أنه مسكون بتنظيم ودقة خالصتين في أسس أعماله لأسباب تتعلق بخبرته التقنية المعروفة لدى الجميع ونجاح الممارسة التي من خلالها يتميز بنقل الواقع حتى وهو يستعين بالمخيلة فقد سعت معارضه لتغمرنا بمتعة الحياة اليومية والتعامل مع المكان بحساسية والذهاب عميقا في إبداء تصور فني يليق بما يعمل عليه من توثيق يقع على عاتقه أن يكون ذات وجهة جمالية وتاريخية معا يحدث كل ذلك في عمل الفوتوغراف وفق منطق الاحتفاظ بالهوية الخاصة كفنان عراقي يأخذ على عاتقه مسؤولية الالتزام في توثيق كل ما يراه مناسبا ومهما، وغالباً ما يتجنب عدم التكرار في رصد الأمكنة التي تعج بالناس لقد بقيت رؤيته تسعى إلى خلق نوع من المواجهة بين الكاميرا والحدث فهو يتجنب أن يقع في الوهم كأنه يمهد لإيجاد صورة تبقى دائما في مخيلتنا من دون أن تربكنا وسط دعائم من خياله الخصب وموهبته التي لا يشق لها غبار.
يعرف الكثيرون ممن عاصروه انه ملتزم بالتخاطب مع الفن ومحب له جعل من ذلك التخاطب يذهب به إلى حيوية تجعل اثارة الفن ركيزة من ركائز يومه حينما يتعامل مع الكاميرا فصار التواشج بينه وبين العمل الفني نوعا من الشغف الذي يحيط بعينه وعقله وضميره فهو يخاطب أعماقنا حينما ينجز الصورة ويستدعي في داخله قوة المشاعر وصدقها لأنه لا يرغب بالمنافسة بل كان همّه فنيَّاً البحث عن فن جاد لا يستسلم أمام إغراءات معينة وهذا التصور باعتقادي جزءا من نجاحه بما يضمن للمتلقي وجود معرفة مسبقة في معادلة الالتزام والتوفيق بين الفن كرغبة أو خيار.
كل ما يقال عن ناظم رمزي لا يلمح الى الاعتراض على طريقته في الفوتوغراف فهو دائم الخوض في الاختبار مع الكاميرا لا يرغب أن يحشو فيها ما لا يطاق بل يسعى لخلق صياغة بصريَّة تجلب لنفسها أوجه التجريب المختلف وهذا سر نجاحه عمله الذي يمضي به بهدوءٍ وتأنٍّ والابتعاد عن المناورة التي لا تجدي نفعا انه يقف مع مسعاه وخياله وقواه وينجح، لأن الكاميرا بين يديه تعج بمرونة وعذوبة وتطمح أن تتكفل نجاحه.
هناك في الجانب الآخر فكرة التصالح مع النفس وتعيين وجهة الالتزام بالدفاع عن فكرة الفن الفوتوغرافي فناظم رمزي يصر على ألا يتدنى هذا الفن ولا يمضي باتجاه التعالي يريده أن يمثل تكوينا خالصا لفكرة إحياء البيئة الاجتماعيَّة ورصد تبعات الزمن ومتغيرات المكان ليكون التوثيق في النهاية ذات طابع إشاري مدروس من نواح عدة.
الكل يعرف ممن اقترب من حقل الفن الفوتوغرافي من الجيل الذي لحق به أنه أسس لقاعدة رصينة في أنظمة هذا الفن معتمدا على منهجيَّة معينة أكثرها انتسابا له، إنَّه يقف على حدود الواقعيَّة في التصوير ويحدد لنزعة تأمل بعد الانتهاء من صوره ويزيد عمقا من نزعته الإنسانيَّة حينما يوظف المكان بعيدا عن اية ضغوطات جانبيَّة، بل لا يريد أن يبدد يومه بوجود أعمال لا يمكن أن تؤثر في المتلقي.