زيارة أردوغان لبغداد وأربيل .. اتفاقيات وتفاهمات تخدم المصالح المشتركة

أربيل – التآخي

عاود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة العراق واقليم كوردستان، بعد نحو 13 عاماً على زيارته السابقة الى البلاد، وفي وقتها كان رئيساً للوزراء، لتأتي هذه الزيارة وتثمر عن مجموعة اتفاقيات وتفاهمات تخدم المصالح المشتركة بين البلدين.

تحضيرات زيارة الرئيس التركي الى العراق بدأت منذ عدة أشهر، خصوصاً وأن هذه الزيارة كانت تتمحور حول عدة ملفات، سياسية وأمنية واقتصادية وغيرها، لتشهد الاتفاق والتفاهم بين العراق وتركيا على عدة أمور تخص الطرفين.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصل صباح اول امس الاثنين الى مطار بغداد الدولي، في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، تشمل أيضاً اقليم كوردستان، حيث استقبله في العاصمة العراقية بغداد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومسؤولين آخرين.

وشهدت أرض مطار بغداد الدولي، استقبالاً رسمياً للرئيس الضيف، عُزف فيه السلامان الوطنيان، العراقي والتركي، وجرى استعراض حرس الشرف الذي يمثل مختلف صنوف القوات العراقية المسلحة، كما أطلقت المدفعية 21 إطلاقة تحية في مراسم الاستقبال.

وفد حكومي كبير يرافق أردوغان

رافق أردوغان في زيارته إلى العراق، وزراء الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر والداخلية علي يرلي قايا والتجارة عمر بولاط والنقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو والزراعة والغابات إبراهيم يوماقلي والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح قاجر ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون ومستشار الرئيس للسياسات الخارجية والأمنية عاكف تشاغطاي قليج.

“احترام سيادة العراق وأمنه القومي”

أردوغان عقد في مستهل زيارته اجتماعاً مع رئيس الجمهورية العراقي، عبد اللطيف رشيد، في قصر بغداد، حيث أكد رئيس الجمهورية العراقي خلال اللقاء أن العراق يتطلع إلى علاقات متميزة مع الجارة تركيا على مختلف الصعد، وفقاً لبيان صادر عن مكتب رئاسة الجمهورية.

عبد اللطيف رشيد، شدد على “أهمية اعتماد الحوار لحسم المسائل والقضايا العالقة بين البلدين”، رافضاً أن “تكون الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء أو تهديد دول الجوار كما نرفض أي اعتداء أو انتهاك تتعرض له المدن العراقية”.

كما أكد عبد اللطيف رشيد “وجوب احترام سيادة العراق وأمنه القومي”، مشدداً على “ضرورة معالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته”.

من جانبه، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سعادته لزيارة العراق، مشيداً بـ”التطورات التي يشهدها العراق في مختلف الأصعدة”، وفق بيان رئاسة الجمهورية.

أردوغان، أكد أهمية العلاقات بين البلدين وضرورة تطويرها لتشمل  مختلف المجالات، مبيناً أن تركيا “تقف إلى جانب العراق في حربه ضد الإرهاب وفي مواجهة التحديات الأمنية والبيئية والاقتصادية”.

الرئيس التركي أعرب عن تفهم بلاده لـ”احتياجات العراق من المياه، وحرصها على التعاون في هذا المجال ومن خلال اللجان المشتركة بين البلدين”، مشيراً إلى أن “العراق يشكل مركزاً مهماً في التجارة بالنسبة إلى تركيا ومن المناسب تطوير آليات التعاون التجاري والاقتصادي”.

ووصف الرئيس التركي مشروع طريق التنمية بـ “المهم” لدول المنطقة وللبلدين، مؤكداً مواصلة تركيا دعمها للعراق من أجل استكمال المشروع.

 

“تطهير العراق من الإرهاب”

بدورها، قالت الرئاسة التركية في بيان، إن الرئيس أردوغان ذكر خلال لقائه نظيره العراقي أن تركيا لديها تطلعات من العراق فيما يتعلق بمحاربة حزب العمال الكوردستاني، مشدداً على وجوب “تطهير العراق من جميع أشكال الإرهاب”.

وأكد أردوغان على أن من المهم لاستقرار العراق أن تسير العلاقات بين بغداد وحكومة إقليم كوردستان على الطريق الصحيح وأن يصل التركمان إلى المكانة التي يستحقونها، وفق البيان.

الرئيس التركي أوضح أن الخطوات التي اتخذتها تركيا والعراق بالتعاون في الفترة المقبلة ستسهم أيضاً في التنمية والازدهار الإقليمي.

ترأس عبد اللطيف رشيد الجانب العراقي الذي ضم كلاً من نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، ووزير البيئة نزار محمد سعيد، ورئيس ممثلية إقليم كوردستان فارس عيسى، إضافة إلى عدد من المسؤولين والمستشارين في رئاسة الجمهورية.

اتفاق لعشر سنوات

عقب ذلك، عقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مؤتمراً صحفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في القصر الحكومي ببغداد، حيث أشار السوداني الى اتفاق “يستمر 10 سنوات من دخوله حيز التنفيذ وكفيل بتحقيق إدارة مشتركة وعادلة للموارد المائية وسوف يلمس أثره بشكل واضح أبناء شعبنا وكذلك سيعود بالمنفعة على الجارة تركيا”.

وبيّن أن المشاريع المشتركة تتعلق بـ “تحسين إدارة المياه وتنفيذ مشاريع تطويرية وتبادل الخبرات في مجال تحديث أنظمة الري وتقنيات الري الحديثة”، مشدداً على أنه “ليس من مصلحة أحد أن تتفاقم الأوضاع فيما يتعلق بالمياه وحصة العراق”، مضيفاً: “نحن نرتبط بشريان واحد للحياة من المنبع إلى المصب”.

السوداني أعلن أن الزيارة شهدت أيضاً “التوقيع على اتفاق الإطار الاستراتيجي الذي يعد خارطة طريق لبناء تعاون استراتيجي مستدام في كافة المجالات”، مضيفاً أن الاتفاق ستنبثق عنه لجان دائمة للأمن والطاقة والاقتصاد، وأن الجانبين قاما برعاية التوقيع على 26 مذكرة تفاهم في مجالات وقطاعات مختلفة.

فيما يتعلق بالأمن، شدد السوداني على “عدم السماح لأي قوة أن تستخدم الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على دول الجوار مثلما نقدس أرضنا ولا نسمح بأي اعتداء على الأراضي العراقية”.

أردوغان يرحب بإعلان PKK “منظمة محظورة” في العراق

بالمقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لديها “إرادة سياسية قوية” لدفع علاقاتها مع العراق إلى الأمام “على أساس الاحترام المتبادل”، منوهاً إلى أن الزيارة والاتفاقيات التي وقعت بين البلدين “ستشكل نقطة تحول جديدة في العلاقات التركية العراقية”.

وبيّن أن التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب كان أحد أهم بنود المباحثات، مرحباً بـ “إعلان PKK منظمة محظورة في العراق”، ورأى أن وجود PKK في العراق “سوف ينتهي في أقرب وقت ممكن” بإعلانها الرسمي “منظمة إرهابية”.

بشأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عبّر الرئيس التركي عن رغبة بلاده في “زيادة حجم التبادل التجاري الذي بلغ 20 مليار دولار إلى مستويات أعلى”.

أما بخصوص المياه، قال أردوغان: “ندرك المشاكل التي يعاني منها العراق في مجال المياه”، مستطرداً أن “الاستخدام الفعّال للمياه عن طريق منع الهدر لا يقل أهمية عن كمية المياه”.

التوقيع على مذكرة تفاهم رباعية

رعى السوداني وأردوغان مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والامارات، “تهدف الى التعاون المشترك بشأن مشروع طريق التنمية الاستراتيجي”، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.

ووقع المذكرة عن الجانب العراقي وزير النقل رزاق محيبس، وعن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، فيما وقع عن الجانب القطري وزير المواصلات جاسم بن سيف السليطي، ووقع عن الجانب الإماراتي وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل محمد المزروعي.

رئيس الوزراء العراقي والرئيس التركي كانا قد ترأسا جلسة مباحثات وفدي البلدين والتي عقدت في القصر الحكومي ببغداد.

المباحثات شهدت، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، التباحث في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وزيادة التجارة وتشجيع الاستثمار، على المستوى الرسمي عبر اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والسعي لتفعيل مجلس الأعمال العراقي التركي، وجعله منصة يتبادل الطرفان من خلالها خبراتهما العملية، والمشاركة في تعزيز التعاون وتنمية المشاريع في البلدين.

كما جرى، خلال المباحثات، التأكيد على “تعزيز الأمن المشترك بين البلدين، وعدم السماح بأن تكون أراضي البلدين منطلقاً للاعتداء بينهما”.

الجانبان أكدا أيضاً على “وجود حاجة حقيقية لتأسيس مؤسسات صناعية عراقية – تركية مشتركة داخل العراق، برأس مال مشترك، والعمل على تسهيل إجراءات منح سمات الدخول للمواطنين العراقيين لغرض السياحة والتجارة والاستثمار والعلاج والدراسة”.

واتفق الجانبان في الجانب الثقافي على “اتخاذ خطوات لتنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاجتماعية والإنسانية وتطوير تعاون شامل في مجال التعليم العالي وتبادل الدورات والاعتراف المتبادل بالجامعات، وإنشاء المدارس، والتبادل الثقافي في جميع المجالات”.

كما جرى خلال المباحثات “الاتفاق على التعاون في مجال المياه، وصياغة مشاركة ورؤية جامعة لمصالح الجانبين في مشاريع البنى التحتية للري وإدارة المياه، فضلاً عن عرض ملفات التنسيق المشترك، التي تخصّ الزراعة والكهرباء والجوانب الصحية والرياضية والشبابية”.

تناول الطرفان أيضاً تطورات الأحداث في المنطقة، وجرى التأكيد على “أهمية تنسيق المواقف في سبيل وقف العدوان الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزّة، وسبل منع انتشار الصراع والتوترات في المنطقة”.

 

التوقيع على 26 مذكرة تفاهم

شهدت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد التوقيع على 26 مذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.

بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الاثنين ، وقع البلدان “اتفاق الإطار الإستراتيجي” و”مذكرة اتفاق إطاري للتعاون في مجال المياه”.

ومن بين المذكرات التي وقعها البلدان “مذكرة تفاهم مشروع طريق التنمية”، وأكد السوداني أن اتفاق الإطار الاستراتيجي “يعد خارطة طريق لبناء تعاون استراتيجي مستدام في كافة المجالات”، ستنبثق عنه “لجان دائمة للأمن والطاقة والاقتصاد”.

من جانبه، أكد أردوغان أن الزيارة والاتفاقيات التي وقعت بين البلدين “ستشكل نقطة تحول جديدة في العلاقات التركية العراقية”.

نيجيرفان بارزاني يستقبل أردوغان في أربيل

بعد اختتام زيارته إلى بغداد، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مطار أربيل الدولي مساء اول امس الاثنين ، حيث جرى له استقبال من قبل رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، وكذلك رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني.

وكان في استقبال الرئيس التركي في مطار أربيل عدد من المسؤولين في اقليم كوردستان.

نيجيرفان بارزاني عبّر في وقت سابق الاثنين، عن تطلعه لاستقبال أردوغان في أربيل و”مناقشة القضايا الملحة، بما في ذلك السلام والاستقرار”.

وأكد في تدوينة على منصة “إكس” أن زيارة الرئيس التركي إلى بغداد وأربيل “تأتي في وقت مهم للغاية”، مشيراً إلى أنها “تسلط الضوء على العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية المتينة بين العراق وإقليم كوردستان مع تركيا”.

تعاون ودعم تركيا لإقليم كوردستان

من جانبه، أصدر مكتب رئاسة اقليم كوردستان بياناً بهذا الصدد، حيث قال إنه “في إطار زيارته إلى العراق، وصل رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية ووفد مرافق له مساء اليوم الاثنين (22 نيسان 2024)، إلى إقليم كوردستان حيث كان في استقباله بمطار أربيل الدولي كل من نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان ومسرور بارزاني رئيس الوزراء وقوباد طالباني نائب رئيس الوزراء وعدد من السادة الوزراء وكبار المسؤولين في إقليم كوردستان”.

ثم جرى خلال اجتماع التباحث بشأن زيارة الرئيس أردوغان اليوم إلى بغداد ولقاءاته واجتماعاته مع كبار المسؤولين العراقيين، وعلاقات تركيا مع العراق وإقليم كوردستان وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعاون الأمني.

وعبر نيجيرفان بارزاني خلال الاجتماع عن رغبة إقليم كوردستان في تطوير علاقاته مع الجمهورية التركية في المجالات كافة، مؤكداً أن إقليم كوردستان سيظل كما كان دائماً عامل أمان واستقرار في المنطقة، وأثنى على تعاون ودعم تركيا لإقليم كوردستان في الأوقات الصعبة.

وفي الاجتماع، أكد مسرور بارزاني رئيس الوزراء على استعداد حكومة إقليم كوردستان لتطوير العلاقات والتعاون المشترك الاقتصادي والتجاري مع تركيا، كما تحدث عن فرص العمل والاستثمار المتاحة للشركات التركية في جميع المجالات، وأشاد بمواصلة هذه الشركات أعمالها وتنفيذ مشاريعها حتى في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

من جهته، أكد أردوغان على مواصلة بلاده دعمها للعراق وإقليم كوردستان، وعلى استعدادها للتعاون المشترك والمزيد من التطوير للعلاقات مع العراق وإقليم كوردستان في كل المجالات، وشدد على ضرورة وأهمية حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وحسم المشاكل وضمان حقوق المكونات.

الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين تركيا والعراق، وحماية أمن الحدود، والتصدي للإرهاب، وأحدث التطورات على صعيد المنطقة بصورة عامة، ومجموعة مسائل تحظى بالاهتمام المشترك، شكلت محوراً آخر للاجتماع، وفقاً للبيان.

“تحقيق مصالح شعبي كوردستان وتركيا”

كما استقبل الرئيس مسعود بارزاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعقب اللقاء نشر الرئيس بارزاني تدوينة بمنصة إكس حول اللقاء.

وكتب الرئيس بارزاني في التدوينة، مساء اول امس الاثنين: “سعداء باستقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم في كوردستان، ناقشنا سبل التعاون المستمر لتحقيق مصالح شعبي كوردستان وتركيا”.

من جانبه، ذكر المكتب الاعلامي لرئاسة حكومة اقليم كوردستان، في بيان له: “استقبل رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس الحكومة مسرور بارزاني في مطار أربيل الدولي، مساء اليوم الاثنين 22 نيسان 2024، رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان والوفد المرافق له”.

وأضاف البيان أنه “وعقب انتهاء مراسم الاستقبال، عقد الجانبان اجتماعاً مشتركاً بحضور عدد من المسؤولين البارزين في الإقليم، جرى فيه بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وآخر التطورات والمستجدات في العراق والمنطقة”.

وشهد الاجتماع، تأكيداً متبادلاً على أهمية حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، ومعالجة القضايا الخلافية بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية من خلال المفاوضات واستناداً إلى الدستور، فضلاً عن توثيق التنسيق والتعاون المشترك، ولاسّيما في مجال التجارة والاستثمار، وفقاً للبيان.

وعقب لقاءاته في أربيل، غادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اقليم كوردستان، مختتماً زيارته التي استمرت في العراق ليوم واحد، عائداً الى أنقرة.

قد يعجبك ايضا