القسم الثالث
اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 23- 4- 2024
هناك العديد من الكُتب والمصادر التي ورد فيها الكثير الكثير من تفاصيل عمليات الترحيل ( التسفير كما هو متداول بين الكورد الفيليين في بغداد حتى اللحظة) وما رافقها من ممارسات مختلفة جائرة وظالمة لم تهتم او تبالي بأبسط شروط حصول الانسان على حقوقه ضمن التعاريف والحقوق الموجودة عند منظمات حقوق الانسان المنبثقة عن الأمم المتحدة.
في هذا الإطار أصدرت دار ئاراس للطباعة والنشر، التي كانت سابقاً في اربيل عاصمة اقليم كوردستان [ حسب علمي فقد توقف نشاطها] في العام 2007 الطبعة الاولى لكتاب بعنوان ( الكتاب الأسود لصدام حسين) المطبوع باللغة الفرنسية عام 2005، والتي كان كريس كوتشيرا يُشرف عليها، وقد ترجمها الاستاذ ( خسرو بوتاني)، وقد طبعت في مطبعة الدار المذكورة فيما سبق ( دار ئاراس).
لقد ورد في القسم الذي كان بعنوان ( ترحيل الكورد الفيليين) منها، ما يلي:
– ” مراسيم نظام البعث:
في ربيع عام ۱۹۸۰ فتح مجلس قيادة الثورة برئاسة صدام حسين باب مجموعة من المراسيم الجمهورية الخاصة بالتسفير والترحيل. فأصدر أولاً بتاريخ ۳ شباط المرسوم رقم ١٨٠ يخوِّل فيه وزير الداخلية بتجنيس ( الأجانب) البالغين وفقا لشروط معينة، ومن بين المجموعات المشمولة يظهر الكورد الفيليون. تُمنَح الجنسية بشرط أن يكون الطلب قد تمّ تقديمه قبل ستة أشهر و بأن لا تشكّل إقامة [ طالب الجنسية] ضرراً أو خطراً على أمن العراق. جعل المرسوم إذا الحصول على الجنسية العراقية خاضعاً إلى مصلحة الأمن الوطني ولم يترك الأمر للإدارة أو للقضاء بالقيام بالإجراءات وإنّما لوزير الداخلية أو بعبارة أخرى للحكومة نفسها. ولكن هذا المرسوم كان في الحقيقة ذريعة وحيلة، حيث دفع عددا كبيرا من الأشخاص إلى إعلان أنفسهم وقد كانوا يأملون الإعتراف بحقوق مواطنتهم الكاملة ممّا أتاح للسلطات في تشخيص عدد كبير من الكورد الفيليين. بعد مرور أقل من شهرين أي في ۱۰ نيسان ۱۹۸۰ استثنى مجلس قيادة الثورة في مرسومه المرقم ٥۱۸ الأجانب ذووي الأصول الإيرانية من النصوص السابقة بخصوص التجنس. وبعد هذا التاريخ بأربع أسابيع تصلّب مجلس قيادة الثورة من جديد وشدّد على تلك النصوص المرسوم رقم ٦٦٦ الصادر بتاريخ ۲٦ أيار ۱۹۸۰ يُهدّد فيه كل المواطنين ذووي الأصول الأجنبية بإسقاط جنسيتهم العراقية وطردهم من البلاد فيما إذا تشككت الدولة في ( ولائهم).
1- كُل عراقي من أصل أجنبي سوف تُسحب منه جنسيته العراقية فيما إذا ظهر بأنه يفتقد الولاء للوطن والشعب ولا يؤمن بالأهداف الكبرى التي تتطلّع الثورة إلى تحقيقها للأُمة وللمجتمع.
2- على وزير الداخلية طرد أي شخص أسقطت عنه الجنسية العراقية من البلد طبقاً للفقرة 1 [ …].
وبعد مرور عام على هذا التاريخ برز للناس قمّة مهزلة مجلس قيادة الثورة حينما خصّص مكافأة للعراقيين الذين يُقدمون على طلاق أو يقبلون بطرد زوجاتهم ( ذوات الأصول الإيرانية). ووعدوا ٤۰۰۰ دينار عراقي لكل عسكري و ۲٥۰۰ دينار عراقي لكل مَدني قادر على تقديم إثبات رسمي عن طلاقه ووثيقة جديدة بخصوص زواجه. كُل مراسيم الحكومة العراقية تم التوقيع عليها بيد رئيس وقائد مجلس قيادة الثورة صدام حسين. وأن هذه الحقيقة تُثبت بأن الترحيل الشامل كان مخططاً له من قبل أعلى مستويات الدولة. كان الترحيل حملة مبرمجة ومنظمة وضعوها تحت رعاية وزير الداخلية ونفذته المخابرات والأمن بشكل رئيس.
الحُجج والأهداف الحقيقية للنظام العراقي:
منذ الثورة الإسلامية عام ۱۹۷۸- ۱۹۷۹ في إيران تدهورت العلاقات بين بغداد وطهران بشكل كبير، فإقامة دولة ثيوقراطية بالقرب من الدولة العِلمانية للعراق كانت تُشكّل تهديدا خطيرا لنظام صدام حسين. القادة العراقيون كانوا يخشون بأن تستقطب التجربة الإسلامية مواطنيهم الشيعة وتفسد البلد. فكرّ صدام حسين بأنه في حالة حصول صراع فسوف يتمكن من إستخدام الإضطرابات والثورة في إيران لصالحه. بعد مناوشات عنيفة على طول الحدود وإستفزازات مختلفة شن الجيش العراقي يوم ۲۲ أيلول ۱۹۸۰ هجوماً كبيراً على إيران، فكان ذلك البداية لحرب الخليج الأولى التي استمرت ثماني سنوات. في الحقيقة النظام البعثي كان يواجه معارضة إسلامية مُتصاعدة داخل البلد منذ السبعينيات والثورة الإسلامية قد ساهمت في تطرف بعض الأحزاب السياسية مثل تنظيم حزب الدعوة الإسلامية في الأول من نيسان حاول عضو منتمي إلى منظمة العمل الإسلامي إغتيال نائب رئيس الوزراء طارق عزيز فمات العديد من الطلبة في العملية التي قام بها داخل قاعة في جامعة المستنصرية ببغداد، فقيل حينذاك بأن الفاعل لم يكن إسلامياً فقط وإنّما كوردي فيلي أيضاً. إستغل التلفزيون العراقي هذا الحدَث فبثّ على الشاشة صورة صدام حسين وهو يزور طارق عزيز الجريح في المستشفى، ووضعت كاميرا التلفزيون زومها على فتاة شابة واقفة بالقرب منه تخاطبه: ( آه! كم أكره الفُرس). ففتحت بذلك للرئيس فرصة للرد عليها: ( إعتباراً من تاريخ هذا اليوم يجب على الفرس مُغادرة بلد الحزب والثورة). إن كان هذا المشهد الذي تم سرده في نشرة للحزب الشيوعي العراقي صحيحاً أم لا بكل تفاصيله فذلك يشير بوضوح إلى كيفية قيام النظام بإستغلال الأحداث لصالحه. العملية التفجيرية كانت بمثابة هدية لصدام حسين للإنتقال إلى الفعل، ولم يدوم الإنتظار طويلاً حيث بدأ الترحيل بعد ذلك بأقل من اسبوع. قيادة البعث كانت تتهم بشكل خاص التجار الشيعة بالتأمر على العراق، ورئيس المخابرات فاضل البراك كان يلومهم بسبب ممارستهم التأثير الإقتصادي: ( من خلال روح عداوتهم تجاه العراق وشعبه، فهؤلاء التجار كانوا يشتركون دائماً بشكل أو بآخر بالمؤامرات والأعمال التخريبية لحزب الدعوة ولتنظيم العمل الإسلامي. كان لهم مُمثلون بين كوادر هذين الحزبين ويتعاونون معهم). لم يكن هذا التصريح المُعَمِمْ مهذباً لأنه حتى في حال إستلام المرجعية لأموال من البازار جمعتها على شكل ضرائب دينية وساهمت في تمويل الأحزاب الإسلامية فأن أي التزام مباشر من قبل الكورد الفيليين أصحاب الشركات تجاه المعارضة الشيعية لم يبدو محتملا. ومن جهة أخرى رغم أن كلّ مَن كانَ ينتمي إلى حزب الدعوة يُحكم عليه بالإعدام، فلم يتم تنفيذ هذا الحكم على المتعاونين المفترضين، وإنما تمّ ترحيلهم.
الكورد الفيليون كانوا يميلون إلى العلمانية واليسار والقومية الكوردية فتجد الكثيرون منهم ينتمون إلى الحزب الشيوعي العراقي أو الحزب الديموقراطي الكوردستاني. الفيليون كانوا ضحايا للإضطهاد الحكومي حينما وصل البعث إلى الحكم لأوّل مرّة، وهذا الأمر يقود إلى التفكير بأن قيادة البعث شخصتهم كمثيري إضطرابات لأسباب أيديولوجية وإقتصادية وسياسية في آن واحد، على الصعيد الأيديولوجي فالفيليون كأقلية قومية ودِينية لا يدخلون ضمن إطار مـــبدأ ( الأمة العربية) لمؤيّدي البعث، وقد سعى البعث دائماً إلى تطبيق المباديء الأيديولوجية للحزب عملياً وإستغل صدام حسين دائماً الإختلافات الموجودة بين الشعب العراقي لحسابه وسعى إلى تقوية السلطة لأن هذا الإعتبار كان جوهريا لديه. على أيّ حال فالقومية العربية التي نادى بها حزب البعث حملت في طياتها بذور العنصرية، وللدلالة على ذلك نذكر حملات التعريب الوحشية في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين في كوردستان، ومن هذا المنطلق يظهر جليا بأن ترحيل ما يسمونهم إفتراءاً بـ ( الإيرانيين) كان يتوافق فكرياً مع مبادئهم. نظراً للسلوك اللا أخلاقي والفعلي لنظام البعث فالتفسير الأيديولوجي لن يكون على الإطلاق كافياً، ولذلك يُمكننا الإستنتاج بأن الباعث الإقتصادي لعب أيضاً دوراً مهماً فالاهداف التي تم تعيينها شملت بشكل رئيس الطبقة المؤثرة من التجار حيث قاموا مباشرة بحجز أموال هذه العوائل قبل توزيعها وبيعها، أو قد تمّ إستخدامها مِن قِبَل حزب البعث، حيث إنتقلت شركات وأعمال المرحلين الى مؤيدي وأعوان النظام فأصبحت إذاً تحت سيطرة الحزب. ولم يكن ذلك إلا خطوة إضافية بإتجاه ( تبعيث) المجتمع العراقي بأكمله، ولكن لم يتطابق حساب حقل البعثيين مع حساب بيدرهم حيث ظهر بسرعة للعيان بأن الترحيل قد أثرّ على الإقتصاد العراقي. لم يخسر البلد عدة مئات من رجال الأعمال والصناعيين المُتمرسين فقط، وإنما كذلك آلاف الفنيين والجامعيين والعمال الماهرين. وقد أدى الوضع أثناء الحرب ضد إيران إلى نقص في عدد الأيدي العاملة، حيث لم يُعد العراق قادراً على سدّ الطلب من دون دعوة الملايين من العمال الأجانب إليه. فضلاً عن الحجج الإقتصادية والأيديولوجية فربما تمّ إتخاذ قرار الترحيل لإعتبارات تكتيكية سياسية أيضاً. فبعد وصول صدام حسين بصورة نهائية إلى قمّة السلطة قام مباشرة بوضع النظام كلّه تحت تصرفه. لم يكتف صدام حسين بجهاز الحزب فقط، وإنما أراد إمتلاك الجيش أيضاً قبل أن يمّد يده إلى إقتصاد ومجتمع بلده. فعبرَ ترحيل الكورد الشيعة أبعد صدام حسين عن الساحة السياسية أقلية كانت تحمل بالأحرى موقفاً إنتقادياً تجاهه، ولأن وزنها الإقتصادي كان يُمكن أن يشكّل خطراً كامنا عليه. وبما أنهم كانوا يسكنون على أطراف بغداد مركز السلطة، فهذا الأمر كان يثير أيضاً حذر حزب البعث. وكإستنتاج فالترحيل أنهى الكورد والشيعة اللذين كانا يُشكلان أخطر مجموعتين حادّتين وشرستين يُعارضان نظام صدام حسين بشكل مُستمر. بإختصار أن الترحيل كان باعثه مزيج من الحجج الأيديولوجية والإقتصادية والسياسية، فالكورد الفيليون كانوا في عيون النظام يمثلون عاملاً لإثارة إضطرابات من المحتمل وقوعها، ولذا فقد قاموا بتنفيذ الحملة قبل الحرب مع إيران وأثناءها. وقد تمكنت الدعاية البعثية في إقناع الشعب بأنّها تشكّل ( طابوراً خامساً) لإيران. إلصاق التهمة الجماعية بهم على أنهم ( إيرانيون) دفع العراقيين إلى الإعتزاز بالشعور القومي وفي نفس الوقت تمكنّت الدعاية من إستخدامها كوسيلة لتحذير المُعارضين.
بعد الترحيل:
عند وصولهم إلى إيران بدأ المُرحلّون حياة الغربة فقد وزعتهم الإدارة الإيرانية في عدّة معسكرات تقع في محافظات مختلفة كخوزستان وفارس وقدمّت لهم حداً أدنى من وسائل العيش والخيم والأدوية، ولم يسمحوا لهم بترك المعسكر بمحض إرادتهم. ومن عام ۱۹۸۰ إلى عام ۱۹۸۲ كان القادمون الجُدد يلتقون بمواطنيهم من مُرحلي الموجة الأولى، أي قبلهم بعشر سنوات، والوسيلة الوحيدة التي كانت لديهم لترك المعسكر هي أن يلتقوا بإيرانيين. وكذلك في زمن لاحق بأقارب أو أصدقاء يملكون أوراقاً نظامية في عيون الإدارة الإيرانية يَقبلون بكفالتهم ومساعدتهم في المباشرة بحياة جديدة. ولمساعدة المرحلين على القيام بالإتصالات الضرورية كانت السلطات الإيرانية تنشر قوائماً بأسماء العراقيين الواصلين حديثاً. الموارد التي قدمتها إيران للمساعدة الإنسانية كانت قد تقلصت بشكل كبير بسبب الحرب، وبسبب العدد الهائل من اللاجئين الهاربين من الحرب الأهلية في أفغانستان، ولكن من جهة ثانية فالشيعة العراقيون كانوا إخوتهم في الدِين وضحايا للنظام البعثي المُعادي، فكان من ضمن واجبهم مساعدتهم لأسباب ليس فقط دِينية وإنسانية وإنما سياسية أيضاً، حيث كان باستطاعة إيران الإستفادة من المُرحلين واللاجئين في صراعها ضد العراق خاصة بتشكيلها مُعارضة عراقية في المنفى. أعضاء الأحزاب الإسلامية الهاربون من العراق كانوا يواصلون نشاطاتهم بشكل رئيس تحت رعاية ملالي إيران، وخير مثال على ذلك هو تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق من قبل آية الله محمد باقر الحكيم في طهران. وبدَورهم شكّل الكورد الفيليون تنظيمات خاصة بهم ففي ۲۱ آذار ۱۹۸۱ أنشأ عبد الجليل الفيلي، العضو السابق في الحزب الديموقراطي الكوردستاني حركة الكورد الفيليين التي يُمكن إعتبارها كأول حركة تُمثّل المصالح السياسية للكورد الفيليين في تاريخ العراق المُعاصر. وهي تحمل توجهات شيعية قريبة من المصالح الإيرانية، ولكنها تُدافع مع ذلك على الصعيد السياسي عن برنامج عمل قومي كوردي. أن هذه الحركة تُناضل من أجل عراق فيدرالي يتم فيه منح الحكم الذاتي للكورد حتى على الأراضي التي يتواجد عليها الفيليون. بقيَ الوضع القانوني للمُرحلين العراقيين رغم كل ذلك سيئاً جداً، فالحكومة الإيرانية كانت تنظر إليهم دائماً كعراقيين، ولذلك لم تمنحهم الجنسية الإيرانية، وإنما يَقبلون بهم كلاجئين سياسيين. في إيران تمكّن مُعظمهم الحصول على ( البطاقة الخضراء) التي تعطيهم حق الإقامة والعمل، وحق الحصول على الإعانة الإجتماعية، والحق في شراء الأرض حتى السيارة، ولكن ويا للغرابة! لم تعطيهم حقاً بالزواج. إشتكت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان Human Rights في عام ۱۹۹۰ بأن اللجنة العليا للاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لا تزال لا تعترف بالمُرحلين كلاجئين يقعون ضمن مسؤوليتها بل نظرت إليهم كأشخاص هَجروا بيوتهم بسبب الحرب طبقاً للإتفاقية الرابعة لجنيف وقدرّت بالنتيجة بأن الهيئة المؤهلة لمساعدتهم هي اللجنة الدولية للصليب الأحمر (CICR) . ومنذ هذا التاريخ قامت الـــ HCR بالتعاون مع الحكومة الإيرانية بمساعدة اللاجئين والمطرودين العراقيين ورتبت كذلك منذ نهاية عام ۲۰۰۳ عودة الراغبين إلى بلدهم في أيلول ۲۰۰٤. أشارت اللجنة بأنها ساعدت حوالي ۹۰۰۰ عراقي على مغادرة الجمهورية الإسلامية لإيران بإتجاه العراق. في عام ٢٠٠٣ ثمة أكثر من 120000 لاجيء عراقي عادوا بمحض إرادتهم إلى وطنهم وقد قَدِموا من مختلف الجهات.
العودة والتعويض؟:
يعيش الكورد الفيليون اليوم في مجموعة من الدول الغربية وبالأخص في السويد وبريطانيا العظمى، وقد أسّسوا عشرات الجمعيات الثقافية على الصعيد الإقليمي. وفي نهاية عام ٢٠٠٢ شكلّوا فيدرالية عالمية، يُعد المجلس العام للكورد الفيليين نفسه ممثلاً للمصالح المدنية للفيليين العراقيين ويطالب للمُرحلين بحق العودة وحق التعويض، وكذلك الإعتراف بهويتهم العراقية، ويطالب أيضاً بإلقاء الضوء على مصير آلاف المفقودين. ورغم عدم إعلان نفسه كتنظيم سياسي بشكل مكشوف فقد سارع المجلس بفتح مكتب في بغداد وأرسل له ممثلاً لدى المجلس الوطني العراقي. يُنادي المجلس بتشكيل دولة عراقية ديموقراطية وفيدرالية حيث يتم فيها إدارة الأراضي الفيلية ضمن إطار ذاتي كوردي. ووفقاً لرؤيته يمكن ربط المدن والمحافظات المأهولة بالفيليين التي تقع خارج كوردستان- كخانقين ومندلي وبدرة- بالمحافظات الكوردية فيما إذا صوتّت أغلبية مواطنيها على هذا الخيار. يُنادي المجلس بأن يذكر بشكل صريح حقوق الأقليّة الفيلية في الدستور العراقي الجديد. أعلنت الحكومة العراقية المؤقتة في شهر أيلول من عام ۲۰۰٤ إلغاء مراسيم مجلس قيادة الثورة الخاصة بقانون الجنسية، وأضافت بأن كلّ المُرحلين إلى إيران سوف يَستعيدون جنسيتهم، ومع ذلك فبعض العراقيين المقيمين في ألمانيا قد واجهوا صعوبات كبيرة لإثبات جنسيتهم القديمة. ومن الصعوبة إيجاد وسيلة أو طريقة لإستعادة الأموال المحجوزة للكورد الفيليين أو لضحايا النظام الآخرين لأن السلطات العراقية جردتهم من وثائق التملك التي يمكن تبرير مطالبهم. ولمعالجة هذه الحالات فقد شكلّت الإدارة المدنية الأمريكية ومجلس الحكم العـراقي ( هيئة دعاوي الملكية) Iraq Property Claims commission حيث وفقا لنظامها الداخلي تقوم هذه اللجنة ( الهيئة!) بإستلام الطلبات وتعمل على كشف ودراسة الممتلكات المحجوزة في كل البلاد منذ ۱۷ تموز 1968 تاريخ إستلام حزب البعث للسلطة وإلى ۹ نيسان ۲۰۰۳ يوم سقوط النظام. في شهر أيلول ۲۰۰٤ كان قد تم تسجيل ۱۹۰۰۰ طلباً حيث كان معظمها في كوردستان. إنّ عودة عشرات الآلاف من المرحلين واللاجئين العراقيين المقيمين في إيران والدول الأخرى تضع السلطات والمجتمع العراقي أمام تحدي كبير خاصة إذا أضفنا إليها مشكلة حوالي مليون شخص تمّ ترحيلهم داخل حدود البلد في نهاية عام ٢٠٠٤، حيث ظهرت إلى العَلَن مُجابهات حامية بين مالكي البيوت القدامى وبين شاغليها الحاليين. عاشت عائلة إيمان فرج بدَورها هذه التجربة أيضاً: ( تُقيم والدتي اليوم في السويد وقد ذهبت إلى العراق بعد سقوط صدّام حسين لقضاء عدة أشهر فيه. حملت معها وثائق تمليك دارنا في بغداد، ولكن الشاغل الحالي لم يكن ذلك البعثي الذي أهدته الحكومة سابقاً، حيث قام هذا الأخير ببيعه. بعد بحث طويل إستطاعت والدتي العثور عليه فلم يكن مستعداً بالإستماع إليها فهدّدته والدتي بإعلام الأمريكان أو الأحزاب الكوردية فخاف وأعاد للمشتري أمواله وبهذه الطريقة تمكّنا من إستعادة الدار). فقدت إيمان فرج ستة من أبناء أعمامها حيث فرقوهم عن أقاربهم الذين لم يسمعوا عن أخبارهم منذ ذلك اليوم وفي عام ٢٠٠٣ عرفت العائلة بموتهم. رغم كل هذه التجارب المريرة والإبتعاد القسري عن بلدها لأكثر من عشرين سنة ترغب إيمان فرج بالعودة يوماً حالما إستتب الوضع الأمني فيه، وثمّة أعداد كبيرة من المرحلين تفكّر مثلها لأن الكورد الفيليون يشعرون بعراقيتهم، وصدام حسين رغم جهوده لم يتمكن من إزالة هذا الإحساس من قلوبهم”.
[1] – ورد في موقع الكتروني رسمي بعنوان ( وثائق وحقائق عراقية) المنشور في 20 يوليو من العام 2020 ما يلي: ” كتاب اسمه صدام الاسود 23 ثلاث وعشرون خبيراً منهم الدكتور صاحب الحكيم يصدرون الكتاب الاسود لصدام حسين باللغة الفرنسية منهم وزير الخارجية الفرنسية السابق برنار كوشنر”.
باريس- ” ا. ف. ب”: وكالة الانباء الفرنسية A F P: أصدر 23 اختصاصياً في القضايا الدولية والعراق، منهم الدكتور صاحب الحكيم كتاباً باللغة الفرنسية بعنوان ( الكتاب الاسود لصدام حسين) LIVRE NOIR DE SADDAM HUSSIN يكشف التاريخ المعاصر لهذا البلد منذ تولي البعث السلطة في 1968. ويُقدّر عدد ضحايا الرئيس العراقي السابق بـــ 2000000 مليونين. ويأتي الكتاب الذي أشرف عليه كريس كوتشيرا الكاتب والصحفي المُلّم بالقضية الكوردية منذ اكثر من 30 سنة، ومؤلف كُتب مرجعية عديدة حول هذا الموضوع في 700 صفحة. ويُعد الوزير الفرنسي الاشتراكي السابق برنار كوشنير الذي عَمِلَ في 1974 في المنطقة الكوردية العراقية مع منظمة ( أطباء بلا حدود) التي ساهم في تأسيسها: أن ” صدام كان أحد اسؤا طغاة تاريخ العالم”. وانه كان ” من الضروري والمُلِّحْ التخلص منه”. ويرى الرئيس الفخري للاتحاد الدولي لحقوق الانسان باتريك بودوان: أن سياسة صدام حسين كانت تقوم على ” جرائم الحرب” و ” جرائم ضد الانسانية” و ” الإبادة” وايضا ” النزوح القسري” للسكان في العراق و ” تعذيب” المُعارضين. وأجمه واضعوا الكتاب خصوصا اندريه بوبار الاستاذ في الحقوق في جامعة مونتريال على ضرورة ” قيام العراقيين بمحاكمة” صدام حسين الذي يعتقله الاميركيون منذ كانون الاول- ديسمبر 2003. ويستعرض الكتاب ” حملة الانفال” ضد الكورد في مطلع 1988 التي أوقعت ما بين 100000 و 180000 مئة ومئة وثمانين ألف قتيل ومفقود حسب كوتشيرا. وكذلك قصف حلبجة بالسلاح الكيميائي ( 5000 قتيل) بالاضافة الى عمليـــــــــــات ” الترحيل” لا سيما العراقيين من أصل ايراني، كما يزعم نظام صدام المجرم عام 1980. ” وكذلك قتل وتعذيب واختفاء آلاف الاشخاص من الشيعة في المقابر الجماعية وقمع افراد هذه الطائفة واعدام المراجع وعُلماء الدِين، مثل عائلة الحكيم الذين اختفوا في مقابر جماعية وضرب الاهوار واغتصاب النساء وتعذيبهن، وقتلهن…”. الدكتور صاحب الحكيم. مقرر حقوق الانسان تموز / 2020″.