*فاضل ميراني
استعير من الاحكام القضائية صفتين هما الحكم الكاشف للمركز القانوني و الحكم المُنشىء للمركز القانوني، و اضع الاستعارة في موضوع لا يصح اغفاله مهما استجدت امور متوقعة و غير متوقعة في بلادنا التي تخضع القرارات فيها لتأثيرات قوى و متأثرات ضعف بسبب الارتباك الذاتي امام تطبيق النظام وفق الدستور.
قبل هذا و بلا فخر، كنا اول من عمل بالأليات الديمقراطية قدر استطاعتنا و بقدر قبول الاخرين و مبكرا لرسم مقدمات النظام الجديد للعراق قبل تبدله بما يزيد على عشر سنوات، وتجربتنا يومها لم تسلم من الاذى، داخليا و اقليميا في صفحة نمقتها و لا ننكرها، لكننا ومع كل الخسارة جرائها، صمدنا في تحد حتى لا نفوت على شعبنا و باقي العراقيين فرصة نادراً ما تجود بها المعادلات السياسية الكبرى في قبول نهوض في الوعي بمنطقة الشرق الاوسط دون ان نهمل دور انظمة كبرى في رعاية تجربتنا.
اعود للقول كتابة: ان المركز القانوني الذي أُنشىء بموجب انتخابات برلمان كوردستان بعد الانتفاضة و ما تلاه من مركز قانوني لحكومة كوردستان هي مراكز لا تلغى لا بالمزاج و لا بالجهل بالقانون، و المركز القانوني يحدد الشخصية و التزاماتها و حقوقها وفق قواعد مجردة تحكم مثيلها من الحالات.
ثمة ايمان مشترك بيننا في الحركة التحررية الكوردستانية و في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، يرفض فكرة الوصول للسلطة على شاكلة و مضمون كثير من الامثلة السابقة و المعاصرة لسلطات تختصر السلطة بذاتها و تشكل هيئات حكم مسند بتشريعات لا تمت للمواكبة و لا للحقوق الاجتماعية بصلة حيوية، ولذا و رغم صعوبة الظرف و المكان و الماضي و برغم اتساع التحديات الا اننا و بفكر مصطفى البارزاني الذي يمثل في سياستنا مصدرا رئيسا، نفذنا مشروعا ديموقراطيا سباقا و مؤثرا في الحياة السياسية العراقية، ربما لا ينتبه له او لا يريد الاقرار به من يرى فوزه الانتخابي مضمونا بوسائل ليست من الديموقراطية في شيء.
عندما اقمنا الكيان الرسمي لكوردستان اتبعنا حقنا القانوني في اختيار شكل الحكم و العلاقة مع المركز، وهذا مثبت في دستور دائم للبلاد، بلاد راكم كثير من حكامها الاهوال على اهلها، وبذا فأن المركز القانوني لنا مثلما لغيرنا من اصحاب المراكز الموضوعية محمية بقانون، وانا لا اريد الكتابة في هذا المقال المقتضب عن الدور السياسي في الممارسة غير المتناغمة مع الدستور و ما يشتق منه من قوانين و انظمة و لوائح، فتلك قضايا تطرق في وقته و قد طُرق بعضها كتابة و نقاشا و في اجتماعات كثيرة، و اختصارها ان فهم السلطة يستوجب الاحاطة بقوانين الدولة.
كيان كوردستان جزء من الكيان العراقي، وجزء فعال في الحفاظ على هذا الكيان، وجزء دستوري و قانوني منه، وجزء لا يجوز اختصاره بالعطاء و المنع من سياسي في السلطة او بمركز اعلى منها.
عليه فأن تعمد الاضرار بكوردستان هو امتناع عن تنفيذ القانون، وهو اضرار بالمركز القانوني لدولة فيدرالية.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني