الأمن: قدرة و مقدرة.

فاضل ميراني*

لتعريف المصطلحين في صورة تكاملية بأبسط صورة لمؤدى هذا المقال، فالقدرة هي ادوات ومُمَكِنات العمل، و المقدرة هي التمكن من استعمال و ادارة الامكانات و الادوات لنفس المهمة.
يضاف للقدرة انها ادراك ذهني و جهد مبذول لإمكان تحقيق الهدف وبوسائل.
من ينكر ان حالة الامن الداخلي غير مستقرة؟ بل من ينكر انها ليست عبثية الوقوع؟
هي مقصودة، مخطط لها و جري و يجري تتفيذها و سيبقى يجري طالما ان القوى ليست متوازنة، و هي بالاساس لا يصح ان تتوازن، اذ نحن نعلم ان عمل الأمن بمعناه اللغوي لا بمفهومه التراثي المعارض انه منع الجريمة قبل حدوثها، وليس تخريج الاعذار بعد وقوعها.
لا يوجد اقليم بالمعنى القانوني للاقليم( ارضا و شعبا و قانونا) لم يشهد- وسيشهد- تحديات جرمية، جرائم اعتيادية او جرائم سياسية دولية كانت ام محلية، اي بدفع خارجي لقوى بذاتها لتغليبها على خصومها او بتدافع داخلي راديكالي.

عوامل الجريمة كثيرة، بل ان ارتكاب الجريمة بحد ذاته هو ايضا مثل الأمن مع فارق التوجه، فالجريمة ضرر على المجتمع و الأمن صيانة له، الاولى امتناع عن التقيد بالقانون و الأمن انفاذ للقانون ،والجرم ايضا يتطلب قدرة و مقتدرة، الفرق ان القانون يعرف الجريمة انها كل ما جرّمه القانون، فيما قد يعلم المجرم بذلك او قد يصطنع عذرا مقنعا لنفسه لأرتكاب الجرم، وايضا ثمة حاجز مفهوم بين الجرائم التي لها ظرف مخفف و تلك التي تشدد فيها الظروف.
من ضمن التكليفات التي عملت عليها بتوجيه حزبي هو انني شغلت وزارة الداخلية في التشكيلة الثالثة لحكومة اقليم كوردستان، ولن استعرض التحديات التي كنا نواجهها و لازلنا نوجهها من جريمتين اعتيادية و سياسية، لكننا و بقرار مدرك لخطورة المسؤولية عن الأمن و بوجود استعداد شعبي للوعي و المواكبة وقفنا بأقتدار على تأمين يوم المواطن، و منع التلاعب بحياته حتى من قبل قوى قد تكون فهمت وجودها بشكل يفوق قوة القانون، حاربنا عصابات المخدرات و تمكنا من ضرب ممراتها و نقاط امنها، حلنا دون شبكات التهريب التي تدهور نظام عملها و باتت تتخفى و تضمحل، عالجنا على مدى طويل و مؤثر ثقافة السلاح وقيدنا بخطوات مستمرة مصدره و حمله و حيازته، ولابد من التذكير بالدور المتكاتف من كل الاجهزة الحكومية الاخرى و كثير من الحراك النيابي و السياسي و الحزبي الداعم للفوز بالاستقرار الامني الذي كان في خطر محدق اذ ان تبدلات الوضع بكوردستان بعد الانتفاضة كان اعمق من مرحلة التعقيد.

المقدرة و القدرة الأمنية المتراجعة التي تلاحظ الان في مناطق من العراق وعدا عن العمليات الدولية من قصف وهي ان اريد لها الحل فذلك يتطلب قوة سيادة للدولة، اما الداخلية منها من خطف و اغتيال و ابتزاز و رشاوى و الملف ضخم و يطول استعراضه فيعني قبل كل شيء غياب القدرة و المقدرة على استيعاب الدور، حتى الرقابة ايضا و الاعلام ليسا في حل من مسؤولية ما يحدث وحدث خلال العقدين الاخيرين، فبث العنف و مشاهد القسوة و سرد تفاصيل الجرم بطريقة هي اقرب لتعليم الافراد الاستفادة من اخطاء اسقطت مجرما او مجموعة جرمية.

النزاهة في اختيار عناصر الأمن و متابعتهم سيبني مع القدرة و المقدرة ثقة المجتمع بهم بدل ان تتكرر اخبار و احكام بحق متورطين أمنيين بجرائم شرف بالمعنى القانوني.
ان المجتمع اذ استقر على واقع انه هو المسؤول عن صيانة حياته و لا جهة جادة في منع الجريمة، فذلك سيدفع عجلة العنف و عدم الثقة لتدور و تطحن اضلاعا في الدولة يصعب جبرها.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.

قد يعجبك ايضا