متابعة ـ التآخي
لفتت صناعة طاقة الرياح البحرية في أذربيجان الأنظار إليها، لما تمتلكه من إمكانات هائلة قادرة على دعم البلاد في التحول بعيدًا على الوقود الأحفوري، الذي يُشكّل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المحلي.
وبحسب بيانات حديثة اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن)، تمتلك أذربيجان إمكانات من الرياح البحرية تبلغ 157 غيغاواط، وهو ما يزيد 20 مرة على قدرتها الكهربائية المركبة الحالية (8.3 غيغاواط).
وتنقسم هذه الموارد من طاقة الرياح البحرية في أذربيجان إلى إمكانات لتركيب 35 غيغاواط في قاع البحر، ونحو 122 غيغاواط من الرياح البحرية العائمة.
واستغلال إمكانات طاقة الرياح البحرية في أذربيجان أمر ليس صعبًا، مع توفير سياسات استثمارية واضحة وبنية تحتية مناسبة، في ظل توقع مبشر بالتوسع في التركيبات لتبلغ 7 غيغاواط بحلول 2040، بحسب ما ذكره التقرير السنوي الصادر حديثًا عن مجلس الرياح العالمي (GWEC).
وترتبط طموحات زيادة قدرة طاقة الرياح البحرية في أذربيجان -أيضًا- بتنفيذ سياسات خفض الكربون في توليد الكهرباء، إذ يمكن للبلاد تأسيس بنية تحتية مناسبة للتصدير والنقل إلى أسواق كبيرة الطلب مثل تركيا والاتحاد الأوروبي.
لذا، فإن تحول الطاقة في هذه الدولة النفطية يتطلب رغبة قوية على أعلى مستوى للابتعاد عن التوليد بالوقود الأحفوري، واستهداف التوسع في قدرة طاقة الرياح البحرية على المدى الطويل، بخاصة أن قدرة توليد الكهرباء تغطي بالكامل الطلب المحلي.
ويعتمد اقتصاد أذربيجان بصورة كبيرة على الوقود الأحفوري، إذ يشكّل 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وما يمثّل 90% من عوائد التصدير، لذلك يمثّل التحول إلى الطاقة المتجددة تحديًا كبيرًا.
وبرغم اعتماد استثماراتها بصورة كبيرة على عوائد الوقود الأحفوري، فإن أذربيجان دخلت الاقتصاد الأخضر، عبر اتفاقية تطوير بين شركة النفط الوطنية الأذربيجانية سوكار (SOCAR)، وشركة مصدر الإماراتية، للمشاركة في مشروعات الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح البحرية في أذربيجان، بقدرة إجمالية تصل إلى 2 غيغاواط.
كما وقّعت شركتا مصدر وسوكار اتفاقية مشتركة لتوسيع قدرات الرياح البرية بمقدار 1 غيغاواط، فضلًا عن مشروع آخر بالحجم نفسه خاص بالطاقة الشمسية الكهروضوئية في أذربيجان.
وفضلا عن ذلك فقد وقّعت وزارة الطاقة مذكرات تفاهم للتعاون في مشروعات الهيدروجين الأخضر، والطاقة المتجددة، لاسيما طاقة الرياح وتخزين الكهرباء والطاقة الشمسية، مع شركات توتال إنرجي الفرنسية، وأكوا باور السعودية، وفورتسكيو ميتالز الأسترالية، ومجموعة غيزوبا الصينية (CGGC).
ومن المقرر انعقاد قمة المناخ كوب 29 المقبلة في أذربيجان في 2024، ما يعطي البلاد فرصة كبيرة لجذب استثمارات لطاقة الرياح البحرية والدفع نحو تحقيق الأهداف المناخية.
ووفقًا لما اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، فإن أذربيجان تستهدف توليد الكهرباء من المصادر المتجددة بنسبة 30% بحلول 2030، إلا أنه حتى الآن لم يظهر هدف واضح يتعلق بمستهدف الحياد الكربوني.
وطالت البلاد انتقادات كبيرة لاختيارها لاستضافة قمة المناخ كوب 29، بسبب تاريخها في الاعتماد على الوقود الأحفوري، إلا أن تنفيذ إصلاحات سياسية عميقة لخفض الكربون وتدعيم سوق طاقة الرياح البحرية في أذربيجان هي فرصة قوية للرد على المنتقدين.
وأطلقت شركة النفط والغاز الأذربيجانية “سوكار” شركة جديدة حملت اسم “سوكار الخضراء” (SOCAR Green)؛ لدعم خطط البلاد للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة.
وجاء تأسيس الشركة الجديدة بعد مرسوم من الرئيس الأذربيجاني في 25 كانون الأول 2023 بشأن إعلان عام 2024 “عام التضامن من أجل العالم الأخضر” في أذربيجان من أجل تنمية موارد الطاقة المتجددة في البلاد، وتحقيق أهداف إزالة الكربون، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتمتلك أذربيجان إمكانات ضخمة من مصادر الطاقة المتجددة البرية والبحرية بقدرات إنتاجية مشتركة تبلغ 135 غيغاواط و157 غيغاواط، مع ما يُقدَّر بنحو 27 غيغاواط من إنتاج الكهرباء المجدية اقتصاديًا من مصادر الطاقة المتجددة.
وحدّدت شركة سوكار الخضراء عددًا من المحاور والمشروعات التي ستعمل عليها في المدة المقبلة؛ ومن بينها مشروعات الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون وتخزينه وتقديم المساعدة المناسبة في إعداد خرائط الطريق الإستراتيجية لتقليل انبعاثات الكربون في جميع أنحاء البلاد.